أبرزت الصين في الصحيفة الرسمية للحزب الشيوعي الحاكم شركات التكنولوجيا والمزارعين الأميركين كأطراف مستفيدة من العلاقات الاقتصادية بين البلدين، في خطوة تُفسر على أنها محاولة واضحة لتهدئة التوترات التجارية قبيل إعلان مرتقب من الرئيس الأميركي دونالد ترمب بشأن فرض رسوم جمركية عالمية جديدة.
وفرت الواردات الزراعية من الولايات المتحدة “منافع ملموسة” لكلا الطرفين عبر تلبية الطلب الصيني وتعزيز دخل المزارعين الأميركيين، وفق مقال نُشر في صحيفة الشعب اليومية يوم الأربعاء. وقد كُتب المقال تحت اسم تشونغ شنغ، وهو اسم صيني يعني “صوت الصين” ويعكس غالباً وجهات نظر بكين في قضايا السياسة الخارجية.
هذا هو المقال الثاني ضمن سلسلة من المقالات التي تتناول العلاقات الصينية الأميركية، ويبدو أنه يتزامن مع نية ترمب فرض رسوم جمركية انتقامية في الثاني من أبريل. وكان من المقرر أن تصدر مراجعة أميركية توضح مدى امتثال الصين لاتفاقية تجارية سابقة في اليوم الذي يسبق ذلك، على أن تُسهم نتائجها على الأرجح في تشكيل القرارات المستقبلية المتعلقة بالرسوم الجمركية والسياسات الأخرى.
التعاون بين أميركا والصين
أوضح جون غونغ، المستشار السابق لوزارة التجارة الصينية والأستاذ الحالي في جامعة الاقتصاد والأعمال الدولي في بكين، أن “المقالة تبدو وكأنها آخر مساعي بكين لتفادي الرسوم الجمركية التي يعتزم ترمب فرضها، على أمل أن يتراجع عنها، لكنني أعتقد أن هذه الرسالة ستُقابل بالتجاهل”.
استشهدت المقالة الأولى التي نُشرت يوم الاثنين بشركتي “تسلا” و”أبل” كمثالين على الدور المحوري الذي تلعبه السوق الواسعة والقدرات التصنيعية في جعل الصين شريكاً لا غنى عنه بالنسبة للشركات الأميركية. واتسم المقال بروح تصالحية، داعياً إلى تعميق التعاون بين الصين والولايات المتحدة رغم التنافس القائم بينهما.
أورد المقال أن “الصين والولايات المتحدة بإمكانهما بلا شك تحقيق مكاسب متبادلة من خلال الاستفادة من مزاياهما النسبية وتعزيز التعاون في مجال الاستثمار”.
غير أن تركيز الصين على المجالات التي استفادت فيها الولايات المتحدة من التعاون يُظهر أيضاً ما تمتلكه بكين من أوراق ضغط قد تلجأ إليها للرد على أي إجراءات أميركية جديدة إذا ما شهدت العلاقات بين البلدين تدهوراً.
تصعيد صيني ضد الرسوم
ردت بكين على الرسوم الجمركية الشاملة التي فرضها ترمب هذا العام بنسبة 20% على المنتجات الصينية، باستهدافها السلع الزراعية ومصادر الطاقة الأميركية. وفتحت السلطات الصينية تحقيقاً لمكافحة الاحتكار ضد شركة “جوجل” التابعة لـ”ألفابت”، كما أدرجت شركة “إيلومينا” (Illumina)، الأميركية المتخصصة في معدات تحليل التسلسل الجيني، على ما يُعرف بـ”القائمة السوداء” للكيانات.
وأكد المسؤولون الصينيون بوضوح أنهم على أهبة الاستعداد للرد إذا ما قرر ترمب رفع وتيرة التصعيد.
خلال مقابلة أجراها يوم الثلاثاء مع وكالة الأنباء الروسية الرسمية “ريا نوفوستي”، ندد كبير الدبلوماسيين الصينيين عن بالرسوم الجمركية الواسعة التي فرضتها الولايات المتحدة، على خلفية الدور المزعوم لبكين في أزمة الفنتانيل داخل أميركا، داعياً ترمب لإلغاء هذه الرسوم.
وقال وزير الخارجية الصيني وانغ يي: “إذا أصر الجانب الأميركي على مواصلة الضغط، بل وحتى في ممارسة الابتزاز، فإن الصين ستتصدى له بحزم”.
