اخر الاخبار

هل ستندم الإدارة الأميركية على تولية إيلون ماسك على خفض الإنفاق؟

تُعلن وزارة الخزانة الأميركية في كل يوم عمل مقدار المال الذي تلقته أو دفعته الحكومة الأميركية في يوم العمل الماضي. ويُمكنك الاطلاع عليه مباشرةً من المصدر، أو بشكله المُبسَّط عبر موقع “تتبع النفقات الاتحادية في الوقت الفعلي” التابع لمشروع هاملتون.

ما تُبينه هذه الأرقام حتى الآن هو أنه برغم كل الضجيج في واشنطن حول تسريح العمال وإلغاء البرامج والتخفيضات الأخرى، فإن الحكومة الاتحادية تُنفق الأموال بوتيرة أسرع منذ تولى الرئيس دونالد ترمب منصبه في 21 يناير مقارنةً بالفترتين المماثلتين من 2023 و2024. (وعند احتساب التضخم، تقترب الأرقام بعض الشيء، لكن إنفاق عام 2025 يبقى أعلى).

ما الذي يمكن لإدارة الكفاءة الحكومية بقيادة ماسك تحقيقه؟

ما يزال الأمر في مراحله الأولى بالطبع. ومع مرور الوقت ستظهر إلغاءات العقود والتسريحات التي أحدثتها وزارة كفاءة الحكومة التي يتولاها إيلون ماسك وشاركها فيها صنّاع قرار آخرون من إدارة ترمب، ولن يكون ذلك دفعةً واحدة.

ماذا لو كانت جعجعة بلا طحن؟

بالتأكيد لا أتوقع أن تكون هنالك اختلافات في وجهات النظر، لكن مع وعود ماسك بتخفيضات تتجاوز تلك التي فرضتها مارغريت تاتشر في المملكة المتحدة في ثمانينيات القرن الماضي كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي، كما نقلت بلومبرغ نيوز الأسبوع الماضي، يجدر التفكير في سيناريو مختلف. ماذا لو اتضح أن جميع أعمال وزارة كفاءة الحكومة لا تُحدث تأثيراً يُذكر على الإنفاق الاتحادي؟

إن التحدي الرئيسي الذي تواجهه وزارة كفاءة الحكومة هو أن خفض عدد الموظفين وإلغاء العقود وحتى إغلاق الوكالات لا يُحقق سوى نتائج محدودة. شكلت رواتب الموظفين المدنيين 4% فقط من الإنفاق الاتحادي في سنة 2022 المالية؛ وبإضافة العسكريين في الخدمة، بلغت النسبة 7%.

هل تنجح وزارة الكفاءة الحكومية بقيادة ماسك بتحقيق إصلاحات اقتصادية؟

وكانت حصة عقود الوكالات غير الدفاعية 5% من الإنفاق الاتحادي للعام المالي 2023؛ وبإضافة وزارة الدفاع، يبلغ الإجمالي 12%. لقد انخفض إجمالي الإنفاق المستند لقرارات تقديرية، وهو يغطي تقريباً كل ما تفعله الحكومة باستثناء دفع فوائد الديون الوطنية وصرف المستحقات مثل الضمان الاجتماعي وبرنامجي ”ميديكير“ و“ميديك إيد“ للرعاية الصحية وما إلى ذلك، من ثلاثة أرباع إجمالي الإنفاق الاتحادي في أوائل الستينيات إلى ما لا يزيد كثيراً عن ربعه في السنوات الأخيرة.

وقد بلغ الإنفاق غير الدفاعي المستند لقرارات تقديرية، وهو الهدف الرئيسي لخطة وزارة الكفاءة الحكومية، 14.9% فقط من الإنفاق الاتحادي في السنة المالية 2023.

تجربة عهد ريغان

كان الإنفاق غير الدفاعي المستند لسلطة تقديرية هو الهدف الرئيسي في أوائل الثمانينيات أيضاً، عندما بحث ديفيد ستوكمان، مدير مكتب الإدارة والميزانية في البيت الأبيض، عن طرق لتعويض خسائر في الإيرادات سببتها تخفيضات ضريبية كبيرة اقترحها رئيسه رونالد ريغان.

نجح ستوكمان في خفض الإنفاق الحقيقي غير الدفاعي المستند لقرارات تقديرية 18% على مدى ثلاث سنوات، ولم يعد إلى مستواه الذي سبق عهد ريغان حتى عام 1999، وهذا أداء مثير للإعجاب.

لكن ذلك لم يكن كافياً لمنع استمرار ارتفاع الإنفاق الإجمالي، ويعود ذلك جزئياً إلى الزيادات الكبيرة في الإنفاق الدفاعي التي أرادها ريغان، وأيضاً إلى النمو الذي يبدو حتمياً في الضمان الاجتماعي وغيره من الاستحقاقات التي تحظى بشعبية كبيرة لدى الناخبين، لدرجة أن الكونغرس والرؤساء يحاولون تجنب مجابهتها.

ماسك يهدد بطرد الموظفين الفيدراليين إذا لم يردوا على هذه الرسالة

هذا لا يعني أنه لا ينبغي أو لا يمكن خفض الإنفاق الاتحادي المستند لقرارات تقديرية. لكن في حين أن وزارة الكفاءة الحكومية ومدير مكتب الإدارة والميزانية راسل فوغت فاجأا الجميع تقريباً في واشنطن وخارجها بسرعة تحركهما، إلا أنهما يبدوان أبرع في إحداث فوضى من إنجاز خفض فعلي في الإنفاق.

وقد تحتم التراجع عن كثير من التخفيضات وتسريحات الموظفين التي اتخذتها وزارة الكفاءة الحكومية، ويبدو أنه سيتوجب التراجع جزئياً عن إغلاق فوغت لمكتب حماية المستهلك المالي إن كان للبنوك أن تحقق استدراك القيود التنظيمية الذي تنادي به.

قرارات تخالف المصلحة

كان قرار استهداف موظفين تحت الاختبار في الجولة الأولى من التسريحات يعني إبعاد نوع من الموظفين -من عُينوا أو رُقوا حديثاً- هو من يُفترض أنك سترغب بضمهم إلى فريقك إن كنت تسعى لجعل الحكومة أكثر توثباً وكفاءة؛ وقد استُدرك هذا القرار.

ستُصعّب التخفيضات في دائرة الإيرادات الداخلية، التي تخالف الزيادات الكبيرة في أعداد موظفيها خلال عهد ريغان، تحصيل إيرادات كافية لتقليص العجز. وقد ثبت تكراراً أن الوفورات التي ادّعتها وزارة الكفاءة الحكومية مبالغ فيها بشكل كبير، وبدلاً من تحسين موثوقية البيانات، اختارت تصعيب استجلائها.

وكالات أميركية توصي موظفيها بتجاهل طلب ماسك إفشاء معلومات

احتمال أنه قد فاتني أمر مهم في هذا الشأن وارد، بل ربما مرجح. لقد قال سانتي رويز من معهد التقدم في تقرير مُنصف هذا الشهر إن من يحاولون تقييم تقدم وزارة الكفاءة الحكومية حتى الآن “أشبه بعميان يتحسسون أجزاء مختلفة من فيل”. وقد يكون هذا الفيل مدركاً لوجهته. بالتأكيد تنخرط في هذا كفاءات من الأذكياء، مثل جو غيبيا، المؤسس المشارك لشركة ”إير بي إن بي“، وستيف ديفيس، مساعد ماسك المخضرم.

لكن ماذا عن رئيسهم؟ إنه إيلون ماسك، أحد أنجح رواد الأعمال في عصرنا وقد ترك بصمته ليس عبر تطبيقٍ غبي، بل من خلال تصنيع سيارات وصواريخ حقيقية. ولكن هناك أيضاً شخصٌ معروف عبر وسم (elonmusk@) يمضي وقتاً طويلاً على تطبيقٍ غبي اسمه ”إكس“، كان يُعرف باسم ”تويتر“، وعبره يبدو إنساناً لا يسعى لمعرفة وقليل الاطلاع وعدائي وشديد التعطش لجذب الاهتمام.

تبدو إناطة مسؤولية زيادة كفاءة الحكومة الاتحادية بالشخص الأول محفوفاً بالمخاطر، لكنه ربما يستحق العناء. أما السماح للثاني بتولي أي منصبٍ قريبٍ من السلطة في واشنطن، فيبدو أشبه بتمني كارثةٍ حقيقيةٍ.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *