تراجع أسهم “أبل” يعكس الشكوك في قدرتها على تجاوز رسوم ترمب

يعكس التراجع الحاد في أسهم شركة “أبل” تشكك المستثمرين المتزايد في قدرة الشركة على مواجهة الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس الأميركي دونالد ترمب على الصين وفيتنام والهند، وهي دول تشكّل أعمدة حيوية في سلسلة التوريد الخاصة بصانع “أيفون”.
تراجعت أسهم “أبل” بنسبة 23% منذ إعلان الرسوم الجمركية الأسبوع الماضي، في أسوأ أداء خلال أربعة أيام للشركة منذ عام 2000. وقد تسببت موجة البيع في محو أكثر من 770 مليار دولار من القيمة السوقية للشركة، وأدت إلى ارتفاع حاد في مؤشّر تقلب السهم، كما تراجعت “أبل” من صدارة قائمة “إس آند بي 500” من حيث القيمة السوقية، لتحلّ محلها شركة “مايكروسوفت”.
وقال أنتوني ساغليمبين، كبير استراتيجيي السوق في “أميريبرايز فاينانشال” إن “الوضع المتعلق بالرسوم الجمركية يعقد الأمور بشكل كبير بالنسبة لأبل. ما الذي ستفعله؟ هل سترفع الأسعار؟ ذلك سيضر بالطلب. أم ستمتص التكاليف؟ وهذا سيضغط على الأرباح وهوامش الربح. من الصعب للغاية تقييم الآفاق من هنا، ولهذا السبب جاء رد فعل السوق بهذا الشكل”.
الرسوم الجمركية تهدد الهوامش والطلب
تفاقمت المخاطر بعد تهديد الإدارة الأميركية يوم الإثنين بفرض رسوم إضافية بنسبة 50% على الصين، عقب الرد الانتقامي من بكين برسوم على واردات أميركية.
يحاول المحللون والمستثمرون في وول ستريت الآن تقييم أثر الرسوم الجمركية والتباطؤ المحتمل في أحد أبرز أسواق نمو “أبل”، على هوامش الربح والإنفاق وسعر السهم.
وقال ساغليمبين إن “الاتجاه الذي يسلكه سهم أبل سيؤثر على السوق بأكملها. ومن دون اتفاق بشأن الرسوم، من الصعب بناء أي حجة لصعود السهم في الأجل القريب”.
لطالما اعتُبرت “أبل” ملاذاً آمناً نسبياً نظراً إلى قوة التدفقات النقدية الحرة لديها، وصلابة ميزانيتها، وبرامج إعادة شراء الأسهم النشطة، وهي جميعاً عوامل مدعومة بقاعدة مستخدمين عالمية ضخمة. إلا أن الضبابية المحيطة بالرسوم الجمركية أصبحت كاسحة.
وقد ارتفع مؤشر “CBOE Apple VIX”، الذي يقيس التقلّب المتوقع لسهم “أبل”، إلى أعلى مستوياته منذ سبتمبر 2020.
رغم الهبوط الحاد.. محللون يرون فرصة شراء
مع ذلك، لا يزال العديد من المحللين متفائلين بآفاق الشركة، خاصة بعد هذا الانهيار التاريخي، والذي وصفه “بنك أوف أميركا” بأنه يمثل “فرصة شراء محسّنة”.
وبحسب متوسط السعر المستهدف من المحللين، فإنهم يتوقعون أن يرتفع السهم بأكثر من 40% خلال الـ12 شهراً المقبلة. كما أن مؤشر القوة النسبية على مدى 14 يوماً هبط هذا الأسبوع إلى ما دون 23 نقطة، وهو أحد أدنى القراءات خلال العقد الماضي، وأقل من 30 نقطة، وهي العتبة التي تشير عادة إلى أن السهم مُباع بشكل مفرط.
يُتداول سهم “أبل” حالياً عند نحو 24 مرة ضعف الأرباح المتوقعة للعام المقبل، وهو قريب من أدنى مستوياته في أكثر من عامين، وإن كان لا يزال أعلى قليلاً من متوسطه على مدى عشر سنوات.
وقال أندرو زامفوتيس، مدير المحفظة في شركة “آمي أسيت مانجمنت”: “الفقاعة خرجت من السهم، وأعتقد أنه يبدو جذاباً. نعم هناك الكثير من الضبابية، لكن بالنظر إلى ما تم تسعيره في الهبوط الحالي، أرى أنه من المفترض أن يكون السهم أكثر استقراراً من الآن فصاعداً”.
السيناريو المحوري: هل تحصل أبل على إعفاء؟
يبقى مصير الرسوم الجمركية هو العامل الأساسي الذي يحدد اتجاه السهم. ففي حال حصلت الشركة على إعفاء كما حدث في الولاية الأولى لترمب، قد تشهد ما وصفه المحللون بأنه “ارتداد ارتياح هائل”.
أما في حال استمرّت الرسوم أو تصاعدت، فقد يمثل ذلك ما وصفه محلل “ويدبوش سيكيوريتيز” دانيال آيفز بـ”كارثة اقتصادية حقيقية”. وقد خفّض آيفز بالفعل السعر المستهدف لسهم أبل مؤخراً.
ومع وجود هذا القدر من الضبابية، واحتمال صدور إعفاء، فقد تجنب المحللون حتى الآن إجراء تغييرات جذرية على توقعاتهم. وبحسب بيانات جمعتها “بلومبرغ”، انخفض متوسط التقدير لصافي أرباح “أبل” لعام 2025 بنسبة 0.7% خلال الأسبوع الماضي فقط، في حين تراجع تقدير الإيرادات بنسبة أقل من ذلك.
وإذا تم خفض التقديرات بشكل كبير، فسيؤدي ذلك إلى جعل السهم يبدو أكثر تكلفة من خلال تقليص قيمة مضاعف السعر إلى الأرباح.
ترقب لتقرير الأرباح الفصلي
الحدث الرئيسي المقبل الذي ينتظره المستثمرون هو تقرير أرباح “أبل” الفصلي المقرر في 1 مايو. وقال بات بيرتون، مدير المحفظة في “وينسلو كابيتال مانجمنت”، إن التقرير سيكون على الأرجح محفزاً لتغييرات في التوقعات.
وأضاف: “استناداً إلى حجم التحركات التي شهدناها في أسهم التكنولوجيا، فإن السوق تتوقع تخفيضات سلبية في التوقعات من كل شركات القطاع تقريباً. الناس سيقومون بخفض أرقامهم للربعين الثاني والثالث. وبمعنى ما، فإن 2025 تبدو كعام خاسر بالكامل”.