الرسوم الجمركية تدفع أسهم التعدين إلى أدنى مستوياتها منذ سنوات

تراجعت أسعار النحاس والنيكل والذهب، وانخفضت أسهم بعض أكبر شركات التعدين في العالم إلى أدنى مستوياتها منذ عدة سنوات، مع استمرار الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس الأميركي دونالد ترمب في زعزعة الأسواق العالمية.
شهدت الأسعار انخفاضاً حاداً مع بداية التداولات في آسيا اليوم الإثنين، بعد أن مرت عطلة نهاية الأسبوع دون مؤشرات مشجعة للمتداولين الذين كانوا يأملون بانفراجة تُبعد أكبر اقتصادين في العالم عن حافة حرب تجارية. ومع ذلك، قلّصت العقود بعض خسائرها وسط مؤشرات على أن الصين، أكبر مشترٍ للمعادن، تبحث تحفيز اقتصادها رداً على الاضطرابات التجارية.
هوى النحاس بنسبة 7.7% مع بدء التداول، وفي مرحلة ما كان متجهاً نحو أسوأ سلسلة خسائر في 3 أيام منذ الأزمة المالية الكبرى. وانخفضت أسهم “بي إتش بي” (BHP)، أكبر شركة تعدين في العالم، بنسبة وصلت إلى 9.7% لتسجل أدنى مستوياتها منذ عام 2021، فيما تراجعت أسهم “غلينكور” (Glencore) بنسبة وصلت إلى 13.5% مسجلة أدنى مستوياتها منذ 2020.
تحفيز محتمل من الصين
رأى بعض المحللين أن هذا الهبوط في الأسعار نجم عن موجة من تصفية المراكز المفتوحة من قِبل المستثمرين لتقليل المخاطر، وهي ديناميكية تم استيعاب جزء منها الآن.
كما تنتشر تكهنات بشأن إمكانية اتخاذ الصين خطوات لمواجهة العوامل الاقتصادية المعاكسة، إذ ناقش صانعو السياسات في الصين سُبل دعم الاستقرار الاقتصادي، بما في ذلك تسريع وتيرة التحفيز، وفقاً لأشخاص مطلعين على الأمر.
ومع ذلك، من المستبعد أن تتبدد حالة عدم اليقين قريباً، مع استمرار مساعي ترمب لإعادة تشكيل التجارة الدولية.
المعادن تحت الضغط
بحلول الساعة 9:45 صباحاً في لندن، تم تداول النحاس بانخفاض طفيف عند 8725.5 دولار للطن، في حين انخفض سهم “بي إتش بي” بنسبة 6.1%، وتراجع سهم “غلينكور” بحوالي 5%. وهبط النيكل إلى أدنى مستوى له في ما يقرب من 5 سنوات، مسجلاً انخفاضاً بنسبة 4.2% إلى 14130 دولاراً للطن، بينما تراجع الذهب بنسبة 0.3%.
وقالت سابرين تشودري، رئيسة قسم السلع الأساسية في “بي إم آي” التابعة لـ “فيتش سوليوشنز” (Fitch Solutions): “المعادن تتعرض لضغوط كبيرة نتيجة ضعف المعنويات، مع استعداد العالم لاحتمال حدوث ركود وارتفاع التوترات الجيوسياسية التي قد تهدد الطلب”. وأضافت: “الاحتمال الكبير لانخفاض حاد في الطلب على المعادن في حال اندلاع حرب تجارية شاملة سيُبقي الأسعار تحت الضغط خلال الأسابيع المقبلة”.
في الأيام التي سبقت الإعلان الصاعق عن الرسوم الجمركية الأسبوع الماضي، كانت بعض أسواق المعادن تُعتبر رهاناً صعودياً مفضلًا لدى المستثمرين والمتداولين.
الذهب بين الملاذ والتصفية
تراجع الذهب بعد أن سجل قبل أيام فحسب مستوى قياسياً جديداً مدعوماً بطلب الملاذ الآمن وسط تصاعد المخاطر الجيوسياسية. وعلى الرغم من أن الذهب يستفيد عادةً من فترات الاضطراب، وقد ارتفع بنسبة 15% منذ بداية العام، فإنه قد يُباع خلال اضطرابات السوق الشديدة مع سعي المستثمرين لتغطية خسائرهم في أماكن أخرى.
“نشهد عمليات جني أرباح لتغطية خسائر كبيرة في أسواق الأسهم، ومن المرجح أن تكون أيضاً نتيجة تغطية نداء الهامش”، حسبما أفاد فاسو مينون، العضو المنتدب لاستراتيجية الاستثمار في “أوفرسي-تشاينيز بانكنغ كورب” (Oversea-Chinese Banking Corp)، عبر رسالة نصية.
وكانت أسعار النحاس سجلت ارتفاعات قوية حتى أواخر مارس، حيث أدت تهديدات فرض الرسوم الأميركية على المعدن إلى تسارع عمليات الشحن إلى أميركا. لكن هذا الاتجاه انقلب مع ظهور مؤشرات على أن الرسوم قد تُطبق قريباً، في حين أثارت الرسوم “الانتقامية” التي فرضها ترمب مخاوف أكبر بشأن الطلب العالمي.