ترمب: على دول الناتو إسقاط الطائرات الروسية حال اختراقها للمجال الجوي

قال الرئيس الأميركي دونالد ترمب إنه يرى أن على دول حلف شمال الأطلسي (الناتو) إسقاط الطائرات التي تنتهك مجالها الجوي، مبدياً تعاطفاً أكبر مع فرص أوكرانيا في الفوز بالحرب.
جاءت تصريحات دونالد ترمب خلال لقائه بالرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في أعقاب تسلل طائرات روسية مؤخراً أثار قلق الحلفاء.
وعندنا سأله أحد الصحفيين مباشرة عما إذا كان ينبغي على حلفاء الناتو إسقاط طائرات روسية خلال اجتماعه على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك يوم الثلاثاء أجاب ترمب: “نعم، أوافق”.
في منشور لاحق على وسائل التواصل الاجتماعي، قال ترمب إنه يعتقد أن أوكرانيا، بدعم من الاتحاد الأوروبي، في وضع يسمح لها ليس فقط بالرد ولكن أيضاً باستعادة كل الأراضي التي استولت عليها روسيا منذ غزوها في عام 2022 – وربما أكثر.
وأضاف ترمب: “بوتين وروسيا يواجهان أزمة اقتصادية خانقة، وقد حان الوقت لأوكرانيا للتحرك. على أي حال، أتمنى الخير لكلا البلدين. سنواصل توريد الأسلحة لحلف الناتو ليفعل بها ما يشاء. بالتوفيق للجميع”.
ترمب يدعم أوكرانيا ويسعى للضغط على روسيا
جسّد هذا التبادل سياسة ترمب الأخيرة المتمثلة في التعبير عن دعمه لأوكرانيا، حتى مع استمراره في تأكيد رغبته في أن تلعب أوروبا دوراً أكبر في جهود الضغط على روسيا. هذا الأمر ترك الحلفاء، الذين يواجهون عوائق سياسية واقتصادية تحول دون فرض رسوم جمركية وعقوبات إضافية على موسكو وشركائها، غير متأكدين من مدى التزام الولايات المتحدة بمساعدة كييف ومعاقبة الكرملين.
يوم الثلاثاء، رفض ترمب القول ما إذا كانت الولايات المتحدة ستدعم حلف شمال الأطلسي إذا اعترضت طائرات روسية مجاله الجوي، قائلا إن ذلك “يعتمد على الظروف” ولكن “نحن أقوياء للغاية تجاه حلف شمال الأطلسي”.
اقرأ أيضاً: طائرة مسيّرة روسية رخيصة تضع الناتو في مأزق مكلف
لكن في منشور له على وسائل التواصل الاجتماعي، انتقد ترمب روسيا بسبب “قتالها بلا هدف لمدة ثلاث سنوات ونصف في حرب كان من المفترض أن تستغرق قوة عسكرية حقيقية أقل من أسبوع للفوز بها”.
قال ترمب: “أعتقد أن أوكرانيا، بدعم من الاتحاد الأوروبي، في وضع يسمح لها بالقتال واستعادة كامل أراضيها إلى حالتها الأصلية”. ووصف زيلينسكي هذا المنشور بأنه نقلة نوعية، ووصفه بالإيجابي.
بولندا تستعد لإسقاط الطائرات الروسية
جاءت تعليقات ترمب بعد ساعات من رد وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو على تأكيد رئيس الوزراء بولندا دونالد توسك بأن بلاده مستعدة لإسقاط الطائرات الأجنبية التي تدخل أراضيها.
وقال روبيو في تصريحات لشبكة “سي بي إس” الإخبارية في وقت سابق من اليوم الثلاثاء، إنه لا يعتقد أن أحداً يتحدث “عن إسقاط الطائرات الروسية ما لم تكن تهاجم”.
وأثارت سلسلة الحوادث التي عبرت فيها طائرات روسية إلى المجال الجوي لحلفاء حلف شمال الأطلسي القلق على طول الجناح الشرقي للحلف، وتأتي في الوقت الذي يضغط فيه الشركاء الأوروبيون على ترمب لاتخاذ إجراءات أكثر صرامة ضد الرئيس الروسي فلاديمير بوتن لإنهاء حرب الكرملين على أوكرانيا.
اقرأ أيضاً: بولندا تنشر طائرات مقاتلة وتغلق مطار لوبلين بسبب مسيّرات روسيا
في وقت سابق من هذا الشهر، أسقطت قوات حلف شمال الأطلسي (الناتو) طائرات روسية بدون طيار اخترقت المجال الجوي البولندي. وفي الأسبوع الماضي، اخترقت مقاتلات روسية المجال الجوي الإستوني لمدة 12 دقيقة، مما أثار قلق حلفاء الولايات المتحدة.
دعا رئيس لاتفيا إدغارز رينكيفيتش يوم الثلاثاء حلف شمال الأطلسي (الناتو) إلى “استعراض قوة” رداً على التوغلات الروسية. وقال في مقابلة مع تلفزيون بلومبرغ: “أعتقد أن قواعد الاشتباك بحاجة إلى تحديث، بحيث يصبح إطلاق النار خياراً بديلاً في حال استمرار روسيا في ذلك”.
ترمب والتوغلات الروسية
بدا ترمب في الأيام الأخيرة وكأنه يقلل من خطورة التوغلات الروسية، ملمحاً أحياناً إلى أنه لا يعلم ما إذا كان الحادث السابق مجرد حادث عرضي أم حتى “خطأً”، في حين وصفت دول أخرى الانتهاكات بأنها أفعال متعمدة من الكرملين لاختبار عزيمة حلفاء أوكرانيا. وتساءل البعض عما إذا كانت موسكو تحاول تحويل موارد الحلف عن دعم أوكرانيا.
اقرأ أيضاً: “الناتو” يعزز الحدود الشرقية بعد اختراق طائرات مسيرة روسية
في وقت سابق من يوم الثلاثاء، أصدر حلف شمال الأطلسي (الناتو) بياناً تعهد فيه بردٍّ “حازم” على التوغلات الروسية، مؤكداً أنه سيستخدم جميع الخيارات، بما في ذلك العسكرية، للدفاع عن نفسه. ونفت وزارة الدفاع الروسية دخول طائراتها المجال الجوي الإستوني.
قال الرئيس الفنلندي ألكسندر ستاب إن الاستجابة حتى الآن كانت “جيدة جداً”. وحثّ الحلفاء على “عدم المبالغة في رد الفعل، بل التحلي بالحزم الكافي، لأن روسيا لا تفهم إلا القوة”، وذلك في مقابلة مع تلفزيون بلومبرغ.
ويأتي اجتماع ترمب وزيلينسكي يوم الثلاثاء في الوقت الذي يضغط فيه حلفاء كييف على واشنطن لزيادة الضغوط الاقتصادية على بوتين والسعي للحصول على دعم للضمانات الأمنية لردع روسيا عن المزيد من العدوان.
خطط تأمين أوكرانيا بعد الحرب
قال زيلينسكي لترمب: “نحتاج إلى مزيد من الضغط ومزيد من العقوبات”. ووصف لاحقاً الاجتماع بأنه جيد وبناء، وقال إن الرئيس الأميركي مستعد لتقديم ضمانات أمنية بعد الحرب.
أخبر ترمب زيلينسكي أن مناقشة الضمانات الأمنية “مُقررة في وقت لاحق”، وأنه “من السابق لأوانه الإجابة على هذا السؤال”.
تداول المسؤولون في أوروبا والولايات المتحدة خططا عسكرية للمساعدة في تأمين أوكرانيا بعد الحرب، لكن المناقشات حول الضمانات الأمنية تظل نظرية إلى حد كبير، مع تراجع احتمالات التوصل إلى وقف إطلاق النار.
اقرأ أيضاً: ترمب يجدد ضغطه على أوروبا لوقف شراء نفط روسيا
لم يُبدِ بوتين أي مؤشرات على استعداده لإنهاء حربه المستمرة منذ قرابة أربع سنوات على أوكرانيا، مُراهناً على التصعيد العسكري كأفضل سبيل لإجبار كييف على الدخول في محادثات بشروطه، وفقاً لما ذكرته بلومبرغ نقلًا عن مصادر مقربة من الكرملين.
وأضافت المصادر أن الزعيم الروسي سيواصل استهداف شبكة الطاقة والبنية التحتية المدنية في كييف، إذ يعتقد أن ترمب من غير المرجح أن يُعزز دفاعات كييف بشكل كبير.
تعهدت أكثر من عشرين دولة أوروبية بتقديم ضمانات أمنية لأوكرانيا، بما في ذلك إرسال قوات. واستبعد ترمب حتى الآن نشر قوات في أوكرانيا، لكنه طرح أشكالًا أخرى من الدعم، بما في ذلك الدعم الاستخباراتي والجوي.
وقف شراء النفط الروسي
في الأسابيع الأخيرة، حوّل ترمب ضغطه على حلفائه الأوروبيين، مطالباً إياهم بوقف شراء الطاقة الروسية إذا أرادوا منه فرض إجراءات مباشرة جديدة على موسكو.
وكان الرئيس الأميركي صرّح مراراً بأنه يدرس فرض عقوبات أشد على بوتين، لكنه تراجع عن ذلك حتى مع تجاوز الزعيم الروسي المواعيد النهائية السابقة للتوصل إلى وقف إطلاق النار مع أوكرانيا.
اقرأ أيضاً.. ماكرون: واردات أوروبا من الطاقة الروسية ضئيلة
خلال لقائه زيلينسكي، صرّح ترمب بعلاقة جيدة مع رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان. وأعرب عن اعتقاده بأن أوربان سيتوقف عن شراء النفط الروسي. وترفض المجر، وهي دولة غير ساحلية، وقف واردات النفط الروسي، معربةً عن مخاوفها بشأن تكاليف التحول إلى إمدادات بديلة.
ترمب يطلب دعم أوروبا
في خطابه أمام الأمم المتحدة يوم الثلاثاء، جدد ترمب تأكيده على “استعداده التام لفرض جولة قوية من الرسوم الجمركية” إذا لم تكن روسيا مستعدة للتوصل إلى اتفاق لإنهاء الحرب. لكنه أضاف أن الدول الأوروبية “ستضطر للانضمام إلينا في اتخاذ الإجراءات نفسها”.
قال ترمب، بينما كان زيلينسكي ينظر من بين الحضور: “ظنّ الجميع أن روسيا ستنتصر في هذه الحرب خلال ثلاثة أيام، لكن الأمور لم تسر على هذا النحو. كان من المفترض أن تكون مجرد مناوشة سريعة. هذا لا يُحسّن صورة روسيا، بل يُسيء إليها”.
قالت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، خلال اجتماعها مع ترمب يوم الثلاثاء، إن الرئيس الأميركي كان “محقاً تماماً” بشأن وقف واردات الطاقة الروسية، في حين أشارت إلى أن الدول الحليفة خفضت بالفعل مشتريات الغاز بشكل كبير.
وعندما سُئلت عن الجدول الزمني الذي يحدده الاتحاد الأوروبي بحلول عام 2027 للتخلص التدريجي من وارداته المتبقية من النفط والغاز الروسي، أشارت إلى أن الاتحاد يعمل على التغلب على هذا الموعد النهائي.