عام مميز لصناديق تحوط العملات المشفرة رغم تفوق “بتكوين”
خلال عام متميز للعملات المشفرة، حققت صناديق التحوط التي تركز على الأصول الرقمية أداءً جيداً كما كان متوقعاً. إلا أن أغلبها لم يتمكن من مضاهاة أداء عملة “بتكوين” الأكثر شهرة في القطاع.
حقق عدد من صناديق تحوط العملات المشفرة أرباحاً في خانة العشرات العام الماضي، وصعد مؤشر “فيجن تراك” المركب (Vision Track Composite Index)- الذي يتتبع أداء 130 صندوق تحوط متخصص بالعملات المشفرة- 40%، وفقاً لبيانات “فيجن تراك” التابعة لشركة “غالاكسي” (Galaxy).
لكن تلك المكاسب ضئيلة مقارنةً بما حققته “بتكوين”، إذ ارتفع سعرها 120% ليتجاوز مستوى 100 ألف دولار لأول مرة.
التفوق على أداء “بتكوين” صعب
يبذل عدد من صناديق التحوط قصارى جهدهم للتميز عن غيرهم عبر استراتيجيات استثمار خاصة أو مبتكرة لا تشمل دوماً شراء العملة المشفرة الأكبر في العالم من حيث القيمة السوقية، ما يعني أن تلك الصناديق التي لم تستثمر في “بتكوين” فوتت على نفسها فرصة جني مكاسب كبيرة من ارتفاع السعر.
اقرأ المزيد: العملات المشفرة تختتم عام المكاسب القياسية متطلعة لوعود ترمب
إلا أن المستثمرين الذين سعوا إلى الانكشاف على العملات المشفرة في العام الماضي أيضاً اتجهوا إلى الصناديق المتداولة التي تحتفظ بـ”بتكوين”، إذ تتميز هذه الصناديق بسهولة التداول وانخفاض الرسوم. ما مكن المستثمرين من دخول السوق دون الحاجة إلى الاستثمار عبر الاستراتيجيات ذات الرسوم الأعلى.
قال ديفيد كالك، مؤسس وكبير مسؤولي الاستثمار بشركة “رفلكسيف كابيتال” (Reflexive Capital)، التي تدير صندوق تحوط يستثمر في “بتكوين” ضمن استثمارات أخرى، إن “2024 كان عاماً حافلاً بالتحديات أمام كثير من صناديق تحوط العملات المشفرة لأنه كان عام متميز لـ(بتكوين) وعملات الميم، وهي الأصول التي حققت الأداء الأفضل، أما بقية الأصول الرقمية فلم تحقق المستوى نفسه من الأداء”.
يرى ديفيد جيونغ، الرئيس التنفيذي لـ”تريد دوت فاي” (Tread.fi)، منصة تداول العملات المشفرة المعتمدة على الخوارزميات والمخصصة للشركات الاستثمارية، أن التفوق على أداء “بتكوين” يشكل تحدياً كبيراً أمام صناديق تحوط العملات المشفرة، نظراً لأن “توقع هذه التغيرات بالغ الصعوبة”. وفي عالم صناديق التحوط، يعد تجنب انخفاض الأسعار أمراً بالغ الأهمية، لذا لا يمكن أن تقتصر الرهانات على ارتفاع الأسعار بشكل كامل. كما يوجد أمام المستثمرين طرقاً بديلة للاستثمار في العملات المشفرة.
صناديق التحوط تجني مكاسب كبيرة
مع ذلك، فصناديق التحوط التي تصب اهتمامها على استراتيجيات الاستثمار المعتمدة على اتجاه السوق والتحليل الكمي في قطاع الأصول الرقمية حقق أفضل متوسط أداء خلال العام الماضي، وفق بيانات “فيجن تراك”. إذ صعد مؤشر “فيجن تراك” الكمي الاتجاهي 53.7%، فيما حقق مؤشر “فيجن تراك” الأساسي مكاسب بنسبة 40% خلال الفترة نفسها. وارتفع مؤشر “فيجن تراك” المتوازن نحو 18.5%.
اقرأ أيضاً: بتكوين تحوم قرب 95 ألف دولار مع تراجع توقعات خفض الفائدة الأميركية
حقق صندوق “ألفا ليكويد فند” التابع لشركة “غالاكسي ديجيتال” (Galaxy Digital) أرباحاً بنسبة 76.6% خلال 2024، بحسب شخص مطلع على أداء الصندوق. ورفض ممثل “غالاكسي” التعليق على الأرباح نظراً لأن المعلومات غير متاحة للعامة.
أما “برو تشين ماستر فند”، صندوق الاستثمار في العملات المشفرة الذي يتبع عدة استراتيجيات وأسسه ديفيد تاويل في 2018، فبلغت مكاسبه نحو 70% في العام الماضي- بعد ارتفاعها 80% خلال 2023- بفضل الاستثمارات الكبيرة في العملات المشفرة ذات القيمة السوقية الكبيرة، ومن بينها “بتكوين”.
وقال تاويل: “نسعى للوصول إلى أفضل عائدات معدلة وفق المخاطر، وصدقاً، واضح أننا نجحنا في ذلك خلال العام الماضي، إذ أن أداء الرموز الرقمية ذات القيمة السوقية الكبيرة تفوق بفارق كبير على سوق العملات المشفرة بشكل عام. فإذا كنت تمتلك عملات بخلاف (بتكوين) و(إيثريوم)، فإن الأداء لم يكن على نفس المستوى”.
أداء أفضل لصناديق تراهن على المعطيات الأساسية
الصناديق المعتمدة على بحوث المعطيات الأساسية وأوضاع الاقتصاد الكلي، التي تتوقع بشكل كبير ارتفاع أسعار الأصول المشفرة بناءً على بحوث المعطيات الأساسية في العملة المشفرة أو سلسلة الكتل (بلوكتشين)، حققت أداءً جيداً بشكل عام.
وعد ترمب بصنع “بتكوين” أميركية يستحيل الوفاء به
تدير “رفلكسيف كابيتال”- ومقرها في سان فرانسيسكو- صندوق تحوط عملات مشفرة يعتمد على تحليل المعطيات الأساسية ويميل لمراكز الشراء في العملات المشفرة، وارتفع صافي أرباحها 106% خلال 2024، بحسب شخص مطلع على الأداء. ورفض كالك من “رفلكسيف” التعليق على أداء الصندوق الذي أسسه.
أما صندوق “تفرا ديجيتال أسيت فند” الذي يديره خبيرا “وول ستريت” السابقين ريان برايس وراجاف تشوبرا، فارتفع إجمالي أرباحه بنحو 100% بحلول نهاية ديسمبر، مقابل 41% خلال العام السابق، وفق ما ورد في خطاب الصندوق إلى المستثمرين عن ديسمبر بتاريخ 6 يناير، الذي اطلعت عليه “بلومبرغ”. ورفض برايس وتشوبرا التعليق على أداء الصندوق.
وقال فريق لدى “غالاكسي ريسيرش” في بيان أُرسل عبر البريد الإلكتروني: “كان عام حافل بالتقلبات على صناديق تحوط العملات المشفرة، شهد انخفاضاً كبيراً في الأسعار بما بين 20% و30% خلال فصلي الربيع والصيف، لكن العام انتهى بارتفاع كبير في الأسعار. كان هناك تباين كبير في العائدات، فالصناديق التي حققت أداءً دون المستوى لم تستفد من الارتفاع الكبير الذي حدث في نوفمبر، والمجموعة الأفضل من الصناديق وحدها من تمكنت من التفوق على أداء (بتكوين) خلال العام”.
فوز ترمب يعطي دفعة للقطاع
تحققت معظم مكاسب صناديق تحوط العملات المشفرة خلال الربع الأخير من 2024، بحسب بيانات “غالاكسي”، في ظل تغير موقف الرئيس المنتخب دونالد ترمب، ليتحول من مشكك في العملات المشفرة إلى أكبر داعم للقطاع، وأدى فوزه بالانتخابات الرئاسية الأميركية إلى ارتفاع سعر “بتكوين” والعملات المشفرة الأخرى إلى مستويات جديدة.
نظرة مستقبلية إيجابية للعملات المشفرة في 2025
فضلاً عن الأداء المتميز لـ”بتكوين” خلال العام، هناك أيضاً النجاح الكبير الذي صاحب إصدار الصناديق المتداولة التي تستثمر مباشرة في “بتكوين” في الولايات المتحدة، إذ حطم “آي شيرز بتكوين ترست” (iShares Bitcoin Trust)، صندوق “بتكوين” المتداول التابع لشركة “بلاك روك”، أرقام القطاع القياسية مع إصداره في أوائل 2024، وخلال 11 شهراً فقط، ارتفع حجم أصوله لأكثر من 50 مليار دولار.
تعزز الأرباح الكبيرة التفاؤل بين من يسعون لجمع رأس مال جديد، بالأخص مع دعم إدارة ترمب الجديدة للقطاع.
واختتم كالك من “رفلكسيف”: “حدث تغير حقيقي في حماس المستثمرين تجاه القطاع بفضل ذلك الدعم. يبدو أن عملية جمع التمويل كانت صعبة جداً خلال الأعوام القليلة الماضية، إلا أن هذا الوضع سيتغير على الأرجح خلال 2025”.