أسهم السيارات الكهربائية الصينية تحت الضغط قبيل عام 2026 صعب

عوّل المستثمرون في أسهم السيارات الكهربائية الصينية على موسم أرباح قوي يمنح القطاع جرعة دعم جديدة، لكن النتائج المخيبة للآمال فاقمت المخاوف من المستقبل.
كان القطاع يسجل زخماً قوياً، حيث ارتفعت مكاسب “إكس بنغ” (Xpeng) منذ بداية العام بأكثر من 130% حتى بداية نوفمبر، مدعومة بانتعاش شهية المخاطرة عالمياً وتحسّن التوقعات بشأن الأصول الصينية. لكن ظهور مؤشرات ضغط حتى لدى شركات راسخة مثل “بي واي دي” (BYD) أعاد طرح تساؤلات حول ربحية القطاع بعد توسعه السريع.
ضغوط على أسهم شركات المركبات الكهربائية الصينية
انتقل التركيز اليوم نحو أداء شركات السيارات الكهربائية الصينية في عام 2026، في ظل توقعات بتراجع الطلب المحلي مع تقلص الدعم الحكومي. كما قد تتعرض الأرباح لضغوط إضافية، مع ارتفاع التكاليف واستمرار الخصومات لجذب المستهلكين.
وقالت بينغ يوان، مديرة الصناديق في “إدموند دي روتشيلد لإدارة الأصول” (Edmond de Rothschild Asset Management) “نتوقع أن تكون بيئة الطلب صعبة في الربع الأول من 2026، خصوصاً بعد نحو عامين من سياسات الاستبدال والتخريد على مستوى البلاد” والتي ساهمت في تعزيز مبيعات السيارات الكهربائية. وأشارت إلى أن وتيرة المنافسة مرشحة للتصاعد، ما سيؤثر سلباً على الهوامش الربحية خلال العام المقبل.
اقرأ أيضاً: مبيعات “BYD” تتراجع لأول مرة منذ 18 شهراً مع احتدام المنافسة في الصين
سارع المستثمرون إلى التخلي عن الأسهم الأفضل أداء بعدما جاءت النتائج دون التوقعات. هوت أسهم “إكس بنغ” بنسبة 10% في بورصة هونغ كونغ في اليوم التالي لإعلان الشركة عن استمرار الخسائر وتقديمها توجيهات مستقبلية ضعيفة. كما تراجعت أسهم “تشجيانغ ليب موتور تكنولوجي” (Zhejiang Leapmotor Technology) إلى أدنى مستوياتها منذ أبريل، بعدما لم تتجاوز أرباحها 65% من متوسط تقديرات المحللين، رغم تضاعف مبيعاتها تقريباً.
اقرأ أيضاً: جولينا ليو: قطاع السيارات الصيني واسع بدرجة لا تخدم مصلحته
بدورها، أصدرت شركتا “لي أوتو” (Li Auto) و”نيو” (Nio) توقعات إيرادات وتسليم المركبات في الربع الرابع دون مستوى توقعات السوق، ما يعكس ضعف الطلب الاستهلاكي في فترة تُعدّ حاسمة لشركات السيارات الساعية لتحقيق أهدافها السنوية في المبيعات.
توجه نحو السيارات الكهربائية الأرخص
توقع المحللون ارتفاعاً في وتيرة تسليم السيارات الكهربائية مع اقتراب نهاية العام، بما أن الضرائب ستعود لتُفرض تدريجياً على هذه المشتريات اعتباراً من عام 2026، بعد فترة طويلة من الإعفاءات. لكن التوقعات للعام المقبل تبدو أكثر تشاؤماً، إذ ترجح بلومبرغ إنتليجنس أن يتباطأ نمو سوق مركبات الطاقة الجديدة في الصين إلى 13% مقارنة بـ27% هذا العام.
وفي محاولة لاحتواء أثر تقليص الحوافز الضريبية، أطلقت شركة “جيلي أوتوموبيل هولدينغز” (Geely Automobile Holdings) هذا الشهر خصومات تصل إلى 15 ألف يوان (نحو 2119 دولاراً). وسارت على النهج نفسه شركات أخرى، من بينها “لي أوتو” و”شاومي” (Xiaomi).
قالت ديزي لي، مديرة الصناديق في شركة “إي إف جي” لإدارة الأصول (EFG Asset Management)، إن هذه العروض، إلى جانب ارتفاع تكاليف البطاريات، ستكون بمثابة “رياح معاكسة للهوامش”، مضيفة أن ضغوط الأرباح ستستمر حتى مع شروع الشركات في الابتعاد عن حروب الأسعار الشرسة بدفع من حملة بكين المناهضة لـ”الإنهاك التنافسي”.
شياو فنغ، الرئيس المشارك لقسم أبحاث القطاع الصناعي الصيني لدى شركة “سي إل إس إيه” (CLSA) في هونغ كونغ قال إن مصنّعي السيارات الأرخص سعراً مثل “بي واي دي” و”جيلي” و”ليب موتور” في موقع أفضل للتعامل مع تباطؤ السوق المتوقع في العام المقبل.
اقرأ أيضاً: السيارات الصينية توسع حصتها في أوروبا بطرز هجينة ميسورة التكلفة
وأضاف “نلاحظ بوضوح اتجاهاً نحو السيارات الأرخص، حيث بدأ المشترون الذين اعتادوا اختيار الطرازات المتوسطة إلى الفاخرة، بالتوجه نحو سيارات أكثر شعبية”، كما تلقى هذه الطرازات رواجاً أيضاً خارج الصين.
شركات صينية تراهن على التوسع العالمي والروبوتات
في غضون ذلك، تسعى بعض الشركات إلى التوسع في الأسواق الخارجية حيث يمكنها بيع منتجاتها بأسعار أعلى لتعزيز هوامش الربحية. تضاعفت مبيعات “بي واي دي” خارج الصين خلال الربع الثالث مقارنة بالعام الماضي، مدعومة بطلب قوي في أوروبا وأميركا اللاتينية. من جانبها، تتوقع “جيلي” أن تقفز مبيعاتها الخارجية بنسبة تصل إلى 80% في عام 2026.
اقرأ أيضاً: أرباح “BYD” تقفز مدعومة بالتوسع الخارجي القوي
في الوقت نفسه، تبحث شركات أخرى عن النمو في مجالات تتجاوز السيارات الكهربائية، إذ تخطط “إكس بنغ” لبدء الإنتاج التجاري للروبوتات البشرية بحلول نهاية 2026، بينما تسعى “لي أوتو” إلى تحويل مركباتها إلى روبوتات قائمة على “الذكاء الاصطناعي المتجسّد”، وفقاً لما جاء في إفصاحاتهما المالية.
مع ذلك، قد يستغرق هذا النوع من الجهود وقتاً قبل أن ينعكس إيجاباً على الأداء. حتى هذه اللحظة، يواجه قطاع السيارات الكهربائية في الصين مستقبلاً ضبابياً.
كتب محللو “يو بي إس سيكيوريتيز آسيا” (UBS Securities Asia)، ومن بينهم بول غونغ، في مذكرة بحثية “سيتردد المستثمرون في ضخ استثمارات إضافية في القطاع ما لم تتضح السياسات لعام 2026”. وأضافوا “نحافظ على نظرتنا الحذرة تجاه القطاع، لا سيما حيال الشركات التي حققت أداءً قوياً خلال فترة التحفيز”.



