اخر الاخبار

الفالح في اليابان والخريّف في الصين.. ديناميكية التوازن السعودية

التزامن بين زيارة وزير الاستثمار السعودي خالد الفالح إلى اليابان، ووزير الصناعة بندر الخريّف إلى الصين، جذب الانتباه إلى حرارة التحرك السعودي تجاه قارة آسيا اقتصادياً، في إطار ديناميكية ديبلوماسية واستثمارية تهدف إلى “التكامل الاستراتيجي” مع طوكيو، و”التكامل الصناعي” مع بكين، كما صرح الوزيران.

منذ إطلاق “رؤية 2030″، تسعى السعودية لإعادة بناء علاقاتها الخارجية على أساس المصالح المشتركة، ما أدّى لتطوير علاقاتها التجارية العريقة مع الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي، وفي الوقت عينه تعزيز التجارة مع الصين التي تتصدر حالياً شركاءها التجاريين بحجم تبادل يتجاوز 100 مليار دولار سنوياً، بالإضافة إلى التعاون مع روسيا في إطلاق تحالف “أوبك+” الذي أصبح لاعباً رئيساً في استقرار أسواق النفط عالمياً.

علاقات ممتدة مع اليابان

في زيارة وزير الاستثمار خالد الفالح إلى طوكيو بدا واضحاً أهمية ملف الطاقة باعتباره البند الذي يتصدر علاقات الجانبين منذ عشرات السنين، حيث تعتمد بلاد الشمس المشرقة على النفط السعودي منذ خمسينات القرن الماضي. إلا أن الزخم الحقيقي للتعاون الاقتصادي بين الدولتين انطلق إثر اتفاقية للرؤية المشتركة بينهما، تم توقيعها في 2017 بعد زيارة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان إلى اليابان خلال العام الأسبق.

تهتم السعودية حالياً بنقل التعاون إلى قطاع الطاقة النظيفة، وفي مايو من العام الماضي، تم توقيع 30 مذكرة تفاهم جديدة خلال منتدى الاستثمار السعودي الياباني المقام في طوكيو حينذاك. وشدد وقتها ولي العهد السعودي خلال اتصال مرئي مع رئيس وزراء اليابان حينها فوميو كيشيدا، على التزام المملكة بالاستمرار في إمداد اليابان بالنفط الخام، مع التأكيد على رغبة الرياض في تعزيز التعاون مع طوكيو في مجالات أخرى، بما في ذلك مجال الطاقة النظيفة.

الوزير الفالح، خلال منتدى الاستثمار السعودي الياباني في أوساكا أمس، أشار إلى أن السعودية تستهدف وفق الرؤية أن تحصل على نصف احتياجاتها من الكهرباء من مصادر الطاقة المتجددة، مؤكداً على أهمية مشاركة اليابان في مشاريع الطاقة غير الأحفورية في المملكة لتسريع تحقيق هذا المستهدف.

شهد المنتدى، بمشاركة أكثر من 1500 من رؤساء وممثلي الشركات، إطلاق منصة مشتركة لتعزيز الاستثمارات اليابانية في السعودية، وتوقع 19 مذكرة تفاهم.




كانت المؤسسات المالية اليابانية “ميتسوبيشي يو إف جيه” و”سوميتومو” و”ميتسوي” من بين البنوك التي دعمت مؤخراً حزمة تمويلية بقيمة 10 مليارات دولار لاستثمارات “بلاك روك” في البنية التحتية للغاز التابعة لعملاقة الطاقة “أرامكو السعودية”، بحسب ما ذكرته “بلومبرغ نيوز”. وصرح الفالح حينها أن المشاريع السعودية في مجال تحول الطاقة يمكن أن تقدم فرصاً غير مسبوقة أمام المؤسسات المالية والمستثمرين اليابانيين، مفصحاً أن “البنوك اليابانية راغبة في إقراض الشركات السعودية وتطوير منتجات مالية متوافقة مع طموحات المملكة في أسواق رأس المال”.

اقرأ أيضاً: السعودية تعزز حضورها في آسيا بزيارة وزير الاستثمار إلى اليابان

يُذكر أن معهد مبادرة مستقبل الاستثمار أعلن مؤخراً أنه سيعقد”قمة الأولوية-آسيا” في العاصمة اليابانية بين 30 نوفمبر والأول من ديسمبر، بحسب متحدث باسم المعهد، في إطار مساعي المملكة لتعزيز علاقاتها مع المؤسسات المالية اليابانية.

اتفاقات مليارية مع الصين

وفي بكين، تم اليوم توقيع 42 اتفاقية إطارية للتعاون بين القطاع الخاص السعودي مع نظيره الصيني، باستثمارات إجمالية بقيمة 1.74 مليار دولار. وشملت الاتفاقيات قطاعات المعدات الطبية، والمعدات الذكية. كما عقد وزير الصناعة والتعدين بندر الخريّف سلسلة اجتماعات مع قادة شركات صينية، ركزت على تعزيز التعاون الصناعي.

الخريّف، في مقابلة مع “الشرق”، صرح أن السعودية ترغب بتعزيز التعاون مع الصين في مجال التعدين، على أن يطال كافة الخدمات المرتبطة بالقطاع لا أعمال الاستكشاف والمواد الخام فحسب، ليشمل أعمال التكنولوجيا، والتمويل، وسلاسل الإمداد المرتبطة بالقطاع.




اقرأ أيضاً:  الخريف لـ”الشرق”: المملكة تتطلع لتوسيع التعاون مع الصين في مجال التعدين

تستهدف السعودية توسيع تعاونها الاستثماري مع الصين من الصناعات التحويلية، التي كانت تستحوذ على النصيب الأكبر، والخدمات المالية والتأمين والتشييد والتعدين والتقنية والبنية التحتية والرعاية الصحية، لتمتد إلى قطاعات المستقبل مثل الذكاء الاصطناعي والطاقة النظيفة والاقتصاد الرقمي ونقل المعرفة، مع توطين هذه الصناعات في المملكة، بحسب عمار ألطف، الوكيل المساعد للقطاعات الصناعية بوزارة الاستثمار السعودية في مقابلة سابقة مع “الشرق”.

وفقاً لوزارة الاستثمار، تعمل أكثر من 750 شركة صينية حالياً في السوق السعودية بمشروعات البناء الضخمة بما فيها مدينة نيوم المستقبلية.




يرى فواز العلمي، رئيس المكتب الاستشاري في التجارة الدولية، فإن الفترة الحالية هي “العصر الذهبي” لبناء الشراكات السعودية مع الصين باعتبارها الشريك التجاري الأول للمملكة، ومع اليابان التي تأتي في المرتبة الثالثة في قائمة شركاء المملكة. لافتاً في مقابلة مع “الشرق” إلى أن خُمس صادرات النفط السعودي تذهب إلى الصين وهي أكبر مستورد له.

العلمي أشار إلى أن امتلاك الصين الحصة الأكبر عالمياً من مصادر المعادن النادرة، والتي تمثل أساس صناعة أشباه الموصلات، يعطي أهمية متزايدة للتعاون معها في القطاع التعديني.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *