سباق بين شركاء أميركا التجاريين لتفادي رسوم “يوم التحرير” بعد أسبوعين

قبل أسبوعين من انتهاء المهلة التي حدّدها الرئيس دونالد ترمب بنفسه للتوصّل إلى اتفاقيات مع الشركاء التجاريين الرئيسيين للولايات المتحدة، تُواجه بعض أبرز المفاوضات، الهادفة إلى إبرام صفقات تُجنّب فرض رسوم جمركية أعلى، صعوبات في بلوغ خط النهاية.
هناك الكثير على المحك: اعتباراً من 9 يوليو، ستواجه الدول المصدّرة التي لم تتوصل لاتفاق ثنائي ساري ما يُعرف برسوم “يوم التحرير” التي فرضها ترمب، والتي ستكون أعلى بكثير من الرسوم الأساسية الحالية البالغة 10% والمطبّقة على معظم الدول.
بريطانيا صاحبة الاتفاق التجاري الوحيد
لم تُبرم أي دولة اتفاقاً مكتوباً سوى المملكة المتحدة، ومع ذلك، أبقى ذلك الاتفاق على ما يُعرف بالرسوم المتبادلة البالغة 10%، ولم يُعالج واحدة من أبرز المسائل المؤلمة بالنسبة لبريطانيا، وهي رسوم الصلب البالغة 25%. أما الصين فتسير على مسار منفصل، إذ لديها هدنة هشة مع الولايات المتحدة تمتد حتى منتصف أغسطس لإتاحة الوقت لإجراء المفاوضات.
قد تُمدد المهلة النهائية للدول التي تُجري مناقشات تراها واشنطن مثمرة. كما أضافت الطعون القضائية في صلاحية ترمب القانونية لفرض الرسوم الجمركية طبقة إضافية من عدم اليقين للشركات التي أمضت الأسابيع العشرة الماضية إما في تسريع وتيرة الطلبيات أو الأمل في أن تهديداته برفع الرسوم على الواردات ليست سوى تكتيك تفاوضي.
فيما يلي لمحة عن وضع المفاوضات مع دول مختلفة:
الاتحاد الأوروبي
ذكرت “بلومبرغ” أن أفضل السيناريوهات المحتملة لا تزال تتمثل في التوصّل إلى اتفاق بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة على المبادئ التي تتيح استمرار المفاوضات إلى ما بعد المهلة المحددة في أوائل يوليو. وقد أعرب ترمب الأسبوع الماضي عن استيائه من المحادثات مع الاتحاد الأوروبي، مُهدداً بالتخلّي عنها وفرض رسوم جمركية أحادية الجانب. أما الاتحاد الأوروبي، الذي يسعى إلى اتفاق يعود بالفائدة على الطرفين، فسوف يُقيّم أي نتيجة نهائية، ويقرّر حينها مستوى التفاوت، إن وُجد، الذي يمكنه قبوله، أو ما إذا كان سيمضي قدماً في اتخاذ تدابير مضادة لتصحيح أي اختلالات.
الهند
لا يزال المسؤولون التجاريون في الهند والولايات المتحدة حريصين على التوصّل إلى اتفاق مؤقت قبل انتهاء المهلة، لكن يبدو أن الجانبين متمسّكان بمواقفهما بشأن بعض القضايا الرئيسية، خصوصاً في ما يتعلق بالمنتجات الزراعية. إذ تسعى الولايات المتحدة إلى ضمان وصول محاصيلها المعدلة وراثياً إلى الأسواق الهندية، وهو طلب رفضته الهند، في حين تطالب نيودلهي بإعفاء من الرسوم الجمركية المتبادلة بالإضافة إلى الرسوم القطاعية. وفقد رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي فرصة دفع الاتفاق التجاري مع ترمب عندما غادر الرئيس الأميركي اجتماع مجموعة السبع في كندا الأسبوع الماضي قبل الموعد المحدد.
فيتنام
من المقرّر أن يقود رئيس الحزب الشيوعي، تو لام، وفداً يضمّ مسؤولين وتنفيذيين في قطاع الأعمال إلى الولايات المتحدة، بهدف الاجتماع مع ترمب وإبرام صفقات إضافية مع شركات أميركية لتسهيل التوصّل إلى اتفاق. وقد عرضت فيتنام زيادة مشترياتها من المنتجات الأميركية، من طائرات “بوينغ” (Boeing) إلى السلع الزراعية، في إطار مساعيها لعقد الاتفاق. وكانت “بلومبرغ نيوز” قد أفادت سابقاً بأن المفاوضين باتوا قريبين من اتفاق مبدئي، تستهدف فيتنام من خلاله رسوم تتراوح بين 20% و25%.
اليابان
تُعد الرسوم الجمركية الأميركية على السيارات العقبة الرئيسية أمام التوصّل إلى اتفاق بين واشنطن وحكومة رئيس الوزراء شيغيرو إيشيبا، التي تستعد لاحتمال استمرار المفاوضات لفترة طويلة. ولم يتمكّن ترمب وإيشيبا من التوصّل إلى اتفاق خلال قمة زعماء مجموعة السبع في كندا، رغم عقدهما ثلاث مكالمات سابقة لمناقشة مسألة الرسوم. وقال زعيم المعارضة يوشيهيكو نودا، بعد لقائه مع إيشيبا، إن ما يثير قلق الولايات المتحدة بشكل أساسي هو العجز التجاري في قطاع السيارات، وإنه لم يتم التوصّل إلى أي توافق. ويحاول الجانبان حالياً تحديد موعد الجولة المقبلة من المفاوضات التجارية رفيعة المستوى. وتستعد الولايات المتحدة لرفع الرسوم الجمركية على اليابان إلى 24% و50% على الصلب والألمنيوم، بالإضافة إلى الرسوم القائمة حالياً البالغة 25% على السيارات.
كوريا الجنوبية
لم تُحرز كوريا الجنوبية حتى الآن تقدّماً ملموساً في المفاوضات التجارية. وقد اجتمع وزير التجارة الجديد، يو هان كو، مع مسؤولين أميركيين في واشنطن في 23 يونيو، في محاولة للحصول على إعفاءات من الرسوم الجمركية، بما في ذلك تلك المفروضة بالفعل على السيارات والصلب. ويأتي ذلك بعد إلغاء اجتماع كان مقرراً بين الرئيس لي جاي ميونغ، الذي تولّى منصبه في وقت سابق من الشهر الجاري، وترمب خلال قمة مجموعة السبع، في اللحظة الأخيرة، إثر مغادرة ترمب الحدث مبكراً وسط تصاعد التوترات في الشرق الأوسط. تواجه كوريا الجنوبية خطر فرض رسوم جمركية بنسبة 25%، ما يزيد الضغط على صناعاتها المعتمدة على التصدير، والتي تعاني أصلاً من الرسوم القطاعية.
تايلندا
بدأت تايلندا، التي تواجه تهديداً بفرض رسوم جمركية بنسبة 36%، محادثاتها المؤجلة مع الولايات المتحدة الأسبوع الماضي. وقال السكرتير الدائم لوزارة التجارة، فوتيكراي ليوويرافان، يوم الأربعاء الماضي، إن مقترحات تايلند جيدة ولديها فرصة لخفض الرسوم إلى المعدّل الأساسي البالغ 10%. وقد قُدِّم الاقتراح الرسمي إلى واشنطن الأسبوع الماضي، وتجري حالياً مفاوضات تفصيلية، وفقاً لما أعلنه وزير المالية يوم الثلاثاء. كانت الولايات المتحدة أكبر سوق لصادرات تايلندا العام الماضي، إذ شكلت ما يناهز خُمس إجمالي الشحنات الصادرة من البلاد.
ماليزيا
قال رئيس الوزراء أنور إبراهيم إن المفاوضات بين ماليزيا والولايات المتحدة تسير بشكل جيد، بعد أن التقى مسؤولون ماليزيون بوزير التجارة الأميركي هوارد لوتنيك في واشنطن. أشار أنور إلى أن فرض رسوم جمركية أميركية يشكل “تحدياً كبيراً”، منوهاً إلى أن نحو 60% من منتجات أشباه الموصلات الماليزية تُصدَّر إلى الولايات المتحدة وحدها. تسعى ماليزيا إلى خفض الرسوم الأميركية دون 10% في القطاعات الحيوية لكلا الاقتصادين. وأوضحت وزارة التجارة الماليزية هذا الأسبوع أن الجانبين اتفقا على إنهاء المفاوضات قبل انتهاء فترة الإعفاء من الرسوم.
سويسرا
اقترحت الدولة الأوروبية، التي تواجه واحدة من أعلى معدلات الرسوم الجمركية بين حلفاء الولايات المتحدة، حلاً وسطاً يتمثل في تسهيل وصول بعض المنتجات الزراعية إلى سوقها. وقال وزير الاقتصاد، غي بارملين، إنه يهدف إلى التوصّل إلى اتفاق بحلول أوائل يوليو. ثم في وقت سابق من الشهر الجاري، أدرجت وزارة الخزانة الأميركية سويسرا ضمن قائمة الدول الخاضعة للمراقبة بسبب ممارساتها في سوق الصرف الأجنبي. كما ساهمت السياسات التجارية المتقلّبة لترمب في دفع البنك المركزي السويسري إلى خفض أسعار الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس الأسبوع الماضي، بعد ارتفاع حاد في قيمة الفرنك.
كندا
تسعى الجارة الشمالية للولايات المتحدة، التي استُهدفت برسوم جمركية غير التعريفات المتبادلة، إلى التوصّل إلى اتفاق بحلول منتصف يوليو، وفقاً لما ذكره رئيس الوزراء مارك كارني الذي التقى ترمب على هامش اجتماع مجموعة السبع. ووفقاً للرئيس الأميركي، لا تزال هناك خلافات بين البلدين، وقد اشتكى سابقاً من قضايا الهجرة غير الموثقة ومشكلة الفنتانيل على الحدود. تستعد كندا لزيادة الرسوم الجمركية الشهر المقبل على الصلب والألمنيوم — البالغة حالياً 25% — في حال تعثّرت المفاوضات.
المكسيك
أفادت “بلومبرغ نيوز” بأن المكسيك والولايات المتحدة اقتربتا في وقت سابق من هذا الشهر من التوصل لاتفاق من شأنه أن يُزيل الرسوم الجمركية البالغة 50% التي فرضها ترمب على واردات الصلب حتى سقف معين. ومن المتوقّع أن تلتقي الرئيسة كلاوديا شينباوم بترمب قريباً بعد أن أُلغي لقاؤهما المخطط له إثر مغادرته المبكرة لقمة مجموعة السبع في كندا. ومن المتوقع أن يبدأ في وقت لاحق من العام الجاري مراجعة رسمية لاتفاقية التجارة الحرة لأميركا الشمالية بين كندا والولايات المتحدة والمكسيك (USMCA).