اخر الاخبار

مؤشرات وول ستريت تنتعش بدعم من التفاؤل بقرب انتهاء الإغلاق الحكومي

دفعت رهانات “وول ستريت” على اقتراب نهاية أطول إغلاق حكومي في تاريخ الولايات المتحدة الأسهم إلى الانتعاش، وسط تفاؤل بأن استئناف نشر البيانات الاقتصادية الرسمية سيساعد في توضيح ملامح توجهات مجلس الاحتياطي الفيدرالي.

ارتفع مؤشر “إس آند بي 500” ليمحو خسائره السابقة، مع صعود نحو 345 سهماً، وقفز مؤشر “داو جونز” الصناعي بنسبة 1.2%. صعد سهم “فيديكس كورب”، الذي يُعد مقياساً لحالة الاقتصاد، بأكثر من 5% بعدما توقعت الشركة تحسناً في أرباح هذا الربع مقارنة بالعام الماضي. 

كما تراجع سهم “إنفيديا كورب” بنسبة 3% بعد أن باعت مجموعة “سوفت بنك” حصتها الكاملة في شركة الرقائق مقابل 5.83 مليار دولار لتمويل استثمارات في الذكاء الاصطناعي.

ومع إغلاق سوق السندات بمناسبة “يوم المحاربين القدامى”، ارتفعت العقود الآجلة للخزانة الأميركية بعد أن أظهرت بيانات “أيه دي بي” تباطؤ سوق العمل في النصف الثاني من الشهر الماضي، إذ اعتمد المتداولون على بيانات خاصة في ظل تأخر الإحصاءات الرسمية نتيجة الإغلاق الحكومي.

اقتراب نهاية الإغلاق الحكومي

يتجه الإغلاق القياسي نحو نهايته اعتباراً من يوم الأربعاء، بعدما أقرّ مجلس الشيوخ إجراءً مؤقتاً لتمويل الحكومة، فيما يعتمد استئناف العمل الحكومي على مجلس النواب، الذي يخطط للعودة إلى واشنطن للنظر في حزمة الإنفاق. وسيُبقي الإجراء معظم مؤسسات الحكومة مفتوحة حتى 30 يناير، وبعض الوكالات حتى 30 سبتمبر.

وفي حال الموافقة عليه، ستُحال الحزمة إلى الرئيس دونالد ترمب الذي أبدى بالفعل تأييده للتشريع.

وأشار جيم ريد من “دويتشه بنك” إلى أنه خلال الإغلاق الذي حدث عام 2013، أُعيد فتح الحكومة في 17 أكتوبر، وصدر تقرير الوظائف لشهر سبتمبر بعد خمسة أيام فقط.

وقال: “استناداً إلى هذا الجدول الزمني، قد نحصل على تقرير الوظائف لشهر سبتمبر قريباً، لا سيما أن الإصدار الأصلي كان من المقرر في الثالث من أكتوبر، بعد يومين فقط من بدء الإغلاق. الأسبوع المقبل يبدو واقعياً”.

أغلق مؤشر “إس آند بي 500” قريباً من مستوى 6850 نقطة، فيما لم يشهد الدولار تغيراً يُذكر. أما “بتكوين”، فما زالت تكافح للتعافي بعد تعثرها الشهر الماضي، وسط مؤشرات على إرهاق في أسواق العملات المشفّرة.

التفاؤل بدفعة بعد انتهاء الإغلاق

أظهرت بيانات “سي إف آر إيه” أن مؤشر “إس آند بي 500” ارتفع في المتوسط بنسبة 2.3% خلال الشهر الذي أعقب انتهاء الإغلاقات الخمسة عشر السابقة، وهو ما قد يدفع المؤشر إلى نحو 7 آلاف نقطة بحلول منتصف ديسمبر إذا تكرر النمط ذاته.

وقد يعزز استئناف إصدار البيانات الاقتصادية من رهانات المستثمرين على خفض أسعار الفائدة من جانب الاحتياطي الفيدرالي، خصوصاً أن المتداولين عازمون على تحقيق انتعاش نهاية العام، وسيتطلب الأمر انتكاسات أشد بكثير من تلك التي حصلت لتحويل توقعاتهم إلى هبوطية.

 وقال فريق “جيه بي مورغان ماركت إنتليجنس” بقيادة أندرو تايلر: “نحن مشترون في هذا التراجع ونحافظ على نظرتنا الإيجابية التكتيكية”، موضحاً أن “أكبر محفز قريب الأجل سيكون إعادة فتح الحكومة، ما سيدعم توقعات الناتج المحلي الإجمالي للربع الحالي، وقد يضخ المزيد من السيولة في السوق، وهو ما عادة ما يدعم الأسهم”.

معنويات الشركات مرتفعة رغم الإغلاق

وفي الوقت نفسه، يبدو أن التنفيذيين في الشركات يظهرون تفاؤلاً ملحوظاً بشأن الاقتصاد خلال موسم الأرباح الحالي. إذ تُظهر بيانات “بلومبرغ” أن استخدام عبارة “تباطؤ اقتصادي” ومترادفاتها خلال مكالمات الأرباح والتوجيهات هو الأدنى منذ عام 2007، رغم الاضطراب الذي سببه الإغلاق في البيانات الرسمية.

ويأتي ذلك فيما يتجه “إس آند بي 500” لتحقيق ثالث عام على التوالي من العوائد المرتفعة، مع وصول تقييمات الأسهم إلى مستويات مماثلة لتلك التي سجلت في ذروة ما بعد جائحة كورونا.

وقال لويس نافلييه من “نافلييه آند أسوشيتس”: “بشكل عام، الاتجاه ما يزال إيجابياً. تسجيل قمم جديدة بنهاية العام يبقى احتمالاً قائماً، خصوصاً إذا خفّض الفيدرالي الفائدة في ديسمبر واعتمد لهجة أكثر ميلاً للتيسير”.

من جهتها، تعتقد أولريكه هوفمان-بورشارد من “يو بي إس لإدارة الثروات العالمية” أن “التيسير النقدي من الفيدرالي، والأرباح القوية للشركات، والإنفاق الكبير على الذكاء الاصطناعي، هي المحركات الرئيسة للسوق، ومن المرجح أن تستمر في دعم موجة الصعود في الأسهم”.

الإنفاق على الذكاء الاصطناعي يحرك السوق

تُظهر نتائج شركات التكنولوجيا الكبرى أن أكبر الشركات في العالم ما زالت تضخ مليارات الدولارات في البنية التحتية للذكاء الاصطناعي، ما ينعش معنويات المستثمرين ويعزز الرهانات على هذا القطاع.

ومع ذلك، بدأ المستثمرون بتدقيق النفقات الضخمة التي تنفقها شركات مثل “أوبن إيه آي” و”ميتا بلاتفورمز” و”مايكروسوفت”، ما أدى إلى تذبذبات حادة في بعض الأسهم التي كانت من أبرز الرابحين خلال العام.

وقال المخضرم في “وول ستريت” تشارلز كلوف إن عمالقة التكنولوجيا اليوم يمتلكون نماذج أعمال قوية تحقق أرباحاً كبيرة، ما يحميهم من أي تباطؤ اقتصادي، مضيفاً أن “السيولة في السوق أكثر قوة الآن، ما يسمح بتحقيق المزيد من المكاسب في أسعار الأسهم”.

وأضاف كلوف، مؤسس شركة “كلوف كابيتال بارتنرز”: “الناس يطرحون الأسئلة الخطأ حول الفقاعات. يعتقدون أنهم سيعيدون تجربة الماضي، لكن العالم لم يعد كما كان، خصوصاً الأسواق المالية التي تغيّرت جذرياً”.

قالت نعومي فينك من “أموفا أسيت مانجمنت”: “أُنفقت طاقة كبيرة في النقاش حول ما إذا كانت هوامش أرباح الشركات الضخمة في الحوسبة السحابية غير مستدامة. والرد المعتاد هو أنه حتى لو كانت كذلك، فإن محاولة تحديد توقيت تصحيح أي خلل مكلفة للغاية ولا تستحق العناء، إذ حتى المستثمرين المحترفين يعجزون غالباً عن تحديد نهاية تسعير السوق الخاطئ”.

وأشارت فينك إلى أنه “من الممكن أيضاً أننا نطرح السؤال الخطأ، فربما تتم المبالغة في التركيز على استدامة الهوامش، في حين أن دور انخفاض تكلفة الأسهم لا يحظى بالتقدير الكافي”.

وقال دوغ بيث من “معهد ويلز فارغو للاستثمار”: “ما زلنا نحتفظ بنظرة إيجابية تجاه الذكاء الاصطناعي، ونعتقد أننا لا نزال أقرب إلى بداية دورة إنفاق رأسمالي قوية تشمل الذكاء الاصطناعي والابتكارات التقنية الأخرى، أكثر مما نحن قرب نهايتها”، مضيفاً أنه يوصي بعدم المبالغة في دفع مبالغ زائدة في هذا القطاع، مع تنويع التعرض عبر إضافة أسهم المرافق والصناعات التي تستفيد من توسع مراكز البيانات، ولكن بتقييمات أقل.

التركيز المفرط على الذكاء الاصطناعي قد يُغفل فرصاً أخرى

أشار محللو “بنك أوف أميركا” إلى أن السوق ركزت بشدة على تملك أسهم الشركات المستفيدة من استثمارات الذكاء الاصطناعي، من أشباه الموصلات إلى محطات الطاقة ومزودي الحوسبة العملاقة، لدرجة أن النقاش قد يغفل فرصاً في قطاعات أخرى.

ورغم أن أرباح شركات التكنولوجيا الكبرى منحت زخماً قوياً لتجارة الذكاء الاصطناعي، فإن المستثمرين ينتظرون الآن الحدث الأبرز المقبل في السوق، أي إعلان “إنفيديا” عن نتائجها في 19 نوفمبر، وسط توقعات مرتفعة، خصوصاً بعد أن قدّم الرئيس التنفيذي جنسن هوانغ توقعات قوية للنمو في مناسبة عقدت مؤخراً.

وقال مات مالي من “ميلر تاباك”: “أسهم التكنولوجيا ستظل هي العامل الحاسم في تحديد اتجاه سوق الأسهم في المرحلة المقبلة، سواء أحب المستثمرون ذلك أم لا”.

نظرة فنية وتحليل أوسع للسوق

قال مارك نيوتن إنه متفائل بشأن فرص “إنفيديا” لاستعادة مستوياتها القياسية السابقة، لكنه غير متأكد من حدوث ذلك بوتيرة متصلة، مشيراً إلى أن “اتساع السوق” لا يزال يشكل تحدياً.

وأضاف نيوتن، رئيس قسم الاستراتيجية الفنية في “فندسترات غلوبال أدفايزرز”: “أعتقد أن قاع الأسبوع الماضي ربما كان الأدنى لأسهم نوفمبر، لكن يصعب توقع استمرار الارتفاع مباشرة، وقد نشهد بعض التراجع المؤقت هذا الأسبوع قبل انطلاق موجة صعود أكبر”.

وقال أنتوني ساغليمبيني من “أميريبرايز”: “هناك مجال واسع لتحسّن اتساع السوق إذا كنت متفائلاً، بالنظر إلى الاتجاهات الربحية الصحية عموماً عبر القطاعات. أما إذا كنت متشائماً، فإن مثل هذه البيانات تُظهر أنه لولا طفرة الذكاء الاصطناعي والأسهم الكبرى البارزة في 2025، لكانت الصورة الاستثمارية مختلفة تماماً”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *