“بوينغ” تستأنف شحن طائراتها إلى الصين مع انخفاض التوترات التجارية

بدأت شركة “بوينغ” الأميركية شحن طائراتها التجارية إلى الصين لأول مرة منذ أوائل أبريل، في مؤشر على إعادة فتح تدفقات التجارة وسط الحرب الجمركية التي طال أمدها بين الولايات المتحدة وأكبر اقتصاد في آسيا.
أقلعت طائرة “بوينغ 737 ماكس”، المسجلة تحت الرقم “N230BE” صباح يوم الجمعة باتجاه هاواي، وفقاً لبيانات الرحلات على موقع “فلايت رادار 24” (Flightradar24). وتمثّل هاواي المحطة الأولى في الرحلة عبر المحيط الهادئ إلى مركز “بوينغ” في تشوشان بالصين، حيث تُنجز الشركة عادة تسليم هذا الطراز لعملائها المحليين.
يأتي الاستئناف المرتقب لشحن طائرات “بوينغ” إلى الصين، وهي من أكبر أسواق الطيران في العالم، بعد سجال بين واشنطن وبكين بشأن تراخيص تصدير المعادن النادرة وأشباه الموصلات.
وامتنعت متحدثة باسم “بوينغ” عن التعليق.
قطاع الطيران في قلب توترات التجارة
في عهد الرئيس الأميركي دونالد ترمب، أصبح قطاع الطيران التجاري متورطاً بشكل متزايد في المفاوضات حول الرسوم الجمركية، مع ارتباط الاتفاقات في كثير من الأحيان بطلبات شراء طائرات “بوينغ”.
وقد برزت أهمية هذه الرهانات هذا الأسبوع، بعدما أفادت “بلومبرغ” بأن الصين تدرس تقديم طلب لشراء مئات الطائرات من منافس “بوينغ” الأوروبي “إيرباص”، في أقرب وقت خلال الشهر المقبل.
أفادت بيانات “فلايت رادار 24” بأن طائرة “بوينغ 737 ماكس” أقلعت حوالي الساعة العاشرة صباحاً بتوقيت سياتل يوم الجمعة. وانطلقت الطائرة من مطار مقاطعة كينغ الدولي “بوينغ فيلد”، جنوب وسط مدينة سياتل، متجهة إلى كايلوا-كونا في هاواي، بحسب البيانات.
في السابق، كانت طائرات مسجلة تحت الرقم “N230BE” تتجه إلى مركز تسليم “بوينغ” في تشوشان بالصين ثم عادت إلى سياتل، عندما طلبت بكين من شركات طيرانها رفض تسلّم الطائرات المصنّعة في الولايات المتحدة.
الهدنة التجارية تخفّف الرسوم وتعيد فتح باب التسليمات
كان مسؤولون في الحكومة الصينية قد رفعوا يوم 12 مايو الحظر المفروض على شركات الطيران الصينية بخصوص استلام طائرات “بوينغ”، وذلك بعد التوصل إلى هدنة مع الولايات المتحدة خفّضت مؤقتاً الرسوم الجمركية بين الجانبين.
خفّضت الصين رسومها الجمركية من 125% إلى 10% على السلع الأميركية، في حين وافقت الولايات المتحدة على خفض رسومها المركّبة من 145% إلى 30% على معظم الواردات الصينية.
لكن الاتفاق الذي تم التوصل إليه في جنيف صالح لمدة 90 يوماً فقط، ما يترك “بوينغ” وعملاءها الصينيين عرضة لتقلبات جديدة في النزاع التجاري.
ويضاف إلى ذلك حالة عدم اليقين المتزايدة في ظل مساعي البيت الأبيض لفرض قيود جديدة على التكنولوجيا الأميركية التي تُنقل إلى شركة الطائرات التجارية الصينية “كوماك”، الشركة التي تطوّر طائرة لمنافسة “بوينغ” و”إيرباص”.
حذر لدى شركات الطيران الصينية
لا تزال شركات الطيران الصينية تتصرف بحذر إزاء استئناف استيراد الطائرات الأميركية. وقد بدأ نشاط التسليم يرتفع في الآونة الأخيرة في منشآت “بوينغ” في سياتل، بما يشمل طائرات مخصصة لشركات “إير تشاينا”، و”هاينان إيرلاينز”، و”شيامن إيرلاينز”، بحسب موقع “أفيايشن فلايتس” (Aviation.flights) المتخصص في تتبع حركة الطائرات لدى الشركة المصنّعة.
بالنسبة إلى “بوينغ”، تمثّل هذه الخطوة فرصة حيوية لتصفية مخزونها من الطائرات الجاهزة، وهو ما يشكل خطوة مهمة لتحسين وضعها المالي. كما أن الخلاف التجاري عطّل أول طلب رئيسي للطائرات من الصين منذ زيارة ترمب إلى بكين عام 2017.
لطالما كانت للطرفين مصلحة متبادلة في الحفاظ على التجارة في قطاع الطيران، الذي شكّل تقليدياً مصدراً كبيراً للفائض التجاري لصالح الولايات المتحدة.
ولا يمكن لشركات الطيران الصينية الاعتماد بالكامل على منافس “بوينغ” الأوروبي “إيرباص”، ولا على الصانع المحلي “كوماك”، لتوفير الطائرات اللازمة لتوسيع عملياتها. كما أن شركة “كوماك” لا تزال بحاجة إلى محركات، وإلكترونيات طيران، وتكنولوجيا أخرى مصنّعة في الولايات المتحدة لتطوير طائرتها “C919”.
كانت “بوينغ” تأمل في تسليم 50 طائرة إضافية إلى الصين عندما اندلعت أحدث جولة من النزاع التجاري في أبريل، بعدما ردّت بكين على الرسوم الجديدة التي فرضها ترمب من خلال رفع الرسوم الجمركية، ما جعل الطائرات الأميركية الصنع باهظة التكلفة بالنسبة لشركات الطيران الصينية.
“بوينغ” مستعدة للبحث عن مشترين
مع ارتفاع الطلب على الطائرات الجديدة مقارنة بالعرض، أشارت “بوينغ” إلى أنها مستعدة للبحث عن مشترين جدد في حال تعثّرت تسليمات الطائرات المخصصة للصين بسبب النزاع التجاري.
لكن محاولة تسويق هذه الطائرات قد تعرقل قدرة “بوينغ” على تحقيق أهدافها في التسليمات على المدى القريب، بحسب ما كتبت المحللة كريستين لياوغ من “مورغان ستانلي” في مذكرة للعملاء بتاريخ 16 مايو.