أسهم “أوبر” تتراجع رغم النمو القوي في أعمالها بعد توقعات أرباح حذرة

تراجع سهم شركة “أوبر تكنولوجيز” (Uber Technologies Inc) بأكبر وتيرة في نحو 11 شهراً، بعدما أصدرت الشركة توقعات حذرة للأرباح المعدّلة، وأعلنت أن التكاليف القانونية قلّصت أرباحها في الربع الثالث، رغم النمو القوي في نشاطيها الرئيسيين: النقل التشاركي وتوصيل الطلبات.
وقالت الشركة في بيان الثلاثاء إن دخلها التشغيلي بلغ 1.11 مليار دولار للأشهر الثلاثة المنتهية في 30 سبتمبر، مقارنةً بتوقعات المحللين البالغة 1.62 مليار دولار وفق بيانات جمعتها “بلومبرغ”.
وعزا المدير المالي، براشانت ماهيندرا-راجا، هذا التراجع إلى “مسائل قانونية وتنظيمية لم يُفصح عنها”. أما الأرباح المعدلة قبل الفوائد والضرائب والاستهلاك والإطفاء، فبلغت 2.26 مليار دولار، وهي أقل قليلاً من التقديرات.
كما توقعت الشركة أن تتراوح الأرباح المعدلة للربع الرابع بين 2.41 و2.51 مليار دولار، مع كون نقطة المنتصف دون متوسط توقعات المحللين البالغ 2.49 مليار دولار.
وانخفض سهم “أوبر” بنسبة 5.1% ليغلق عند 94.67 دولاراً، في أكبر تراجع له منذ سبعة أشهر، رغم أنه ارتفع بنسبة 57% منذ بداية العام، متفوقاً على أداء مؤشر “إس آند بي 500”.
توقعات السوق تطغى على النتائج القوية
جاءت ردّة الفعل السلبية للأسواق رغم أن تقرير الأرباح أظهر أقوى نمو فصلي للشركة منذ نهاية 2023، إذ تجاوز عدد الرحلات وطلبات التوصيل التوقعات، ما يشير إلى نجاح جهود الشركة في توسيع خدماتها جغرافياً وتنويع عروضها.
وسجّلت إجمالي الحجوزات، التي تشمل الرحلات وطلبات التوصيل وأرباح السائقين والتجار (باستثناء الإكراميات)، ارتفاعاً بنسبة 21% إلى 49.7 مليار دولار في الربع الثالث، متجاوزة تقديرات المحللين.
وقال الرئيس التنفيذي دارا خوسروشاهي في تصريحات معدّة إن نمو الرحلات في الولايات المتحدة تسارع بفضل “الإقبال المتزايد على الخيارات منخفضة التكلفة، وتراجع ضغوط التأمين”، بينما ساهم النشاط السياحي القوي خلال الصيف في زيادة الطلب عالمياً.
وأضافت الشركة أن حجم الرحلات الكلي حقق أكبر قفزة في تاريخها خارج مرحلة ما بعد الجائحة، وتتوقع استمرار الزخم مع دخول موسمها الأكثر نشاطاً، إذ تتراوح توقعات الحجوزات للربع الرابع بين 52.25 و53.75 مليار دولار، ما يمثل نمواً يتراوح بين 18% و22% بحسب حسابات “بلومبرغ”.
محللون متفائلون رغم تراجع السهم
أشار محللون من “ويليام بلير” إلى أن “أوبر ما زالت في موقع قوي، مع توقع استمرار نمو الأرباح المعدلة خلال 2025 و2026، إلى جانب توسع التدفقات النقدية الحرة”. وكتب محللو “جيفريز” أن النتائج “تعزز الثقة في استدامة نمو الحجوزات بمعدلات في منتصف خانة العشرات ونمو الأرباح بأكثر من 20% حتى عام 2027”.
قد تؤثر هذه النتائج الأخيرة على توقعات شركات خدمات النقل التشاركي وتوصيل الطعام الأخرى، حيث يراقب المستثمرون عن كثب مؤشرات على صحة المستهلك الأميركي.
من المقرر أن تُعلن كل من شركة “ليفت” المنافسة في مجال مشاركة الرحلات، ومنافستها في مجال التوصيل “دورداش” عن نتائجها المالية بعد إغلاق التداول يوم الأربعاء. وانخفض سهم “ليفت” بنسبة 7.3% و”دورداش” بأقل من 1%.
تغييرات في أسلوب الإفصاح المالي
تخطط “أوبر” لتغيير طريقة عرض أرباحها بدءاً من الربع الأول من العام المقبل، حيث ستنتقل إلى الإفصاح عن الدخل التشغيلي المعدّل بدلاً من الأرباح قبل الفوائد والضرائب والإهلاك والاستهلاك المعدلة، كما ستبدأ بتقديم توقعات الأرباح المعدلة للسهم الواحد.
وأكد ماهيندرا-راجا أن التغيير في العرض لن يؤثر على التوجّه المالي للسنوات الثلاث المقبلة، قائلاً: “نحن في موقع جيد لتحقيق التزاماتنا المالية طويلة الأجل، مع الاستمرار في تمويل مبادرات النمو الاستراتيجية بالشكل المناسب”.
خريطة النمو المستقبلية
عرض خوسروشاهي للمرة الأولى تفاصيل الخطة الاستراتيجية متوسطة المدى، التي تتركز في ستة مجالات رئيسية، هي: توسيع نشاطي النقل والتوصيل، بناء منصة هجينة تجمع بين المركبات البشرية وذاتية القيادة، تقديم أنواع متعددة من فرص العمل المؤقت، تطوير تقنيات الذكاء الاصطناعي التوليدي.
وأحرزت الشركة تقدماً في هذه المجالات، إذ عقدت أكثر من 12 شراكة في مجال السيارات ذاتية القيادة، وأنشأت خدمة لتصنيف البيانات بالذكاء الاصطناعي للشركات، وأطلقت مهام رقمية جديدة للسائقين.
وأوضح ماهيندرا-راجا أن “أوبر” تخلّت عن استثمارات أسهم بقيمة 1.4 مليار دولار من أصل 10.3 مليارات استثمرتها في شركات أخرى، على أن تُوجَّه العائدات إلى أولويات مثل إطلاق مزيد من سيارات الأجرة الذاتية حول العالم.
الرهان على القيادة الذاتية
أشار خوسروشاهي في اتصال مع المحللين، إلى أن رهان الشركة على المركبات الذاتية لن يكون مربحاً في السنوات القريبة، إذ لا تزال تعمل على توسيع توفرها للعملاء، مؤكداً أن كل منتج جديد يبدأ عادة بخسائر قبل أن يتحول إلى الربحية.
وقال: “أي منتج جديد نطرحه في السوق يبدأ بخسائر وعدم ربحية، لكن النمط يتكرر دائماً، كلما تحسّنت السيولة والموثوقية، زاد الطلب وتحسّنت رغبة المستهلكين في الدفع مقابل الجودة. فعلنا ذلك عشر مرات، خمس عشرة مرة، مراراً وتكراراً”، واصفاً هذا النهج بـ”استراتيجية أوبر الصارمة” التي تعتمدها الشركة في رهاناتها الجديدة.



