عمالقة الائتمان الخاص يرصدون الفرص في السعودية وسط ضغوط السيولة

يتسابق عمالقة الائتمان الخاص على الصفقات في السعودية، في ظل الضغوطات على سيولة المصارف بفعل تمويل المشاريع الطموحة لتنويع الاقتصاد.
من مؤسسات مالية عملاقة مثل “غولدمان ساكس” و”أبولو غلوبال مانجمنت” إلى مديري أصول من الحجم الأصغر، بدأت هذه الكيانات التمركز في الرياض لاقتناص فرص الائتمان الخاص، الذي كان شبه معدوم في سوق المملكة قبل عام واحد فقط.
ويشير ديفيد بيكيت، رئيس قسم التأسيس وتطوير الأعمال في منطقة الشرق الأوسط لدى شركة إدارة الأصول “إس سي لاوي”، إلى أن “البنوك أصبحت في بعض الحالات تحيل إلينا صفقات لأنها غير قادرة على تمويلها.. الائتمان الخاص أصبح ضرورياً”.
التمويل الخاص في السعودية
شهد الائتمان الخاص طفرةً ليصل حجمه عالمياً إلى 1.7 تريليون دولار. وأمست الحاجة لهذا النوع من التمويل أكثر وضوحاً في السعودية مؤخراً، حيث تساهم البنوك المحلية في تمويل مشاريع “رؤية 2030″، الهادفة لتقليل اعتماد اقتصاد المملكة على النفط، وجعلها وجهة أكثر جاذبية للعيش والعمل والسفر.
حدّ ذلك من قدرة البنوك على تمويل شركات ومشاريع أُخرى داخل البلاد. وكدلالة على ذلك، انخفضت القروض متوسطة الأجل في السعودية خلال الربع الماضي لأول مرة منذ 3 سنوات.
اقرأ أيضاً: أرباح قياسية للبنوك السعودية تفوق 6.4 مليار دولار بالربع الثالث
يُتوقع أن يكون الائتمان الخاص موضوعاً رئيسياً في نقاشات المديرين الماليين المجتمعين في الرياض بدءاً من يوم غد الثلاثاء لحضور قمة “مبادرة مستقبل الاستثمار”. مع التركيز على حجم فجوة التمويل لدى الشركات، وكيف ستتغير احتياجاتها مع إعادة الحكومة ترتيب أولويات الإنفاق بشكل جزئي، لتلبية مبادرات ذات أولوية كالإسكان والبنية التحتية للفعاليات التي ستستضيفها المملكة (إكسبو 2030 وكأس العالم 2034).
رأي “بلومبرغ إنتليجنس”
السيولة لدى بنوك الخليج ستواجه ضغوطاً في ظل بقاء أسعار النفط دون 65 دولاراً للبرميل، وخاصة في السعودية التي تحتاج إلى سعر 113 دولاراً للبرميل لمعادلة ميزانيتها وتمويل إنفاقها المحلي. وقد تكون أسعار الفائدة الأميركية المنخفضة مفيدة للعائد على حقوق المساهمين لدى البنوك السعودية، إلا أن شح السيولة، الذي لا يزال قائماً، ألغى ثلث أثر خفض الاحتياطي الفيدرالي لأسعاره بمقدار 125 نقطة أساس منذ العام الماضي
إدموند كريستو، كبير محللي القطاع في “بلومبرغ إنتليجنس”
ضغوطات السيولة في البنوك السعودية
يظهر شحّ السيولة في زوايا مختلفة من السوق، بما في ذلك القطاع العقاري، حيث أفاد مطوّر محلّي عن رفض طلبه للحصول على قرض بنكي مؤخراً، بينما أُبلغ مطوّر آخر من قِبل مصرفين على الأقل بعدم قدرتهما على تقديم التمويل له.
“المشكلة الجوهرية تتمثل في شحّ السيولة المحلية، مع تجاوز الطلب على الائتمان لنمو الودائع. المنافسة على الودائع ستظل قوية، والوصول إلى التمويل الخارجي سيبقى أمراً أساسياً للبنوك لتوفير السيولة”، وفق مونيكا مالك، كبيرة الاقتصاديين في “بنك أبوظبي التجاري”.
تُظهر المؤشرات أن الأزمة قد تطول، مع مواصلة التقدم بإنجاز مشاريع تتطلّب مئات مليارات الدولارات، بهدف تنويع الاقتصاد، بدءاً من المشاريع السياحية إلى إنشاء مراكز بيانات ضخمة. بما يدفع العديد من الشركات السعودية إلى البحث عن مصادر بديلة للتمويل بعيداً عن المصارف.
فرصة للمستثمرين العالميين
“القيود على السيولة ووضع رؤوس الأموال لدى البنوك المحلية يخلقان فرصة حقيقية، وهو ما تنظر إليه العديد من البنوك الدولية”، كما يرى فاروق سوسة، كبير اقتصاديي منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لدى “غولدمان ساكس”. مضيفاً: “الائتمان الخاص بات مجالاً مفتوحاً”.
يمثل “غولدمان ساكس” نموذجاً للبنوك العالمية الساعية للإفادة من “الفرصة السعودية”، حيث نقل أحد كبار مديري الائتمان الخاص من لندن إلى الشرق الأوسط للمساعدة في هذه الجهود.
اقرأ أيضاً: الفالح: الاستثمارات في السعودية حققت في 2024 هدف “رؤية 2030”
كان صندوق الاستثمارات العامة السعودي وافق مؤخراً على أن يكون مستثمراً رئيسياً في مجموعة من الصناديق الجديدة التي أطلقتها وحدة إدارة الأصول لدى “غولدمان ساكس”، وتركز على الائتمان الخاص واستراتيجيات الاستثمار بالشركات المدرجة في دول مجلس التعاون الخليجي الست.
شركات عالمية تتوسع في الخليج
تقوم شركات مثل “غولوب كابيتال” (Golub Capital) و”بلو آول” (Blue Owl) بالتوسع في المنطقة أيضاً. كما يخطط “البنك السعودي الأول” المدعوم من “إتش إس بي سي” لإطلاق أول صندوق ائتمان خاص يركز على الشرق الأوسط، بينما جعلت شركة “بارتنرز فور غروث” (Partners for Growth)، وهي أحد أوائل المقرضين لشركة “تابي” السعودية الناشئة، المملكة محوراً لنشاطها الإقليمي في الائتمان الخاص.
اقرأ أيضاً: الاستثمارات الأجنبية ببورصة السعودية تسجل رقماً قياسياً وسط جهود إصلاح السوق
يَعتبر مارك بينتو، رئيس الائتمان الخاص العالمي في وكالة “موديز للتصنيف الائتماني”، أن الائتمان الخاص بطبيعته مناسب للشركات المتوسطة في السعودية، والتي لا تستطيع بعد الوصول أسواق المال، وتواجه تراجعاً في الدعم من البنوك المحلية.
وأضاف بمقابلة في الرياض هذا الشهر:”هناك الكثير من الحديث عن حجم احتياجات التمويل في السعودية، وأشعر أن هناك صفقات أكبر في الطريق”. مشيراً إلى أن شركات كبرى مثل “كيه كيه آر” (KKR) و”أبولو” (Apollo) “تستكشف السوق” لكنها بحاجة إلى فهم أعمق لمواطن الحاجة للتمويل.



