اتفاق مبدئي يخفض الرسوم الأميركية على سويسرا إلى 15% بعد تعهد استثمار

توصلت الولايات المتحدة وسويسرا إلى اتفاق تجاري أولي لخفض الرسوم الجمركية على العديد من السلع السويسرية، بما في ذلك الساعات، من 39% إلى 15%، في خطوة توفر قدراً من الانفراج لمصدّري سويسرا الذين يواجهون ضغوطاً شديدة.
الاتفاق المنتظر يمنح متنفساً لسويسرا، التي تعرضت لأعلى تعرفة فرضتها إدارة ترمب على أي دولة متقدمة. وأعلن الممثل التجاري الأميركي جيميسون غرير الاتفاق في مقابلة تلفزيونية في وقت سابق.
انخرط المسؤولون السويسريون في جهود دبلوماسية مكثفة منذ الإعلان عن الرسوم المرتفعة في أغسطس، سعياً للحصول على شروط أفضل. وكانت “بلومبرغ” قد أوردت يوم الإثنين أن سويسرا والولايات المتحدة تقتربان من التوافق على نسبة 15%.
سويسرا تقترب من اتفاق جديد مع ترمب يخفض الرسوم إلى 15%
تعهد باستثمار 200 مليار دولار
تعهدت شركات من سويسرا وليختنشتاين باستثمار 200 مليار دولار خلال السنوات الخمس المقبلة، من بينها 67 مليار دولار في 2026، بهدف خلق وظائف في مجالات التصنيع والبحث والتطوير، وفقاً لمذكرة معلومات صادرة عن البيت الأبيض.
وقال البيت الأبيض إن هذه الاستثمارات سيخلق وظائف في عدد من القطاعات، من بينها الصناعات الدوائية، والآلات، والأجهزة الطبية، وتصنيع الذهب، وصناعات الفضاء، والبنية التحتية للطاقة.
الرسوم على الأدوية والرقائق
الرسوم الجمركية على السلع الدوائية والرقائق الإلكترونية ستُحدد أيضاً عند سقف 15% إذا سعى ترمب لفرض رسوم قطاعية إضافية.
إلغاء رسوم سويسرية
كما تعتزم سويسرا وليختنشتاين إلغاء مجموعة من الرسوم الجمركية عبر القطاعات الزراعية والصناعية، وفقاً للبيت الأبيض، بما في ذلك الرسوم على المكسرات الطازجة والمجففة، والأسماك والمأكولات البحرية، وبعض الفواكه، والمواد الكيميائية، وبعض أنواع المشروبات.
وقال وزير الاقتصاد السويسري غاي بارملين للصحفيين في العاصمة برن إن التعرفة السابقة كانت تؤثر على نحو 40% من صادرات البلاد، مؤكداً أن سويسرا “لم تقدّم أي تنازلات من شأنها أن تهدد حيادها أو استقلالها”.
ومع الحصول رسوم مطابقة لتلك المفروضة على الاتحاد الأوروبي، تضع الشركات السويسرية نفسها في موقع مماثل لمنافسيها داخل التكتل التجاري. غير أن ذلك لا يمنحها أفضلية على المنافسين الأوروبيين الذين لا يواجهون قوة الفرنك، الذي ارتفع صباح الجمعة إلى أعلى مستوى له منذ عقد مقابل اليورو.
طائرات “بوينغ” واستثمارات دوائية
قالت كبير المفاوضين السويسريين هيلين بودليغر أرتييدا إن عملاء في سويسرا يعتزمون أيضاً شراء طائرات من شركة “بوينغ” الأميركية.
وتعهّدت شركتا “روش هولدينغ” (Roche Holding) و”نوفارتس” (Novartis) باستثمار أكثر من 70 مليار دولار في التصنيع والبحث والتطوير في الولايات المتحدة خلال السنوات المقبلة، لكن لم يتضح بعد من أين سيأتي الجزء المتبقي من الاستثمارات.
تعهدات “غير ملزمة” للشركات
أضافت أرتييدا: “لا يمكن للحكومة السويسرية إلزام الشركات بإجراء الاستثمارات”، مضيفة أن التعهّدات الاستثمارية الواردة في الاتفاق “غير ملزمة قانونياً”.
وعلى غرار الذهب والرقائق الإلكترونية، لا تزال المنتجات الدوائية معفاة من الرسوم في الوقت الحالي. وتُجري كل من “روش” و”نوفارتس” محادثات مع البيت الأبيض بشأن سبل خفض أسعار الأدوية وتفادي رسوم محتملة مستقبلاً، في أعقاب اتفاقات مماثلة أبرمتها شركات “فايزر” و”أسترازينيكا” وغيرها.
حصص معفاة من الرسوم
بموجب الاتفاق، ستمنح سويسرا أيضاً الولايات المتحدة حصصاً جمركية ثنائية معفاة من الرسوم تشمل 500 طن من لحوم الأبقار، و1,000 طن من لحم البيسون، و1,500 طن من لحوم الدواجن، في خطوة تُعد من الحالات النادرة لتخفيف الحواجز التجارية الزراعية لديها. ونظراً لقوة جماعات الضغط الزراعية في سويسرا، فمن المرجح أن يكون هذا الإجراء مثيراً للجدل سياسياً.
جهود دبلوماسية
قال البيت الأبيض في بيان إن المفاوضات لوضع الإطار النهائي ستبدأ فوراً بهدف الانتهاء منها بحلول الربع الأول من العام المقبل. كما أوضح البيت الأبيض أن سويسرا ستواصل الامتناع عن فرض ضريبة على الخدمات الرقمية، في خطوة من شأنها عملياً حرمانها من توسيع نطاق فرض الضرائب على إيرادات شركات التكنولوجيا الأميركية الكبرى.
ويُعد الاتفاق التجاري الذي جرى تفصيله يوم الجمعة تتويجاً لأشهر من الجهود الدبلوماسية التي أجراها مسؤولون حكوميون سويسريون وشخصيات اقتصادية بارزة، بعدما تعرضت القطاعات الرئيسية في سويسرا، بما في ذلك الساعات والآلات والأدوات الدقيقة، لضغوط كبيرة جراء الرسوم الأميركية الباهظة.
رسوم ترمب على سويسرا تبطئ عقارب بائعة “رولكس”
وقال غرير في وقت سابق الجمعة إن سويسرا “ستنقل الكثير من المصانع إلى الولايات المتحدة”.
يرى البنك المركزي السويسري أن الشركات المصنعة، إلى جانب صادرات الأغذية والمواد الكيميائية، كانت الأكثر تضرراً من التعرفة البالغة 39%.
وينهي هذا الإنجاز نزاعاً دام عدة أشهر بدأ في أغسطس، عندما فرض ترمب الرسوم البالغة 39% على الصادرات السويسرية، وهي أكثر من ضعف المعدل المفروض على الاتحاد الأوروبي. وقد فاجأ القرار المسؤولين السويسريين الذين كانوا يعتقدون أنهم توصلوا سابقاً إلى اتفاق مع نظرائهم الأميركيين.
بنسبة 39%.. ترمب يفرض رسوماً جمركية تفوق التهديدات على سويسرا
وساهمت طفرة صادرات الذهب في تضخيم فائض سويسرا التجاري مع الولايات المتحدة في توقيت حساس. إذ تجاوزت صادرات الذهب أكثر من 36 مليار دولار، لتشكل ما يزيد على ثلثي العجز التجاري الأميركي مع سويسرا خلال الربع الأول، مدفوعة بعمليات مقايضة بسبب الجمارك.
عرضت سويسرا، المركز العالمي لصناعة تكرير الذهب، الاستثمار في هذا القطاع داخل الولايات المتحدة في وقت سابق من هذا العام، في محاولة لتحسين تسوية التعرفة، وفقاً لما ذكرته “بلومبرغ” في سبتمبر.
وتبدّلت الحالة العامة هذا الشهر، عندما التقى عدد من كبار المليارديرات السويسريين ترمب في البيت الأبيض، في أجواء وصفت بأنها ودّية. وقد شكّل ذلك تبايناً حاداً مع المكالمة الهاتفية الحادة التي جرت بين الرئيس الأميركي ونظيرته السويسرية كارين كيلر-سوتر قبل اندلاع أزمة أغسطس.
غياب رئيسة سويسرا
غابت الرئيسة السويسرية عن معظم المحادثات خلال الأسابيع الأخيرة، بينما تولّى بارملين، الذي سيتسلم الرئاسة الدورية في الأول من يناير خلفاً لكيلر-سوتر، وبودليغر أرتييدا قيادة الوفود السويسرية.
وتلقّى الاثنان أسئلة الصحفيين في برن يوم الجمعة دون أي حضور للرئيسة السويسرية التي تبقى لها ستة أسابيع فقط في منصبها.



