ترمب يصعد الضغط على البرازيل في رسالة إلى بولسونارو

كثف الرئيس الأميركي دونالد ترمب ضغوطه على الحكومة البرازيلية لإسقاط التهم الجنائية الموجهة ضد الرئيس السابق جايير بولسونارو، قائلاً إنه “سيراقب عن كثب” رد الفعل، وذلك بعد أسبوع واحد فقط من تهديده بفرض رسوم جمركية عقابية على الدولة الواقعة في أميركا الجنوبية.
وفي رسالة علنية وجهها إلى بولسونارو يوم الخميس، وصف ترمب الزعيم اليميني الشعبوي بأنه ضحية “معاملة مروعة”، وجدد دعوته لإنهاء المحاكمة المتعلقة بدوره المزعوم في محاولة انقلاب فاشلة لقلب نتائج انتخابات عام 2022، قائلاً إنها “يجب أن تنتهي على الفور!”.
قال ترمب إنه “قلق للغاية بشأن الهجوم على حرية التعبير، في كل من البرازيل والولايات المتحدة، التي تنبع من الحكومة الحالية”.
يُعد هذا التحذير أحدث تصعيد في نزاع محتدم بين زعيمي أكبر دولتين في نصف الكرة الغربي من حيث عدد السكان، ويأتي وسط سيل من الرسائل التي بعث بها ترمب للإعلان عن رسوم جمركية على عدة اقتصادات. وكان ترمب قد هدد نظيره البرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا بفرض رسوم تصل إلى 50% على البرازيل، مستنداً إلى معاملة بولسونارو وشكاوى بشأن ممارسات تجارية يُزعم أنها غير عادلة.
في السياق ذاته، فتح مكتب الممثل التجاري الأميركي تحقيقاً يوم الثلاثاء، بتوجيه مباشر من ترمب، تحقيقاً في ممارسات البرازيل التجارية، لتحديد ما إذا كانت البلاد تقيد صادرات الولايات المتحدة بشكل غير عادل.
البرازيل.. حالة استثنائية
مع ذلك، تظل البرازيل حالة استثنائية، إذ يُسجل أكبر اقتصاد في أميركا اللاتينية عجزاً تجارياً مع الولايات المتحدة، بخلاف الدول الأخرى التي استهدفتها إدارة ترمب، والتي تُحقق فوائض تجارية كبيرة. وحتى الآن، لم يُبدِ الرئيس البرازيلي البالغ من العمر 79 عاماً أي بوادر استجابة للمطالب الأميركية.
اقرأ أيضاً: رئيس البرازيل يواجه رسوم ترمب: لسنا ضعفاء وسنرد بالمثل
من جهته، اغتنم لولا، كما يُعرف الزعيم النقابي السابق على نطاق واسع، الفرصة لإعادة تنشيط قاعدته التقدمية، خاصة بعد تراجع شعبيته في استطلاعات الرأي. ومنذ ذلك الحين، ظهر لولا بشكل شبه يومي عبر الإذاعات البرازيلية، متهماً خصومه بالسعي إلى تدخل أجنبي، ومتعهداً بالدفاع عن السيادة الوطنية.
وخلال زيارة إلى ولاية باهيا الشمالية يوم الخميس، قال لولا: “نحن لا نرغب في القتال، لكننا لا نهرب. البرازيل لها مالك واحد فقط، هو الشعب البرازيلي”.
الصدام مع بولسونارو يحمل طابعاً شخصياً للغاية بالنسبة للولا، الذي انتصر عليه في الانتخابات الرئاسية بفارق ضئيل قبل أقل من ثلاث سنوات. وبعد أيام فقط من تنصيب لولا في 2023، اقتحم أنصار بولسونارو العاصمة برازيليا وخربوا مباني الحكومة، معتقدين زوراً أن الانتخابات قد تم تزويرها.
في المقابل، نفى بولسونارو، وهو نقيب سابق في الجيش ومعروف بإعجابه الطويل بترمب، تورطه في تلك الهجمات. إلا أنه، إلى جانب حلفائه، لعب دوراً كبيراً في نشر مزاعم لا أساس لها بشأن نزاهة النظام الانتخابي البرازيلي، مما أجج غضب مثيري الشغب.
منذ خروجه من السلطة، تفاقمت المشاكل القانونية التي يواجهها بولسونارو، وانتهت بصدور قرار يمنعه من شغل أي منصب عام. وفي واشنطن، يواصل نجله، النائب إدواردو بولسونارو، جهود الضغط نيابة عنه على إدارة ترمب لاتخاذ إجراءات ضد المحكمة العليا في البرازيل.
هجوم على القضاء البرازيلي
تبدي عائلة بولسونارو عداءً واضحاً تجاه قاضي المحكمة العليا ألكسندر دي مورايس، الذي يترأس المحاكمة المرتقبة للرئيس السابق، وأصدر أحكاماً بالسجن على مئات من مثيري الشغب. كما قاد القاضي حملة موسعة لتطهير الإنترنت البرازيلي من خطاب الكراهية والتحريض، وهي حملة أثارت حفيظة الملياردير إيلون ماسك، مالك منصة “إكس”، وأيضاً ترمب.
في رسالته إلى بولسونارو، انتقد ترمب الحكومة البرازيلية ووصفها بأنها “نظام رقابة سخيف”. فيما واصل إدواردو بولسونارو الضغط على مسؤولي ترمب لحثهم على فرض عقوبات على القاضي مورايس، متهماً إياه بإسكات الأصوات المحافظة داخل البلاد.
اقرأ أيضاً: الادعاء البرازيلي يطالب بمصادرة أصول بولسونارو بعد أعمال الشغب
وقال إدواردو، متحدثاً عن العقوبات المحتملة في مقطع فيديو صُور أمام البيت الأبيض ونُشر على مواقع التواصل الاجتماعي يوم الأربعاء: “هناك أمور تحدث في هذه اللحظة بالذات. القرارات تُتخذ الآن”.
لكن احتمال اتخاذ الولايات المتحدة مزيداً من الإجراءات بدا أنه عزز موقف لولا. ففي خطاب وُجه إلى الشعب مساء الخميس، شن لولا هجوماً لاذعاً على الساسة البرازيليين الذين يؤيدون إجراءات ترمب، واصفاً إياهم بـ”الخونة”، وداعياً إلى وحدة الصف.
وقال لولا في كلمته: “إنهم يتغذون على الفوضى، ويعتقدون أن كلما ساءت الأوضاع، تحسنت فرصهم. نحن موحدون في الدفاع عن البرازيل، وسنفعل ذلك ورؤوسنا مرفوعة”.