أوروبا تخطط لتسريع التخلص من الغاز الروسي المسال بعد ضغوط أميركية

يخطط الاتحاد الأوروبي لاتخاذ تدابير لتسريع وتيرة التخلص من الغاز الطبيعي المسال الروسي، وذلك بعد أيام فقط من دعوة الرئيس الأميركي دونالد ترمب الاتحاد إلى بذل جهود أكبر للحد من تجارة الطاقة مع موسكو.
تدرس المفوضية الأوروبية، الذراع التنفيذية للاتحاد، إدراج بند في حزمة العقوبات الجديدة ينص على التخلص من واردات الغاز المسال الروسي بالكامل قبل نهاية عام 2027، وهو الموعد الذي كان الاتحاد الأوروبي يخطط له في البداية، وفقاً لأشخاص مطلعين على الأمر. وكانت “بلومبرغ” قد أفادت في وقت سابق بأن الاتحاد سيقترح حزمة العقوبات الجديدة في وقت قريب وربما اليوم الجمعة.
قال الأشخاص الذين طلبوا عدم الكشف عن هوياتهم إن الاتحاد الأوروبي يدرس أيضاً خياراً لتسريع التخلص من واردات الغاز المُسال الروسي من خلال تعديل ما يُعرف بخطة “ري باور إي يو” (RePowerEU) الهادفة إلى إنهاء الاعتماد على الطاقة من موسكو.
ترمب يضغط على أوروبا
قالت المتحدثة باسم المفوضية، آنا-كايسا إيتكونن: “منذ أن قدّمنا خطة “ري باور إي يو” في عام 2022، كنا نقول إنه كلما أسرعنا في التخلص من الطاقة الروسية، كان أفضل”.
دعت إدارة ترمب أوروبا إلى تسريع وتيرة خفض وارداتها من الوقود الروسي، وضغطت على الحلفاء لفرض رسوم جمركية تصل إلى 100% على الهند والصين بسبب شرائهما النفط الروسي.
إقرأ أيضاً: ترمب يلوح بحرب اقتصادية شرسة ضد بوتين.. أي سلاح سيستخدم؟
ويواصل ترمب دعوة أوروبا لبذل مزيد من الجهود لاستهداف إيرادات الطاقة الروسية كشرط لتكثيفه الضغوط على موسكو من جانبه.
وبحسب الأشخاص المطلعين، فإن دول أوروبية عديدة مترددة في فرض رسوم جمركية على الهند والصين، لذلك بدأ تركيز المفوضية يتحوّل نحو استهداف الغاز المسال الروسي.
فائض متوقع في الغاز
من المتوقع أن تبدأ سوق الغاز العالمي بالتحوّل إلى فائض في النصف الثاني من العام المقبل، ما يقلل من خطر أن يؤدي التخلص من الغاز الروسي إلى الضغط على الإمدادات الأوروبية أو ارتفاع الأسعار. وسيكون هذا عاملاً أساسياً في تحديد الاتحاد الأوروبي لتاريخ جديد للتخلص التدريجي.
ومن جانبها، أعربت الولايات المتحدة مراراً عن اهتمامها بتزويد أوروبا بكميات أكبر من الغاز المُسال، خاصة مع توقع دخول مزيد من منشآت الإنتاج حيز التشغيل خلال السنوات القليلة المقبلة.
واستورد الاتحاد الأوروبي نحو 50 مليار متر مكعب من الغاز المُسال سنوياً من الولايات المتحدة خلال السنوات الماضية، مع وجود بنية تحتية مخصصة للغاز المُسال في نحو عشر دول من دول الاتحاد.
كان الالتزام بشراء كميات أكبر من الغاز المسال الأميركي عنصراً محورياً في تعهّد الاتحاد الأوروبي بشراء منتجات طاقة أميركية بقيمة 750 مليار دولار خلال السنوات الثلاث المقبلة، بموجب اتفاق التجارة بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الذي تم التوصل إليه مؤخراً.
تدفقات الغاز الروسي إلى أوروبا
تراجعت تدفقات الغاز الروسي إلى أوروبا بحدة عقب الغزو الروسي الشامل لأوكرانيا في عام 2022، لكن الإمدادات عبر خط الأنابيب المار عبر تركيا، وشحنات الغاز الطبيعي المُسال شكّلت معاً ما يقرب من 19% من إجمالي واردات الاتحاد الأوروبي في عام 2024.
وتعد كل من إسبانيا وبلجيكا وفرنسا من بين أكبر المستوردات للغاز المسال الروسي.
بماذا يهدد خط أنابيب الغاز الروسي الصيني؟.. التفاصيل هنا
قال وزير الاقتصاد الإسباني، كارلوس كوربو، في مقابلة مع “بلومبرغ” يوم الجمعة في كوبنهاغن: “الشركات الإسبانية زادت بشكل كبير من مشتريات الغاز المسال من الولايات المتحدة، لذا فإننا بطريقة ما نبتعد عن روسيا”، مضيفاً: “من الجيد أن يكون لدينا جدول زمني محدد، وإذا تمكنا من التقدّم بوتيرة أسرع، فسيكون ذلك خبراً ساراً أيضاً”.
ورغم أن إدراج التزام بشأن الغاز المُسال ضمن حزمة العقوبات المقبلة للاتحاد الأوروبي يتطلب دعماً بالإجماع، فإن المقترحات المشمولة في خطة “ري باور إي يو” تخضع للتصويت بالأغلبية المؤهلة.
خلافات أوروبية حول آلية التخلص من الغاز الروسي
يخضع مشروع لائحة تنظيمية اقتُرح في وقت سابق من العام الجاري، ويهدف إلى وقف واردات الغاز المسال الروسي بحلول نهاية عام 2027، حالياً للنقاش بين الدول الأعضاء في البرلمان الأوروبي ومجلس الاتحاد الأوروبي، مع امتلاك كل من المؤسستين صلاحية اقتراح تعديلات.
قد يهمك: الاتحاد الأوروبي يستعد لطرح حزمة عقوبات جديدة على روسيا هذا الأسبوع
وتتمثل نقطة اختلاف أخرى في أن التدابير الرامية إلى تسريع التخلص من الغاز المُسال الروسي من خلال خطة “ري باور إي يو” ستكون دائمة، في حين أن التدابير المدرجة ضمن حزمة العقوبات قد تُزال إذا ما تم رفع العقوبات المفروضة على روسيا في المستقبل.
قال باسكال دونوهو، الذي يترأس اجتماعات وزراء المالية في منطقة اليورو، في مقابلة مع “بلومبرغ”: “لقد بذلت أوروبا جهوداً هائلة ونجحت كثيراً في تقليص اعتمادها على الطاقة والغاز الروسيين”.
واختتم: “أشارت المفوضية إلى رغبتها في تقديم اقتراح لتسريع تقليص الاعتماد على الطاقة الروسية بشكل أكبر، وأعلم أن الجهود ستبذل في سبيل تحقيق ذلك”.