قناة بنما في قلب العاصفة.. استثمار أميركي يثير غضب الصين

تراجعت أسهم شركة “سي كيه هوتشيسون هولدينغز” (CK Hutchison Holdings) يوم الجمعة بعد أن هاجمت أعلى هيئة صينية معنية بشؤون هونغ كونغ قرار الشركة العملاقة باسترضاء الرئيس الأميركي دونالد ترمب من خلال بيع حصتها في موانئ بنما.
التعليق الذي نشره مكتب شؤون هونغ كونغ وماكاو على موقعه الإلكتروني ظهر أولاً في صحيفة “تا كونغ باو”، وحذّر الشركات من ضرورة توخي الحذر الشديد بشأن “الجانب الذي ينبغي أن تقف فيه”.
“خيانة لجميع الصينيين”
ذكر التعليق أن مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي اتهموا الشركة العملاقة، التي أسسها الملياردير لي كا-شينغ، بـ”الخنوع المذل”، وتجاهل مصالح الصين، و”خيانة جميع الصينيين” في الصفقة السريعة التي أُعلن عنها الأسبوع الماضي.
وتراجعت أسهم “سي كيه هوتشيسون هولدينغز” 6.7% صباح الجمعة، وهي أكبر نسبة انخفاض لها منذ سبتمبر 2022، مما يعكس مخاوف المستثمرين من احتمال تدخل بكين في الصفقة.
جاء في التعليق “عند مواجهة حدث بهذه الأهمية وقضية تتعلق بالعدالة الكبرى، ينبغي على الشركات المعنية أن تفكر ملياً، وتدرس بعناية طبيعة وجوهر المسألة، وتفكر جيداً في الموقف والجانب الذي يجب أن تقف فيه”. ولم تستجب “سي كيه هوتشيسون هولدينغز” فوراً لطلب التعليق يوم الجمعة.
وفي حين أن الصفقة تتعلق بأصول خارجية فقط، ومن غير المرجح أن تحتاج إلى موافقة بكين، إلا أن إظهار السلطات الصينية لاستيائها بشكل واضح قد يُعقّد عملية اتخاذ القرار لدى المديرين التنفيذيين، خاصةً في الشركات التي تجد نفسها وسط التنافس الصيني-الأميركي المتنامي.
“سي كيه هوتشيسون هولدينغز” وشركتها الشقيقة “سي كيه أسيت هولدينغز” (CK Asset Holdings) مسجلتان في جزر كايمان، وهي خطوة نُفذت عام ٢٠١٥ في إطار إعادة هيكلة شاملة للمجموعة.
انتصار سياسي لترمب
تحقق “سي كيه هوتشيسون هولدينغز” ما يقرب من 90% من إيراداتها من خارج الصين القارية وهونغ كونغ. وافقت “سي كيه هوتشيسون هولدينغز” الأسبوع الماضي، على بيع حصة مسيطرة في موانئ بنما، والتي أصبحت نقطة توتر سياسي.
عملية الشراء المحتملة من قبل شركة “بلاك روك” ستكون واحدة من أكبر عمليات الاستحواذ هذا العام، كما أنها تمثل انتصاراً للرئيس الأميركي دونالد ترمب، الذي أعرب سابقاً عن مخاوفه بشأن السيطرة على موانئ رئيسية قريبة من قناة بنما.
جادل ترمب بأن الصين استحوذت على الممر المائي الحيوي، دون تقديم أدلة، وأن الولايات المتحدة تدفع مبالغ باهظة لمرور السفن. وسبق أن طالب ترمب بخفض الرسوم المفروضة على السفن البحرية والتجارية الأميركية، وإلا فعلى بنما إعادة القناة إلى الولايات المتحدة.
استغلال صفقة قناة بنما
ذكر التعليق المنشور في صحيفة “تا كونغ باو”، التي تميل إلى دعم سياسات بكين، أن الولايات المتحدة ستستخدم صفقة الموانئ “لأغراض سياسية وتعزيز أجندتها السياسية الخاصة”. وأضاف: “ستصبح الشحنات والتجارة الصينية خاضعة حتماً للولايات المتحدة”.
كما ذكرت الصحيفة أن الولايات المتحدة “تبذل قصارى جهدها لاحتواء وكبح تطور الصين”، مكررةً عبارة يستخدمها الدبلوماسيون الصينيون بشكل متكرر عند انتقاد واشنطن.
واجه لي كا-شينغ سابقاً انتقادات من وسائل الإعلام الحكومية الصينية، التي أفادت بأن شركاته تقوم ببيع ممتلكاتها في البر الرئيسي، وشكّكت في ولائه للصين- وهو اتهام نفاه مكتبه بشدة.
وخلال الاضطرابات السياسية التي استمرت على مدى شهور في هونغ كونغ عام 2019، أثار لي كا-شينغ غضب بكين مجدداً بعد نشره رسالة غامضة في الصحف المحلية، تضمنت أبياتاً من قصيدة صينية فُسّرت على نطاق واسع على أنها دعوة ليس فقط لوقف العنف تجاه الاحتجاجات في شوارع هونغ كونغ، ولكن أيضاً للتأكيد على الحرية والتسامح وسيادة القانون.
كما حثّ لي كا-شينغ الحكومة على إبداء التسامح مع الشباب عند التعامل مع الاحتجاجات، بينما دعا الشباب إلى التفكير في النتائج الأوسع للاحتجاجات.