مبيعات السيارات تهوي بعد موجة شراء مدفوعة برسوم ترمب الجمركية

شهدت مبيعات السيارات في الولايات المتحدة تراجعاً كبيراً خلال الشهر الماضي، بعد ارتفاع كبير في فصل الربيع، ما ينبئ بتباطؤ خلال الأشهر المقبلة، في وقت تحاول شركات صناعة السيارات استيعاب تأثير الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس الأميركي دونالد ترمب على واردات السيارات بينما يجد المستهلكون عروضاً متاحة أقل.
تُشير تقديرات شركة الأبحاث “جي. دي. باور” (J.D. Power) إلى أن الإقبال الكبير على الشراء لتفادي الزيادات المتوقعة في الأسعار جراء الرسوم الجمركية، أسهم في ارتفاع مبيعات الربع الثاني 2.5% مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي.
بدأ هذا الزخم يتلاشى، فمن المرجح أن يكون معدل البيع السنوي للسيارات قد انخفض إلى 15 مليون وحدة في يونيو الماضي، وهو أبطأ وتيرة خلال 12 شهراً، بعد أن بلغ 17.6 مليون وحدة في أبريل الماضي، وذلك وسط تزايد حذر المستهلكين من الإقدام على مشتريات كبيرة نتيجة المخاوف الاقتصادية. مع توقعات بارتفاع أسعار السيارات، التي تشهد أصلاً مستويات مرتفعة، مع محاولة الشركات تمرير مليارات الدولارات من التكاليف الناتجة عن الرسوم، قد تتفاقم الأزمة.
اقرأ أيضاً: كيف أثرت رسوم ترمب على كبار مصنعي السيارات في العالم؟
قال جوناثان سموك، كبير خبراء الاقتصاد في شركة “كوكس أوتوموتيف” (Cox Automotive) للأبحاث، في مقابلة: “الاحتفال انتهى، والتباطؤ واضح. السبب هو تراجع القدرة على تحمّل التكاليف، ما سيدفعنا على الأرجح نحو خفض الإنتاج للحفاظ على توازن العرض”.
يرجح سموك أن يظل المعدل الشهري السنوي لمبيعات السيارات الأميركية قريباً من 15 مليون وحدة في النصف الثاني من العام الحالي، مقارنة بـ16.3 مليون وحدة خلال الأشهر الستة الأولى من 2025. كان الأميركيون قد اشتروا نحو 16 مليون سيارة وشاحنة خفيفة في العام الماضي.
عاصفة الرسوم الجمركية
في نيويورك، يشير بيتر بيتيتو، مدير أحد معارض “هوندا” في كوينز، إلى تراجع المبيعات بعد طفرة مفاجئة في الطلب، شبهها بـ”التهافت على متاجر البقالة قبل العواصف الثلجية”، قائلاً: “كما لو أن هناك عاصفة مقبلة ولا يوجد حليب أو عصير أو خبز”.
أظهر استطلاع أجرته “كوكس” مؤخراً على وكلاء السيارات، أن المخاوف من الوضع الاقتصادي أصبحت السبب الأول وراء تراجع الأعمال، متجاوزة أسعار الفائدة المرتفعة التي كانت تحتل الصدارة في استطلاعات سابقة خلال العام الحالي ونهاية العام الماضي.
اقرأ المزيد: ترمب يعلن عن رسوم بـ25% على السيارات المصنوعة خارج أميركا
قال بو بوكمان، رئيس شركة “غالبين موتورز” (Galpin Motors) التي تمثل علامة “فورد” في جنوب كاليفورنيا، إن “الناس يشعرون بالكثير من عدم اليقين وفي أوقات الغموض يؤجلون أي عملية شراء كبيرة”.
وما يزال ارتفاع أسعار السيارات يشكل عائقاً رئيسياً. بعد فترة من الانخفاض خلال العام الماضي، عادت الأسعار إلى الارتفاع. بلغ متوسط سعر السيارة الجديدة في يونيو 48799 دولاراً، بزيادة 1% عن العام الماضي، وبارتفاع 28% مقارنة بـ2019، وفقاً لبيانات “كوكس”.
قال تشارلي تشيسبرو، كبير خبراء الاقتصاد لدى “كوكس”، للصحفيين الأسبوع الماضي: “نظراً لتأثير الرسوم الجمركية، يرجح أن تبدأ الأسعار بالارتفاع بوتيرة أسرع، وهناك زيادات مرتقبة في أسعار المركبات الجديدة”.
أسعار السيارات
لم تلجأ شركات السيارات حتى الآن إلى رفع شامل للأسعار، بل اعتمدت على أدوات أخرى مثل خفض حجم الحوافز أو رفع أسعار نماذج معينة متأثرة بالرسوم.
بحسب “جي. دي. باور”، بلغ متوسط القسط الشهري لشراء سيارة رقماً قياسياً عند 747 دولاراً في يونيو، بزيادة 22 دولاراً عن العام الماضي. هذا ما دفع المزيد من المستهلكين لتمديد فترة التمويل إلى 84 شهراً -أي 7 سنوات- والتي شكلت 12% من جميع عمليات تمويل السيارات خلال الشهر الماضي، بزيادة 3 نقاط مئوية عن العام السابق.
“هيونداي” تخطط لرفع أسعار سياراتها في أميركا لمواجهة رسوم ترمب.. تفاصيل أكثر هنا
قال مارك واكيفيلد، مدير سوق السيارات العالمي في شركة “أليكس بارتنرز” (AlixPartners) للاستشارات، إن التباطؤ الذي حدث في يونيو هو بمثابة “تأثير ما بعد التخمة” الناتج عن المبيعات التي تم تقديمها. توقعت شركته أن تنقل شركات صناعة السيارات نحو 80% من تكلفة رسوم ترمب إلى المستهلكين، ما سيرفع الأسعار بما يقارب ألفي دولار لكل سيارة.
اختتم: “لن نشهد الأثر الكامل لهذا التحول قبل نهاية العام الجاري”.