اخر الاخبار

ما الذي يحدث عند إغلاق الحكومة الأميركية؟

أصبح إغلاق الحكومة الأميركية أمرا شائعاً في العقود الأخيرة لدرجة أن كل وكالة فيدرالية لديها “خطة عمل” خاصة بها لكيفية التعامل معه.

لكن إدارة الرئيس دونالد ترمب تعيد كتابة هذه الخطط قبل نهاية السنة المالية يوم الثلاثاء المقبل، ما يجعل الإغلاق المحتمل أكثر غموضاً وربما أكثر إرباكاً من أي إغلاق سابق.

حالات الإغلاق تشترك في سبب واحد: يتمثل ذلك في فشل الكونغرس في تمرير قوانين الإنفاق الجديدة حين تنتهي صلاحية قوانين الإنفاق السابقة. لكن التأثير يمكن أن يختلف تبعاً لتوقيت الإغلاق ومدته وتعقيدات عملية الميزانية، ما قد يترك بعض الوكالات ممولة وأخرى متوقفة.

الإغلاق المقبل قد يكون أشد من معظم الإغلاقات السابقة، إذ سيكون أول إغلاق يبدأ مع بداية سنة مالية أو ربع أو شهر مالي منذ إدارة أوباما. الكونغرس لم يقر أياً من مشاريع القوانين الـ12 المخصصة لتمويل الوكالات، بينما يُصعّد ترمب الضغط من خلال التهديد بطرد دائم للموظفين الفيدراليين غير الأساسيين، الذين لا تتوفر تمويلات لوظائفهم، بدلاً من منحهم إجازة مؤقتة.

قد يهمك أيضاً: ترمب يلتقي كبار قادة الكونغرس مع اقتراب إغلاق الحكومة الأميركية

ومما يزيد حالة عدم اليقين، أن مكتب الإدارة والميزانية في البيت الأبيض وجّه الوكالات يوم الأربعاء إلى تعديل خطط الطوارئ الخاصة بالإغلاق لتحديد الموظفين الذين سيتم فصلهم خلال فترة الإغلاق. وتقول الوكالات إنها لا تستطيع نشر تلك الخطط قبل موافقة المكتب عليها، وحتى صباح السبت كانت التفاصيل شحيحة للغاية.

ما الذي يبقى مفتوحاً؟

بموجب القانون، تستمر الأنشطة الأساسية لحماية الحياة والممتلكات مثل العمليات العسكرية وإنفاذ القانون وفحص الأغذية.

يجب على الرئيس الاستمرار في أداء مسؤولياته الدستورية. ولذلك يبقى معظم البيت الأبيض، ومكتب محامي العفو، والممثل التجاري للولايات المتحدة مفتوحين. المسؤولون الفيدراليون رفيعو المستوى الذين صادق عليهم مجلس الشيوخ يُستثنون دائماً من الإجازة القسرية، لكنهم قد يُتركون من دون طاقم عمل. كما يجب دفع رواتب أعضاء الكونغرس بموجب التعديل السابع والعشرين للدستور.

كما أن هناك عدداً من الكيانات -بما في ذلك الاحتياطي الفيدرالي ومكتب الحماية المالية للمستهلك- لا يتم تمويلها من خلال الاعتمادات السنوية التي يقرها الكونغرس، ويمكنها الاستمرار في العمل اعتماداً على مصادر تمويلها الخاصة.

أما المؤسسات المملوكة أو المدعومة من الحكومة مثل “أمتراك” (Amtrak)، وخدمة البريد الأميركية، و”فاني ماي” (Fannie Mae)، و”فريدي ماك” (Freddie Mac)، فلديها تدفقات تمويلية لا تعتمد على المخصصات السنوية من الكونغرس، وستواصل العمل بشكل طبيعي.

تأثير مباشر على الموظفين الفيدراليين

في الإغلاقات السابقة، جرى منح إجازة قسرية لنحو 4 من بين كل 10 موظفين فيدراليين وتم منعهم من أداء أي عمل بموجب قانون يحظر على الوكالات قبول العمل التطوعي.

أما الستة الباقون من كل عشرة موظفين فيتعين عليهم الاستمرار في العمل كموظفين أساسيين.

ومع ذلك، لن يتقاضى الموظفون الفيدراليون رواتبهم- على الأقل خلال فترة الإغلاق. فقد قام “قانون المعاملة العادلة لموظفي الحكومة” لعام 2019 بتقنين الممارسة الطويلة الأمد المتمثلة في دفع رواتب الموظفين الفيدراليين بأثر رجعي بعد انتهاء الإغلاق، سواءً كانوا قد عملوا أم لم يعملوا.

الإدارة الأميركية تمهد لطرد جماعي لموظفين خلال الإغلاق الحكومي

السفر والنقل

تستمر إدارة الطيران الفيدرالية وإدارة أمن النقل في تقديم وظائف السلامة الأساسية ولن تتوقف. ومع ذلك، قد يواجه المسافرون تأخيرات، إذ إن مراقبي الحركة الجوية وضباط إدارة أمن النقل سيعملون من دون أجر، وهو ما أدى في الإغلاقات السابقة إلى ارتفاع معدلات الغياب عن العمل.

 

يمكن للقنصليات الأميركية ومكاتب إصدار جوازات السفر الاستمرار في العمل طالما أنها تعتمد على إيرادات الرسوم.

الضمان الاجتماعي والرعاية الصحية

تستمر مزايا “ميديكير” (Medicare)، وكذلك شيكات الضمان الاجتماعي الجديدة والجارية. لكن بعض الإجراءات الإدارية -مثل التحقق من الأهلية، وتصحيح سجلات الدخل، وإصدار بطاقات بديلة- قد تأخرت في إغلاقات سابقة.

يقول مكتب إحصاءات العمل إن أي تأخير في تقرير التضخم لشهر أكتوبر سيؤثر على حساب الزيادة السنوية في تكاليف المعيشة لمستفيدي الضمان الاجتماعي.

يبقى مستشفى “المعاهد الوطنية للصحة” (NIH) في بيثيسدا بولاية ماريلاند مفتوحاً لرعاية المرضى الحاليين، وتستمر الأنشطة البحثية التي قد يتسبب إيقافها في تعطيل التجارب السريرية الجارية.

برامج المساعدات الغذائية المخصصة لشبكات الأمان الاجتماعي استمرت في الإغلاقات السابقة، لكن قد تكون أولوية أقل بالنسبة لإدارة ترمب.

من المرجح أن تستمر الرعاية الطبية في مستشفيات وعيادات المحاربين القدامى، وكذلك برامج منع الانتحار، وأبحاث الطب والأطراف الاصطناعية، وخدمات الدفن. لكن قد تتأخر مزايا أخرى للمحاربين القدامى، بما في ذلك تلك المتعلقة بالتعليم، والتدريب الوظيفي، والقروض.

اقرأ أيضاً: ترمب يتوقع إغلاقاً حكومياً في الأول من أكتوبر

المتنزهات والمتاحف

من المرجح أن تُغلق معظم المتنزهات الوطنية، ما سيؤدي إلى منع الزوار من الدخول والتأثير على الأنشطة الاقتصادية المرتبطة بـ”اقتصاد الترفيه الخارجي” الذي يبلغ حجمه تريليون دولار.

في بعض الإغلاقات السابقة، تم إغلاق المتنزهات بالكامل، لكن في عام 2018 أبقت “خدمة المتنزهات الوطنية” بعض المواقع سهلة الوصول مفتوحة- ولكن مع مراحيض غير منظّفة وتزايد في النفايات.

قد تُغلق المتاحف، بما في ذلك “مؤسسة سميثسونيان” (Smithsonian) و”المعرض الوطني للفنون”، في حال استمر الإغلاق لفترة طويلة.

كما يُرجح إغلاق المقابر والنصب التذكارية ومراكز الزوار حول العالم التابعة للجنة النصب التذكارية لمعركة أميركا (American Battle Monuments Commission).

وزارة الدفاع والاستخبارات

يُستثنى الأفراد العسكريون النظاميون من الإجازات القسرية ويواصلون الحضور إلى الخدمة من دون أجر. أما معظم الموظفين المدنيين في وزارة الدفاع فسيتم منحهم إجازات قسرية في البداية.

 

يمكن للبنتاغون الاستمرار في تنفيذ العديد من أنشطة التعاقد لدعم أفراد الخدمة بموجب قانون يعود إلى حقبة الحرب الأهلية يُعرف بـ”قانون التلقيم والإمداد”. ستستمر مراسم الدفن والجولات في “مقبرة أرلينغتون الوطنية”.

أما وكالات الاستخبارات فلا تفصح إلا عن تفاصيل قليلة حول كيفية تأثرها، لكن مكتب مدير الاستخبارات الوطنية قد أصدر سابقاً توجيهات للموظفين تفيد بأنهم لا يُستثنون تلقائياً من الإغلاق.

ترمب يأمر بمراجعة جميع برامج التسلح الرئيسية لدى البنتاغون

بيانات العمل والاقتصاد

من بين الوكالات التابعة لوزارة العمل التي يُرجح أن تُغلق بالكامل، مكتب إحصاءات العمل، وذلك وفق خطة طوارئ أُصدرت في مارس 2025 بموجب قانون حرية المعلومات. سيؤدي الإغلاق على الأرجح إلى تأجيل إصدار تقرير الوظائف لشهر سبتمبر، المقرر صدوره يوم الجمعة المقبل- وإذا استمر الإغلاق، فسيؤخر كذلك تقرير التضخم المقرر في منتصف الشهر.

ولن يقتصر الأمر على تأخير نشر البيانات؛ إذ ستتوقف أيضاً عمليات جمع البيانات، مما سيؤثر على جودة الإحصاءات لشهور مقبلة- ويترك الاحتياطي الفيدرالي من دون بيانات موثوقة تساعده في رسم مسار أسعار الفائدة. وسيضطر صانعو السياسات والمستثمرون المعتمدون على البيانات إلى اللجوء إلى أطراف ثالثة للحصول على مؤشرات عن صحة الاقتصاد.

وظائف وزارة العمل المتعلقة بالصحة والسلامة -مثل عمليات تفتيش أماكن العمل التي تجريها إدارة السلامة والصحة المهنية- ستستمر. كما أن العديد من برامج المزايا لن تتأثر لأنها ممولة من اعتمادات دائمة، بما في ذلك مزايا مرض “الرئة السوداء”.

بعد خفض الفائدة.. باول يوحد صف الفيدرالي وسط عواصف السياسة والاقتصاد

وزارة الخزانة

في الإغلاقات السابقة، واصلت وزارة الخزانة عمليات الاقتراض الحكومي وخدمة الدين، وأعمال السياسات، وغيرها من المهام المطلوبة لتنفيذ السلطات الدستورية للرئيس.

العديد من وكالات البحث والتنظيم يتم تمويلها من خلال رسوم المستخدمين، وبالتالي يمكنها الاستمرار في العمل. وتشمل هذه “مكتب الأبحاث المالية”، و”مكتب برامج التعافي”، و”مجلس مراقبة الاستقرار المالي”.

يتوقف النظر في القضايا المعروضة أمام لجنة الاستثمار الأجنبي في الولايات المتحدة أثناء الإغلاق، مما قد يترك قرارات الاندماج المعلقة غير محسومة.

خلال الإغلاق، تتوقف “دائرة الإيرادات الداخلية” عن الرد على مكالمات العشرات من خطوط خدمة العملاء التي تديرها. كما تتوقف معظم أنشطة إدارة الضرائب.

ولا يؤدي الإغلاق إلى تأجيل استقطاع الضرائب أو مواعيد استحقاق أي مدفوعات ضريبية مقدرة.

الوكالات التنظيمية

على الرغم من أن إدارة ترمب شددت قبضتها على الوكالات التنظيمية المستقلة، فإن خطط الإغلاق السابقة دعت “لجنة التجارة الفيدرالية” إلى إيقاف معظم أنشطة التحقيق.

ولا تقوم “هيئة الأوراق المالية والبورصات” بمراجعة أو الموافقة على تسجيلات مستشاري الاستثمار، أو سماسرة الأوراق المالية، أو وكلاء التحويل، أو وكالات التصنيف الائتماني، أو شركات الاستثمار، أو المستشارين البلديين.

أما “لجنة تداول العقود المستقبلية للسلع” فتعتمد على رأي قانوني صدر عام 1995 يقضي بأن وظائفها في الإشراف على الأسواق أساسية لمنع “اضطرابات وخسائر هائلة للاقتصاد الخاص، فضلاً عن تعطيل العديد من جوانب المجتمع والنشاط الخاص بشكل عام، مما ينتج عنه كميات لا يمكن حسابها من المعاناة والخسائر”.

ولا تزال “لجنة سلامة المنتجات الاستهلاكية” قادرة على إصدار عمليات سحب للمنتجات عندما يكون هناك “تهديد وشيك لسلامة حياة الإنسان”، لكن أنشطة المراقبة الروتينية ستتوقف.

الطاقة والبيئة

قد تصدر وزارة الداخلية بعض تصاريح التنقيب عن النفط والغاز البحري، لكن ذلك قد يعتمد على عوامل مثل السلامة والمصلحة المالية للحكومة في البئر.

يمكن “لوكالة حماية البيئة” الاستمرار في بعض البرامج والأنشطة باستخدام مصادر تمويل أخرى، مثل عمليات تنظيف مواقع النفايات الخطرة.

أما “إدارة معلومات الطاقة”، التي تعاني بالفعل من تأخيرات في تقاريرها بسبب تخفيضات في الموظفين، فستتوقف على الأرجح عن العمل.

تتوقف “لجنة التنظيم النووي” عن أنشطة الترخيص، وإصدار الشهادات، ومنح التصاريح، وأنشطة التفتيش، بالإضافة إلى التدريبات على الاستعداد للطوارئ. بينما تركز “الإدارة الوطنية للأمن النووي” على صيانة وتأمين الأسلحة النووية والمفاعلات البحرية المنتشرة.

الإسكان

استمرت برامج الرهن العقاري التي تديرها “إدارة الإسكان الفيدرالية” و”جيني ماي” (Ginnie Mae) في فترات الإغلاق السابقة. كما تم بالفعل تخصيص العديد من المنح المجمّعة الخاصة بالإسكان والتنمية الحضرية للولايات ولم تتعرض للاضطراب.

أما الإسكان المدعوم -بما في ذلك الإسكان العام وقسائم اختيار السكن ضمن برنامج القسم 8 (Section 8)- فهو لا يعتمد على مشاريع قوانين الإنفاق السنوية، لكنه لا يزال مهدداً بنفاد الأموال.

ووفقاً لأحدث خطة طوارئ عامة، فإن “ما يقرب من جميع” أعمال الإسكان العادل ستتوقف.

المشروعات الصغيرة

تعتمد إمكانية الحصول على القروض على طريقة تمويلها. فالكثير من برامج الإغاثة في حالات الكوارث ستستمر، في حين ستتأخر طلبات القروض التقليدية. كما ستتوقف البرامج الداعمة لمشروعات المحاربين القدامى، والصادرات، وبرامج الإرشاد والتوجيه.

سيبقى معظم العاملين في خدمات الإغاثة الطارئة في “وكالة إدارة الطوارئ الفيدرالية” على رأس عملهم.

المحاكم الفيدرالية

ستواصل المحكمة العليا، التي تبدأ دورتها الجديدة في 6 أكتوبر، عملياتها الطبيعية في حال حدوث انقطاع قصير المدى، وفق ما قالته المتحدثة باسم المحكمة العليا باتريشيا ماكيب.

 

في الماضي، لجأت المحاكم الأدنى إلى استخدام أموال متاحة أخرى لا تخضع لعملية الاعتمادات السنوية، لكن تلك الأموال قد تنفد.

مجلس الاحتياطي الفيدرالي

لن تتأثر عمليات مجلس الاحتياطي الفيدرالي، مما يعني أن البنك المركزي سيظل قادراً على تعديل أسعار الفائدة، وتنظيم أعمال البنوك، وإجراء الأبحاث الاقتصادية. أما مكتب الحماية المالية للمستهلك الذي يتم تمويله من الاحتياطي الفيدرالي، فيمكنه أيضاً البقاء مفتوحاً لكنه قلّص أنشطته بشكل كبير في عهد ترمب.

الكونغرس

على الرغم من أن سلطة الكونغرس لتمويل نفسه ستنتهي أيضاً، إلا أنه يجب أن يظل قادراً على العمل حتى يتمكن من إنهاء الإغلاق.

لكن الوكالات الأخرى التابعة للكونغرس -مثل مكتبة الكونغرس، والحديقة النباتية الأميركية- ستُغلق على الأرجح أمام الزوار.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *