إلغاءات وركود في “نمو”.. هل تفقد السوق الموازية جاذبيتها؟

تواجه السوق الموازية السعودية “نمو” اختباراً حقيقياً في 2025، مع تباطؤ السيولة وتزايد عمليات إلغاء الاكتتابات، ما يثير تساؤلات حول قدرتها على أداء دورها كممول للشركات الصغيرة والمتوسطة.
آخر تلك الإلغاءات جاء من شركة شركة “الوزن المثالي”، بعد فشل تغطية الاكتتاب، لتنضم إلى خمسة شركات أُخرى ألغت طروحاتها هذا العام، وهي شركة “زهرة الخزامى للألمنيوم” و “روابي التسويق”، و”دوم العالمية”، و”الخالدي للإمدادات”، بسبب ضعف الطلب، في حين أُلغي طرح “الاتحادات الدولية” بطلب من الشركة.
“نمو” هي سوق موازية تسمح للشركات الصغيرة والمتوسطة بطرح وإدراج أسهمها بمتطلبات أقل من السوق الرئيسية، كما تتيح للشركات المتداولة فيها الانتقال بعد سنتين إلى السوق الرئيسية بعد التوافق مع شروط هذه السوق، باستثناء القيمة السوقية. بدأت سوق نمو رسمياً في فبراير 2017 وكان وقتها مسموح فيها فقط بالطروحات العامة الأولية، ثم سمح بعدها بالإدراج المباشر في السوق رسمياً في فبراير 2019
هذا العدد من إلغاء الطروحات هذا العام هو الأكبر منذ إطلاق السوق، حيث سجلت 12 عملية إلغاء حتى الآن، بينها واحدة فقط في 2024. وتزامن ذلك مع انخفاض السيولة، إذ تراجعت قيم التداول في نوفمبر إلى نحو 510.4 مليون ريال، وهو أدنى مستوى شهري منذ نوفمبر 2023، رغم ارتفاع عدد الشركات المدرجة إلى 126 شركة.
الأسهم السعودية تواجه ضغوطاً في السيولة
انخفض مؤشر “نمو” العام بنسبة 24% منذ بداية 2025، ليمحو بذلك مكاسب العام الماضي، فيما تراجعت التداولات بنسبة 36%. وهو ما يفتح باب التساؤل حول ما إذا كان هذا الأداء الضعيف ظرفياً أم مؤشراً على مشكلة هيكلية تتعلق بجاذبية السوق للمستثمرين.
ومن أصل 23 شركة أُدرجت هذا العام، لم ترتفع القيمة السوقية إلا لست، بينما تراجعت أسعار ثلثي الشركات إلى ما دون سعر الطرح، ما يعكس تضخماً في التقييمات وضعفاً في شهية السيولة.
يصف المستشار المالي سامر شعبان أن ما يحدث يُصنف كتراجع دوري مؤقت أكثر من كونه تحولاً هيكلياً، موضحاً أن ضغوط السيولة ناتجة عن ظروف اقتصادية عابرة لا تغير جذرياً في سلوك المستثمرين.
في المقابل، يرى المستشار المالي خالد الزايدي أن ضعف السيولة بات أكثر وضوحاً مع انخفاضها أيضاً في السوق الرئيسية، ما يحد من قدرة “نمو” على استيعاب طروحات جديدة في المرحلة الحالية. ويطرح الزايدي خيار فتح الاستثمار الأجنبي كأحد المسارات الممكنة لتنشيط التداول، لكنه يشدد على ضرورة تطبيقه بحذر لتجنب دخول أموال قصيرة الأجل قد ترفع الأسعار سريعاً قبل أن تضغط على السوق عند خروجها.
اقرأ أيضاً: السعودية تسهل دخول مزيد من المستثمرين إلى السوق الموازية “نمو”
وفي محاولة لموازنة هذه التراجعات، اتجهت هيئة السوق المالية إلى توسيع قاعدة المستثمرين المؤهلين في سوق “نمو”، لتشمل حملة البكالوريوس في المالية والمحاسبة مع خفض الحد الأدنى لقيمة الصفقات إلى 20 مليون ريال خلال 12 شهراً. إلا أن شعبان يرى أن هذه الخطوات وإن دعمَت حجم المشاركة إلا أن تأثيرها سيظل محدوداً ما لم تتحسن جودة الطروحات وتقييماتها.
التعثر يمتد إلى السوق الرئيسية.. إخفاق في تغطية الأفراد وتأجيل اكتتاب
تفاقم تأثير ضعف السيولة ليطال السوق الرئيسية، حيث سجل طرح شركة “الرمز للعقارات” تغطية لم تتجاوز 36% لشريحة الأفراد، في امتداد لحالات ضعف الإقبال التي ظهرت مؤخراً. فقبل أيام بلغت تغطية الأفراد في اكتتاب اتحاد جروننفلدر سعدي القابضة “سي جي إس” نحو 70.9% فقط، وكانت المرة الأولى التي لم يتم فيها تغطية الأسهم المخصصة للأفراد منذ اكتتاب المراكز العربية “سينومي سنترز” 60% عام 2019.
وامتداداً لهذا المزاج المتحفظ، تم تأجيل طرح شركة “إي إف إس آي إم” لإدارة المرافق بعد انتهاء فترة بناء سجل الأوامر في 7 ديسمبر دون إعلان نتائج التغطية، في مؤشر إضافي على أن ضعف السيولة لا يقتصر على اكتتابات الأفراد، بل يؤثر أيضاً في المؤسسات.
اقرأ المزيد: فورة الطروحات في الخليج تنحسر وسط منافسة من الأسواق العالمية
ورأى هشام أبو جامع، كبير المستشارين في شركة نايف الراجحي الاستثمارية، أن الاكتتابات تمر بدورة طويلة تمتد إلى 4 سنوات منذ بدء تجهيز الشركات للطرح، لكن المرحلة الأكثر حساسية تأتي بعد موافقة هيئة السوق المالية، حيث لا يتجاوز زمن الطرح ستة أشهر، ما قد يدفع بعض الشركات للطرح في توقيت غير مناسب.
وأضاف أن غياب المحفزات الواضحة من الشركات والبنوك يعمق حالة الحذر في السوق، ويدفع المتداولين للبحث عن فرص في أسواق خارجية أكثر نشاطاً، مثل السوق الأميركي الذي سجل تداولات قياسية للمستثمرين السعوديين.
أما المستشار المالي سامر شعبان، فيؤكد أن نجاح الطروحات المقبلة يرتبط بقدرة الشركات على تقديم تقييم واقعي يوفر مساحة أمان للمستثمر، مع دور تسويقي فعال لمدير الطرح يُبرز قصة النمو بوضوح. وشدد على أن ثقة المستثمر تتكون حين لا يشعر بأن الهدف من الطرح هو التخارج، مؤكداً أن انعدام الثقة يسبق الهبوط السعري قبل بدء التداول.
| العام | متوسط تغطية المؤسسات (مرة) | متوسط تغطية الأفراد (مرة) |
| 2025 | 101.9 | 7.5 |
| 2024 | 128.6 | 14.1 |
| مصدر البيانات: موقع تداول السعودية | ||



