نشاط المصانع في الصين يواصل التحسن بعد الهدنة مع واشنطن

تحسن نشاط المصانع في الصين للشهر الثاني على التوالي، إلا أنه بقي ضمن نطاق الانكماش، في وقت بدأت فيه التجارة بالتعافي عقب الهدنة المعلنة في الحرب الجمركية مع الولايات المتحدة، بينما لا يزال ضعف الطلب المحلي يشكل عبئاً على الاقتصاد.
سجل مؤشر مديري المشتريات الرسمي لقطاع التصنيع 49.7 نقطة في يونيو، مقارنة بـ49.5 نقطة في مايو، متجاوزاً قليلاً متوسط التوقعات في استطلاع أجرته “بلومبرغ”. يعد أي مستوى دون 50 نقطة مؤشراً على الانكماش.
في المقابل، ارتفع مؤشر الأنشطة غير التصنيعية، الذي يشمل قطاعات البناء والخدمات، إلى 50.5 نقطة مقارنة بـ50.3 في الشهر السابق، وفقاً لما أعلنه المكتب الوطني للإحصاء يوم الإثنين، ليتجاوز التوقعات التي بلغت 50.3 نقطة.
ارتفع اليوان الخارجي بنسبة 0.2% بعد صدور البيانات، ليصل إلى 7.1626 لكل دولار أميركي. كما تراجعت العقود الآجلة للسندات الحكومية الصينية لأجل 30 عاماً بنسبة وصلت إلى 0.6%، وهي أكبر خسارة خلال شهر، مع تقليص المتعاملين رهاناتهم على مزيد من التيسير النقدي.
توسع طلبات التصنيع
في قطاع التصنيع، توسع مؤشر الطلبات الجديدة للمرة الأولى منذ ثلاثة أشهر، في حين تدهور مؤشر التوظيف مجدداً بعد تحسن طفيف في مايو. وأظهر المسح أن أكثر من نصف الصناعات الـ21 المشمولة جاءت في نطاق التوسع.
قال تشاو تشينغه، كبير الإحصائيين في المكتب الوطني للإحصاء، في بيان: “تسارعت أنشطة الإنتاج الصناعي وتحسن الطلب في السوق”.
تعد بيانات مؤشر مديري المشتريات أول قراءة رسمية تصدر كل شهر لتقديم لمحة سريعة عن أداء الاقتصاد الصيني. وتشير القراءة الأخيرة إلى أول شهر كامل بعد اتفاق بكين وواشنطن على هدنة تجارية مدتها 90 يوماً.
يسهم الطلب الخارجي، الذي مثّل نحو 40% من النمو الاقتصادي في الربع الأول، في تعويض ضعف إنفاق المستهلكين داخل البلاد. إلا أن ذلك يفرض على الصين الحفاظ على علاقات مستقرة مع شركائها التجاريين، لا سيما الولايات المتحدة، التي توصلت معها بكين مؤخراً إلى إطار تجاري نهائي تم التفاوض عليه في جنيف.
نص الاتفاق على تقنين الشروط التي تم التوصل إليها في المحادثات التجارية بين البلدين، بما في ذلك التزام بكين بتوريد المعادن الأرضية النادرة المستخدمة في صناعات تمتد من توربينات الرياح إلى الطائرات النفاثة.
على الرغم من هذا التحسن، لا يزال مستقبل قطاع التصنيع في الصين خلال ما تبقى من العام غير واضح، في ظل غموض آفاق التصدير واستمرار غياب اتفاق تجاري دائم.
تحسن الثقة
رفعت عدة بنوك عالمية، من بينها “بنك أوف أميركا” و”سيتي غروب”، توقعاتها لنمو الاقتصاد الصيني في عام 2025، على خلفية تحسّن الثقة الناتج عن الهدنة الجمركية. ومع ذلك، لا يزال خبراء الاقتصاد الذين شملهم استطلاع “بلومبرغ” يتوقعون نمواً بنسبة 4.5% هذا العام، وهو أقل بكثير من الهدف الرسمي البالغ نحو 5%.
قال ريموند يونغ، كبير الاقتصاديين للصين الكبرى في مجموعة “أستراليا ونيوزيلندا المصرفية”، إن مؤشر إنتاج التصنيع بلغ أعلى مستوياته في ثلاثة أشهر مسجلاً 51 نقطة، ما يشير إلى أن الإنتاج الصناعي في يونيو “لن يكون سيئاً”.
أضاف: “المعضلة التي تواجه صانعي السياسات اليوم ليست النمو، بل التضخم السلبي والبطالة”، مؤكداً: “أنا لست قلقاً بشأن الناتج المحلي الإجمالي للصين”.
من جانبه، حذر ديفيد بيرديو، مبعوث الرئيس الأميركي دونالد ترمب إلى الصين، من أن الولايات المتحدة تسعى إلى إعادة هيكلة علاقاتها التجارية مع الصين والعالم، من خلال إعادة العديد من سلاسل الإمداد الحيوية إلى الداخل الأميركي.
أشار السفير الأميركي إلى أن قادة الولايات المتحدة “أغفلوا التآكل العميق في العديد من الصناعات الاستراتيجية”، في مؤشر على أن التوترات التجارية بين البلدين قد تستمر.