تباطؤ التضخم الأميركي يمنح الأسهم الآسيوية مجالاً للصعود

ارتفعت الأسهم الآسيوية بعدما عززت بيانات تباطؤ التضخم في الولايات المتحدة المبررات لخفض أسعار الفائدة من جانب الاحتياطي الفيدرالي، ومع تراجع القلق المرتبط بأسهم التكنولوجيا ما دعم الأسواق الأميركية. ويترقب المستثمرون الآن قرار السياسة النقدية لبنك اليابان المرتقب صدوره يوم الجمعة.
وصعد مؤشر “إم إس سي آي” لأسهم آسيا والمحيط الهادئ بنسبة 0.6%، مع مساهمة أسهم التكنولوجيا، مثل “تايوان سيميكونداكتور مانوفاكتشرينغ” و”سوفت بنك غروب”، ضمن أكبر الداعمين للمكاسب.
وارتفع مؤشر “إس آند بي 500” بنسبة 0.8% يوم الخميس، فيما صعد مؤشر “ناسداك 100” المثقل بأسهم التكنولوجيا بنسبة 1.5%. وجاءت المكاسب مدعومة بتوقعات قوية من عملاق الرقائق “مايكرون تكنولوجي”، ما خفف المخاوف بشأن إنفاق الذكاء الاصطناعي والتقييمات.
وفي إشارة إلى أن موجة الصعود المدفوعة ببيانات مؤشر أسعار المستهلكين قد تكون استنفدت جزءاً من زخمها، تراجعت العقود الآجلة للأسهم الأميركية بشكل طفيف في آسيا. وجاء الضغط من أسهم “نايكي”، التي هبطت بنحو 10% في التداولات المتأخرة مع استمرار الضعف في الصين.
السوق تراهن على مزيد من التيسير النقدي
تصدر التضخم الأميركي المشهد يوم الخميس، إذ تجاوز المتعاملون التحفظات المرتبطة بالبيانات نتيجة الإغلاق الحكومي الأخير، وركزوا بدلاً من ذلك على أبطأ وتيرة لارتفاع أسعار المستهلكين منذ مطلع عام 2021. وعززت القراءة المتراجعة ثقة المستثمرين ودعمت سندات الخزانة على وقع تجدد التوقعات بخفض أسعار الفائدة.
وقال كريس زاكاريلي، كبير مسؤولي الاستثمار في “نورثلايت أسيت مانجمنت”: “نظراً لانخفاض التضخم بشكل ملحوظ على أساس شهري، فهناك مجال واضح لمواصلة خفض أسعار الفائدة دعماً لسوق العمل”.
اقرأ أيضاً: إلغاء تقرير التضخم الأميركي لشهر أكتوبر بسبب الإغلاق الحكومي
وأضاف: “إذا غلبت كفة مؤيدي التيسير، فمن المرجح أن تحظى أسعار الأسهم بالدعم وأن ترتفع ، مع استمرار الاحتياطي الفيدرالي في خفض الفائدة في وقت يواصل فيه الاقتصاد النمو”.
وتراجع الين أمام الدولار قبيل قرار بنك اليابان، إذ يُتوقع على نطاق واسع أن يرفع البنك المركزي سعر الفائدة المرجعي إلى أعلى مستوى في ثلاثة عقود، مدعوماً بالثقة في تحقيق هدف التضخم المستقر.
وكتب كايل رودا، كبير المحللين في “كابيتال دوت كوم” في ملبورن، في مذكرة للعملاء: “سيكون التوجيه الذي سيُقدَّم في المؤتمر الصحافي عقب القرار هو المتغير الحاسم”.
اقرأ أيضاً: التضخم في اليابان يستقر عند 3% معززاً توقعات رفع الفائدة
وأضاف: “ستتحدد تقلبات الأسواق عند الهامش بموعد الخطوة التالية، مع بقاء انهيار الأسواق في أغسطس 2024 حاضراً في أذهان المتعاملين، وربما صانعي السياسات”.
تحفظات على بيانات التضخم
جاء تباطؤ التضخم الأميركي مصحوباً ببعض الإشكالات. إذ لم يتمكن مكتب إحصاءات العمل من جمع بيانات الأسعار طوال شهر أكتوبر بسبب الإغلاق الحكومي المؤقت، وبدأ بأخذ العينات في نوفمبر في وقت متأخر عن المعتاد.
وكتب كريشنا غوها، الخبير الاقتصادي في “إيفركور آي إس آي” في مذكرة: “ظاهرياً، تبدو قراءة مؤشر أسعار المستهلكين لشهر نوفمبر معتدلة للغاية، وتمنح مؤيدي التيسير داخل الاحتياطي الفيدرالي ذخيرة إضافية”.
وأضاف: “لكن المفاجأة كانت كبيرة جداً، ولا سيما في تضخم خدمات الإسكان، ما سيدفع اللجنة ككل إلى الحذر الشديد من أن التحديات الفنية والتقديرات المرتبطة بالإغلاق، الذي حال دون صدور أي رقم لأكتوبر، قد تكون شوّهت الصورة بشكل ملموس”.
وتشير عقود المبادلة إلى احتمال بنحو 20% لخفض الفائدة في الاجتماع المقبل للاحتياطي الفيدرالي في يناير، في حين يجري تسعير خفض بحلول منتصف عام 2026. كما يتمسك المتعاملون بتوقعاتهم بأن يخفض الفيدرالي أسعار الفائدة مرتين العام المقبل.
التوترات الجيوسياسية تحت المجهر
وبقيت التوترات الجيوسياسية تحت المجهر. إذ أثار اقتراح بيع أسلحة بقيمة 11 مليار دولار من الولايات المتحدة إلى تايوان رداً غاضباً من الصين. كما دعمت التوترات مع فنزويلا وروسيا أسعار النفط.
وفي أسواق السلع، اتجه النفط نحو تسجيل ثاني خسارة أسبوعية على التوالي رغم التوترات المرتبطة بحصار بحري أميركي لناقلات خاضعة للعقوبات والمتجهة إلى فنزويلا، إذ ظلت العقود الآجلة تحت ضغط توقعات فائض المعروض العالمي. وتراجع خام “برنت” بأكثر من 2% هذا الأسبوع.
وفي المقابل، واصلت المعادن النفيسة الحفاظ على جاذبيتها. وتداول البلاتين قرب 1930 دولاراً للأونصة، متجهاً لتحقيق مكاسب لليوم السابع على التوالي، وقريباً من أعلى مستوى له منذ عام 2008.
وجاء هذا الارتفاع مع ظهور مؤشرات على تشدد المعروض في سوق لندن، حيث تقوم البنوك بتخزين المعدن في الولايات المتحدة للتحوط من مخاطر الرسوم الجمركية.



