اخر الاخبار

رئيس الوزراء الفرنسي يستقيل بعد انتقاد تشكيل الحكومة

قدم رئيس وزراء فرنسا سيباستيان لوكورنو استقالته يوم الاثنين، بعد يوم واحد فقط من إعلان الرئيس إيمانويل ماكرون تشكيل حكومته الجديدة، مما عمق الأزمة السياسية في البلاد وأدى إلى موجة بيع في الأصول الفرنسية.

جاءت استقالة لوكورنو بعد أقل من 24 ساعة على إعلان ماكرون عن حكومة احتفظت بمعظم الشخصيات البارزة من التشكيلات السابقة، وهو ما أثار استياء أحزاب المعارضة التي كانت تأمل في تغيير أوسع.

وفي مفارقة لافتة، وجه وزير الداخلية المعاد تعيينه برونو ريتايو -زعيم حزب الجمهوريين الوسطي اليميني- انتقادات حادة لاختيارات الوزراء، معتبراً أنها فشلت في “الابتعاد عن اختيارات الماضي”.

رد فعل الأسواق على الاستقالة

تراجعت السندات الفرنسية مع استعداد المستثمرين لمزيد من الاضطرابات السياسية، إذ ارتفع عائد السندات لأجل 10 سنوات بتسع نقاط أساس إلى 3.6%. ونتيجة لذلك، اتسع الفارق بين العائد على السندات الفرنسية ونظيرتها الألمانية  -وهو مقياس رئيسي للمخاطر المالية- إلى أكثر من 89 نقطة أساس، وهو أعلى مستوى منذ أواخر عام 2024.

اقرأ أيضاً: فرنسا تتلقى ثالث تقييم سلبي من وكالة تصنيف ائتماني خلال أسبوعين

قال أوليفييه فاور، زعيم الحزب الاشتراكي الفرنسي الذي يمتلك حزبه كتلة تصويتية حاسمة في البرلمان، إن “كتلة إيمانويل ماكرون تتفكك، والحكومة الجديدة فقدت شرعيتها”، مضيفاً: “نحن نعيش أزمة سياسية غير مسبوقة”، وذلك قبل وقت قصير من إعلان لوكورنو استقالته.

واجه لوكورنو المشكلة نفسها التي أطاحت بسلفيه، وهي تمرير الموازنة عبر برلمان منقسم يتعين عليه إقرار خفض الإنفاق وزيادة الضرائب للحد من أكبر عجز مالي في منطقة اليورو.

خيارات ماكرون الحكومية

الخيارات المتاحة أمام ماكرون الآن ثلاثة، تعيين رئيس وزراء جديد يشكل حكومة جديدة، أو الدعوة إلى انتخابات برلمانية مبكرة، أو تقديم استقالته شخصياً، وهو أمر سبق أن أكد أنه لن يفعله.
ومع اقتراب الموعد النهائي لتقديم الموازنة في 13 أكتوبر، من المرجح أن تضطر الحكومة إلى اللجوء لإجراءات طارئة لتجنب الفراغ المالي.

وكان سلف لوكورنو، فرانسوا بايرو، قد استقال الشهر الماضي بعد خسارته تصويت الثقة على خطته لتقليص العجز بشكل حاد في العام المقبل، بينما أُقيل ميشيل بارنييه في ديسمبر الماضي بعد خلافات حول اقتطاعات في الموازنة.

اقرأ أيضاً: استطلاع: فرنسا الدولة الأكثر عرضة لمواجهة أزمة سندات

وقال فينسنت جوفان، كبير استراتيجيي الاستثمار في بنك “آي إن جي” (ING) في بروكسل، في مقابلة سبقت إعلان الاستقالة: “الوضع الحالي يقربنا من انتخابات جديدة، وفي هذا السيناريو أتوقع أن يتسع الفارق (بين السندات الفرنسية ونظيرتها الألمانية) ليصل إلى 100 نقطة أساس”.

اختيارات ماكرون ولوكورنو للمناصب العليا في الحكومة الجديدة لم تُظهر التحول الذي كانت تطالب به المعارضة.

وقال جوردان بارديلا، رئيس حزب التجمع الوطني اليميني المتطرف، للصحفيين بعد الإعلان عن الاستقالة: “لن يتحقق الاستقرار إلا بالعودة إلى صناديق الاقتراع وحل الجمعية الوطنية”.

أبرز تعديلات الحكومة الفرنسية

شملت أبرز التعديلات في الحكومة قصيرة العمر عودة برونو لو مير وزيراً للدفاع ورولان ليسكور وزيراً للمالية -وكلاهما من المقربين من ماكرون- مما زاد من حدة الانتقادات السياسية.

فقد شغل لو مير منصب وزير المالية طوال السنوات السبع الأولى من رئاسة ماكرون، ويُنظر إليه على أنه مهندس السياسات المؤيدة للأعمال التي تهاجمها المعارضة بشدة، كما أن علاقته مع حزب الجمهوريين متوترة منذ انشقاقه عنه عام 2017 وانضمامه إلى معسكر ماكرون الوسطي.

أما ليسكور، فهو أيضاً من المقربين من ماكرون، وكان يشغل منصب وزير الصناعة حين كان لو مير وزيراً للمالية. وله جذور يسارية، وقد انتقد الجمهوريين بشدة، خصوصاً في ملف الهجرة.

تشير استقالة لوكورنو إلى انهيار سياسي لتحالف ماكرون الوسطي، وتترك الرئيس الفرنسي دون مسار واضح للمضي قدماً، ما قد يعرقل جدول البرلمان لإقرار الموازنة.

وكان من المقرر أن يخاطب لوكورنو البرلمان يوم الثلاثاء لعرض أولويات حكومته قبل تقديم مشروع قانون الموازنة في موعده الدستوري، وحذر في وقت سابق من أن عدم اعتماد الموازنة والاعتماد على تشريعات طارئة اعتباراً من يناير سيؤدي إلى ارتفاع العجز إلى 6% من الناتج المحلي الإجمالي، بدلاً من تراجعه إلى 4.6% من 5.4% هذا العام.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *