اخر الاخبار

الأسواق تحبس أنفاسها مع بدء قمة ترمب وشي بعد أشهر من التوترات

تترقب الأسواق نتائج القمة التي انطلقت الخميس في كوريا الجنوبية بين زعيمي أكبر اقتصادين في العالم، وسط مؤشرات على إمكانية توقيع اتفاق يرسخ هدنة، ولو مؤقتة، بعد أشهر من الفوضى التجارية.

بدأ الاجتماع في الساعة 11 صباحاً بالتوقيت المحلي في مدينة بوسان الكورية الجنوبية، في أول لقاء مباشر بينهما منذ عودة الرئيس الأميركي دونالد ترمب إلى الرئاسة في يناير. وأظهرت اللقطات الأولية ترمب ونظيره الصيني شي جين بينغ يتصافحان ويأخذان الصور التذكارية، قبيل بدء المحادثات. 

وقال ترمب لنظيره الصيني: “أعتقد أننا اتفقنا بالفعل على الكثير من الأمور، وسنتفق على أمور أخرى الآن”، واصفاً شي بأنه “مفاوض صعب للغاية”، لكنه أيضاً “قائد عظيم لدولة عظيمة”، معرباً عن اعتقاده بـ”أننا سنقيم علاقة رائعة لفترة طويلة من الزمن”.

وتوجه الرئيس الصيني إلى نظيره الأميركي قبل بدء المحادثات بالقول إنه شعر بـ”دفء كبير” عند رؤيته مجدداً، مضيفاً: “مستعد لمواصلة العمل معك لبناء أساس متين للعلاقات الصينية الأميركية”.

وأضاف شي: “لا نرى الأمور دائماً بالعين ذاتها، ومن الطبيعي أن يشهد أكبر اقتصادين في العالم احتكاكات من حين لآخر. وفي مواجهة الرياح والأمواج والتحديات، يجب علينا، أنا وأنت، ونحن نقود دفة العلاقات الصينية الأميركية، أن نحافظ على المسار الصحيح ونضمن الإبحار المستقر للسفينة العملاقة التي تمثل هذه العلاقات”.

وتابع: “لقد توصل فريقانا الاقتصادي والتجاري إلى توافق أساسي بشأن معالجة القضايا الكبرى التي تهم الطرفين، وحققنا تقدماً مشجعاً، ما وفر الظروف الضرورية لاجتماعنا اليوم”.

وأشاد شي بجهود ترمب في حل النزاعات العالمية، بما في ذلك في غزة وجنوب شرق آسيا، قائلاً إن على البلدين “أن يتحملا معاً مسؤوليتهما كقوتين كبريين، ويعملا سوياً لتحقيق مزيد من الإنجازات في سبيل السلام”.

مؤشرات على التوصل لاتفاق أولي

المؤشرات الأولية تشير إلى أن الزعيمين يتجهزان للتوقيع على اتفاق يمكن أن يشمل تراجعاً عن بعض الرسوم التي سبق وفرضت، بما في ذلك خفض الرسوم الجمركية المرتبطة بمادة الفنتالين، في مقابل تراجع بكين عن القيود التي فرضتها على المعادن النادرة.

تعد هذه القمة مفصلية للأسواق التي سعرت خلال الفترة الماضية تهدئة تجارية محتملة بين أكبر اقتصادين في العالم، بدعم من خفض ترمب لحدة تصريحاته تجاه الصين في عدة ملفات خلافية.

رغم ذلك، لا تزال الأسواق تنتظر إجابة واضحة بشأن بعض الملفات الأخرى، خصوصاً تلك المتعلقة بالرقائق وأشباه الموصلات، بعدما فاجأ ترمب الأسواق عندما قال الأربعاء إنه ينوي الحديث مع نظيره الصيني بشأن رقائق “بلاكويل” التي تصنعها “إنفيديا”، ما دفع بأسهمها إلى الارتفاع خلال الأيام الماضية.

اقرأ أيضاً: “إنفيديا” أول شركة تتجاوز قيمتها السوقية 5 تريليونات دولار

واردات الصين من فول الصويا الأميركي ستتصدر المباحثات من دون شك، خصوصاً مع تصريحات وزارة الخزانة قبل ساعات من القمة، والتي أكدت فيها أن “إعلان اليوم” بعد لقاء الزعيمين “سيكون “انتصاراً مدوياً لمزارعينا العظماء”.

توترات ثم هدنة ثم توترات

شهدت الأشهر التسعة الماضية توترات حادة، إذ رفع ترمب الرسوم الجمركية على السلع الصينية إلى 145%، بينما ردّت بكين بوقف صادرات المغناطيسات المصنوعة من المعادن النادرة المستخدمة في الصناعات التقنية المتقدمة، مثل الطائرات المقاتلة والهواتف الذكية والتوربينات الهوائية.

اقرأ أيضاً: الصين تشدد القيود على تصدير تقنيات المعادن النادرة

أسفرت سلسلة من الاجتماعات بين المفاوضين لاحقاً عن هدنة هشة تخللتها إجراءات انتقامية متبادلة، قبل أن تُحدث محادثات كوالالمبور الأخيرة اختراقاً نسبياً مع سعي الطرفين لكسب الوقت وتثبيت العلاقة لتجنّب أضرار اقتصادية أعمق.

واستقبلت الأسواق هذه التطورات بإيجابية، إذ قفز مؤشر “إس آند بي 500” إلى مستويات قياسية، وسجّلت المؤشرات الصينية مكاسب مماثلة. 

أبرز ملفات القمة

يعوّل المسؤولون الأميركيون على موافقة شي على بيع عمليات “تيك توك” الأميركية إلى تحالف شكّلته إدارة ترمب. وكان الرئيس الأميركي قد أشار إلى أن التطبيق ساعده على توسيع شعبيته بين الناخبين الشباب.

أما في ملف تايوان، فأكد ترمب أنه لا ينوي إثارة القضية خلال الاجتماع، قائلاً للصحفيين: “لا يوجد الكثير مما يمكن سؤاله بشأن تايوان”، في وقت تطالب بكين واشنطن بإعلان رسمي يعارض استقلال الجزيرة.

اقرأ أيضاً: الهدنة التجارية الأميركية الصينية تهدئ الأسواق وتؤجل القضايا الجوهرية

كما يُتوقع أن يضغط ترمب على شي لتقليص دعم بلاده لروسيا في حربها ضد أوكرانيا خصوصاً بعدما فرض عقوبات على “روسنفت” و”لوك أويل” أكبر منتجي نفط في البلاد.

لكن المحللين لا يتوقعون تدخلاً صينياً حقيقياً، إذ ازداد التقارب بين موسكو وبكين منذ اندلاع الحرب، وبلغ حجم التجارة الثنائية مستوى قياسياً بلغ 245 مليار دولار في 2024، بزيادة 68% عن عام 2021، وفق “بلومبرغ”.

ترجيحات بالتوصل لهدنة مؤقتة

رغم أهمية اللقاء، إلا أن المحللين يرون أنه لن يعالج القضايا الرئيسية الخلافية بين البلدين، بل قد يتجه نحو تأجيل المعركة من خلال هدنة جديدة.

ونقلت “بلومبرغ” عن زاك كوبر، الباحث في معهد “أميركان إنتربرايز” والمسؤول الأميركي السابق قوله إن “هذه هدنة قصيرة الأمد أكثر من كونها حلاً طويل الأمد. سنرى ترمب وشي يتفقان على إطار لاتفاق مستقبلي تم التفاوض عليه في ماليزيا، لكني لا أتوقع أن يحل هذا الاجتماع القضايا التجارية العالقة”.

من جهتها، أشارت هنرييتا ليفين، الباحثة في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن إلى أن “الولايات المتحدة والصين تسعيان لتحقيق الاستقرار، لكن السؤال هو على أي شروط سيتم ذلك. وبكين تشعر بثقة كبيرة بأنها الطرف الأقوى”، وفق “بلومبرغ”.

أما وو شينبو، مستشار الحكومة الصينية ومدير مركز الدراسات الأميركية في “جامعة فودان” بشنغهاي فقال إن بكين “أصبحت أكثر استعداداً بكثير لحرب تجارية مقارنة بالفترة الأولى لترمب”.

ونقلت “بلومبرغ” عنه القول إن “قيود المعادن النادرة تمثل ورقة ضغط مهمة”، مضيفاً أن التقدّم في صادرات الصين، ونجاح شركة “ديب سيك” في مجال الذكاء الاصطناعي، والإنجازات الأخيرة في صناعة الرقائق “زادت من ثقة البلاد بنفسها”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *