بنوك الاستثمار تعول على زخم طروحات الشرق الأوسط وسط اضطرابات الأسواق

يواجه الشرق الأوسط، الذي شكل نقطةً مضيئةً في نشاط الطروحات الأولية خلال السنوات الأربع الماضية، تحدياً كبيراً في ظل التقلبات الأخيرة في أسواق الأسهم وتراجع أسعار النفط. ومع ذلك، لا يزال المصرفيون يأملون استئناف تدفق الصفقات خلال الأسابيع المقبلة.
بخلاف موجة من الشركات في أوروبا وأميركا، فإن الشركات التي تخطط للإدراج في الشرق الأوسط في وقت لاحق من هذا الربع لم تؤجل خططها حتى الآن، وفقاً لمصرفيين يعملون على تلك الصفقات. وأشار هؤلاء إلى أن المنطقة محصّنة نسبياً من التعريفات الأميركية، كما أن العديد من الشركات التي تدرس الطرح مرتبطة ارتباطاً وثيقاً باقتصادات محلية تشهد نمواً سريعاً.
شركة “إي إف جي هيرميس”، التي رتبت أكبر عدد من الطروحات الأولية في الشرق الأوسط العام الماضي، لا تزال تتوقع تنفيذ 6 إلى 7 صفقات إضافية في عام 2025، معظمها في السعودية، إلى جانب صفقة محتملة في الكويت، بحسب أحد المصرفيين الكبار. كما لم تلاحظ “جيه بي مورغان تشيس آند كو” تغييرات كبيرة في جدول صفقاتها في المنطقة لهذا العام، أو في المناقشات الأولية مع شركات تفكر في الإدراج عامي 2026 و2027.
التقلبات العالمية وأسعار النفط
قال مصطفى جاد، رئيس الاستثمار المصرفي العالمي لدى “إي إف جي هيرميس”: “نحن لا نزال على المسار الصحيح”. وأكد أن أياً من صفقاته لم يتم تأجيلها أو إلغاؤها، وأن الاستعدادات الداخلية للطروحات الجديدة مستمرة.
تأتي هذه التصريحات في ظل مخاطر متواصلة، حيث لا تزال الأسواق متقلبة وتزداد المخاوف بشأن النمو العالمي. وشهدت الأصول العالمية، من الأسهم إلى السندات، تقلبات حادة في الأيام الأخيرة بعدما فرض الرئيس الأميركي دونالد ترمب تعريفات جمركية شاملة، ثم ما لبث أن جمّد معظمها لاحقاً.
قد تتعرض دول الخليج المصدّرة للنفط لضغوط اقتصادية، بعد أن هبطت أسعار الخام إلى ما دون 65 دولاراً للبرميل، إثر الزيادة المفاجئة في إنتاج “أوبك+”، وتزايد القلق من أن التعريفات قد تؤدي إلى تباطؤ عالمي.
اعتبر جاد أنه “إذا رأينا ضغوطاً أكبر عند مستويات أقل من 60 دولاراً، فهنا تبدأ إشارات الإنذار”، مُضيفاً: “عندها سننتظر لنرى كيف ستتفاعل الحكومات. فإما أن تكون شديدة الحذر حيال العجز وتبدأ في خفض الإنفاق، أو أنها ستتريث معتبرةً أن الأمر مؤقت ويمكنها التعايش مع عجز أكبر لفترة وجيزة، ثم تتصرف لاحقاً”.
صفقات مرتقبة في الإمارات
في أبوظبي، تعمل شركة “الاتحاد للطيران” على التحضير لطرح عام أولي منذ العام الماضي. وفي دبي، تدرس شركة “دبي القابضة”، وهي ذراع استثمارية تخضع لسيطرة حاكم الإمارة، إدراج محفظة عقارات سكنية، وقد يحدث ذلك في وقت مبكر من هذا الشهر، وفقاً لأشخاص مطلعين على الأمر. ويواصل المسؤولون في الشركتين مراقبة الأسواق، ولم يُتخذ أي قرار بشأن توقيت الطرح، بحسب نفس المصادر. وامتنعت “الاتحاد” و”دبي القابضة” عن التعليق.
أشار غوكول ماني، رئيس أسواق الأسهم في “جيه بي مورغان” لمنطقة أوروبا الشرقية والشرق الأوسط وأفريقيا، إلى أن جدول الصفقات في الشرق الأوسط لم يتأثر حتى الآن. وأضاف: “الصفقات التي كان من المتوقع إطلاقها هذا الأسبوع أو الأسبوع المقبل ربما يتم تأجيلها لبضعة أسابيع فقط، وهو أمر متوقع في ظل التقلبات العالمية وتعطل سلاسل الإمداد”.
ومع ذلك، يرى أن المستثمرين أصبحوا أكثر انتقائية، متوقعاً أن تنجح الشركات ذات الجودة العالية فقط في إتمام صفقاتها.
الطروحات في السعودية
حصلت مجموعة من الشركات السعودية على موافقات تنظيمية للطرح قبيل عطلة عيد الفطر الشهر الماضي، منها شركة الطيران منخفض التكلفة “طيران ناس”، ومشغل سلسلة النوادي الرياضية “سبورتس كلوب”، ومجموعة تشغيل المستشفيات “المركز التخصصي الطبي”، وشركة “الماجد العقارية”، و”مجموعة منزل التسويق التجارية”. كما حصلت شركة التكنولوجيا “إجادة سيستمز”، وشركة التغليف “المتحدة لصناعات الكرتون” على موافقات مماثلة.
ومع ذلك، قد يكون الحديث عن طروحات جديدة سابقاً لأوانه بالنسبة لبعض المستثمرين، الذين يركزون حالياً على التكيف مع حالة الاضطراب والبحث عن فرص استثمارية مناسبة. وقال كريستيان غندور، مدير محفظة أول في شركة “الظبي كابيتال”: “أعتقد أنه من المبكر الحكم، فالتقلبات لا تزال شديدة على جميع المؤشرات المالية التي تؤثر على التقييمات”.