مؤشرات وول ستريت تتراجع وسط بيانات أضعفت توقعات خفض الفائدة

ساد الحذر في وول ستريت قبيل خطاب جيروم باول، إذ تراجعت الأسهم وارتفعت عوائد السندات بعد أن أثار تقرير رئيسي عن المصانع مخاوف من أن ضغوط التضخم قد تُضعف توقعات خفض الفائدة.
دفع أسرع نمو في قطاع التصنيع منذ 2022 سندات الخزانة للهبوط، لترتفع عوائد السندات لأجل 10 سنوات بمقدار 4 نقاط أساس إلى 4.33%. وقالت بيث هاماك، رئيسة بنك الاحتياطي الفيدرالي في كليفلاند، إنها لن تدعم التيسير وسط هذا السيناريو، إذا كان على المسؤولين اتخاذ القرار غداً.
وانخفض مؤشر “إس آند بي 500” لليوم الخامس على التوالي، في أطول موجة خسائر منذ يناير. معظم أسهم التكنولوجيا الكبرى تراجعت، فيما هبط سهم “وول مارت” 4.5% بعد نتائج أرباح مخيبة.
ورغم أن البيانات أظهرت زيادة في طلبات إعانات البطالة، ما يعزز مؤشرات تباطؤ سوق العمل، فإن مؤشر مديري المشتريات القوي للصناعة، دفع المتداولين إلى تقليص رهاناتهم على خفض الفائدة. رجّحت أسواق المال احتمالاً يقارب 70% لإجراء خفض في سبتمبر، مقابل أكثر من 90% قبل أسبوع.
وقال بريت كينويل، المحلل الاستثمار الأميركي في “إيتورو” إن “الاحتياطي الفيدرالي وُضع في موقف صعب، حيث الضغوط لخفض الفائدة تتصاعد مع ارتفاع التضخم وتباطؤ سوق العمل، وهذان المؤشران يسيران في اتجاه معاكس لتفويض الفيدرالي المزدوج”.
ترقّب لاجتماع جاكسون هول
يتجمع محافظو البنوك المركزية والاقتصاديون من مختلف أنحاء العالم، في ندوة الاحتياطي الفيدرالي الاقتصادية في جاكسون هول بولاية وايومنغ، وهو حدث بارز في جبال “غراند تيتون” يُستخدم غالباً للإعلان عن قرارات محورية. ومن المقرر أن يتحدث باول يوم الجمعة الساعة 10 صباحاً بتوقيت نيويورك.
في الأثناء، أشارت وزارة العدل إلى خطط محتملة للتحقيق مع عضو مجلس الاحتياطي الفيدرالي ليزا كوك، مع حث مسؤول بارز لباول على إقالتها من المجلس. وكان بيل بولت، رئيس هيئة تمويل الإسكان في إدارة دونالد ترمب، قد دعا إلى تحقيق بشأن اتفاقيات رهن عقاري يُزعم أنها أبرمتها في 2021.
وقال أندرو برينر من “نات ألايانس سيكيوريتيز” إن “أرقام مؤشر مديري المشتريات القوية جعلت من الصعب على باول أن يستند إلى ضعف التوظيف في خطابه غداً”.
يعتبر خطاب رئيس الفيدرالي السنوي في جاكسون هول فرصة للإشارة إلى تحولات في السياسة. لكن المشكلة أن المؤشرات الاقتصادية لا تتجه كلها في هذا الاتجاه. ومع ترقّب صدور مزيد من البيانات الاقتصادية، قد يفضّل باول أن يكون حذراً في صياغة رسالته.
وقال كالفين تسي من “بي إن بي باريبا” إن “المفتاح في ندوة جاكسون هول سيكون ما إذا كان باول سيُحدث تغييرات على آلية تفاعله مع البيانات الاقتصادية. في سيناريو الأساس لدينا، نتوقع أن يلتزم باول بالآلية التي عرضها في يوليو، ونعتقد أن ذلك سيشكل مفاجأة متشددة للأسواق”.
لهجة متشددة من مسؤولي الفيدرالي
مسؤولون آخرون في الفيدرالي تحدثوا الأربعاء والخميس بلهجة مشابهة لهاماك. فقد قال رافاييل بوستيك، رئيس الاحتياطي الفيدرالي في أتلانتا، إنه ما زال يرى خفضاً واحداً فقط هذا العام، فيما صرّح جيفري شميد، رئيس الاحتياطي الفيدرالي في كانساس سيتي، أن مخاطر التضخم ما تزال تفوق مخاطر سوق العمل.
هذه التصريحات انسجمت مع محضر اجتماع السياسة النقدية الأخير في يوليو، الذي أظهر أن معظم المسؤولين يتبنون الرأي ذاته.
اعتبر لويس نافلييه من “نافلييه آند أسوشييتس” أن “خطاب باول القادم يوم الجمعة سيجعل السوق حذرة. وأظهرت محاضر اجتماع الفيدرالي التي نُشرت الأربعاء قلقاً أكبر من مخاطر التضخم الناجم عن الرسوم الجمركية، فيما تواصل الرهانات على خفض الفائدة بالتراجع”.
وقال ريك غاردنر من “آر جي إيه إنفستمنتس”: “قد نشهد تراجعاً في السوق إذا أحبط باول التوقعات بشأن خفض الفائدة في سبتمبر، لكننا نعتقد أن الخفض قادم في مرحلة ما خلال الـ12 شهراً المقبلة”.
وأشار غاردنر إلى أن تقرير الوظائف لشهر أغسطس، المقرر إصداره في أوائل سبتمبر، سيكون أكثر أهمية لقرار خفض الفائدة، لأنه التقرير الأخير قبل اجتماع سبتمبر.
أما جيم بيرد من “بلانت موران فاينانشال أدفايزرز” فقال إن الفيدرالي سيكون بحاجة إلى السير بحذر شديد، موضحاً أن “ظروف سوق العمل قد لا تكون ضعيفة، لكنها في حالة تراجع”.
وأضاف: “مع تضخم عنيد يُتوقع أن يرتفع على المدى القريب، فإن مخاطر سيناريو الركود التضخمي ستشكل تحدياً لصناع القرار”، مشيراً إلى أن “التحرك بسرعة أو بقوة كبيرة قد يدفع توقعات التضخم أعلى، بينما التحرك ببطء شديد قد يفاقم ضعف سوق العمل ويزيد احتمالية ركود الاقتصاد”.
مزاج المستثمرين
أظهر استطلاع أجرته شركة “22V ريسيرتش” أن 43% من المستثمرين يتوقعون أن يكون رد فعل السوق على ندوة جاكسون هول “محايداً”، و39% يتوقعون “مخاطرة سلبية”، و18% فقط يتوقعون “مخاطرة إيجابية”. كما كشف الاستطلاع أنه مقارنةً قبل ستة أشهر، فإن 75% من المستثمرين يعتقدون أن تقييمات الذكاء الاصطناعي أعلى، و23% يرون أنها عند المستوى نفسه، و2% فقط يعتبرونها أرخص.
وقال دينيس ديبوشير من “22V”: “الموضوعات المفضلة لدى المستثمرين حتى نهاية العام هي حساسية أسعار الفائدة، وقوة الذكاء الاصطناعي، وقيمة الأسهم. أما أكبر المخاطر فهي التضخم المرتفع، وعمليات خفض فائدة أقل، وظروف التشبع الشرائي”.
قطاع التكنولوجيا و”إنفيديا” في الواجهة
قال أنتوني ساغليمبين من “أمريبريز” إن عوامل النمو والزخم التي ساعدت على رفع أسهم التكنولوجيا والسوق الأميركية عموماً خلال الأشهر الماضية، تمر الآن بمرحلة “تصحيح صحي”، وهو أمر طبيعي.
لكنه حذّر من أنه “إذا استمرت هذه الهواجس لدى المستثمرين حتى تقرير ‘إنفيديا‘ الأسبوع المقبل، فقد نشهد رد فعل أكبر في السوق صعوداً أو هبوطاً، بحسب كيفية تفسير نتائج الشركة وتوقعاتها”.
ويرفع عدد كبير من محللي وول ستريت توقعاتهم لسهم “إنفيديا” قبيل إعلان أرباحها في 27 أغسطس. وقال كيث ليرنر من “تروست أدفايزوري سيرفيسز” إن الأدلة تشير إلى أن التراجع الأخير في قطاع التكنولوجيا يمثل إعادة ضبط ضرورية ضمن اتجاه طويل الأمد ما زال بنّاءً.
وأضاف: “كان القطاع مشدوداً بعد أقوى تعافٍ على مدى أربعة أشهر منذ عام 2000، ما جعله أكثر عرضة للأخبار السلبية. ومع ذلك، فإن العائد على مدى عام ليس في مستوى متطرف”.
وأكد أن الخطر الرئيسي الواجب مراقبته هو تراجع زخم الأرباح، لكن الاتجاهات لا تزال قوية حالياً.
فرص شراء عند التراجع
قال مكتب التداول في “غولدمان ساكس” إن الخسائر الحادة في أسهم الزخم قد تمثل فرصة للشراء عند التراجع.
وأوضح أن سلة أسهم الزخم الطويلة/القصيرة لدى البنك، عندما انخفضت 10% أو أكثر خلال خمسة أيام، فإنها ارتفعت في الأسبوع التالي بنسبة 80% من الحالات، مع عائد وسطي 4.5% في الأسبوع التالي وأكثر من 11% في الشهر اللاحق.
وقال نافلييه: “لا أحب أغسطس لأنه مليء بـ’جيوب هوائية’. نحن الآن في خضم عملية دوران كبيرة للعودة إلى المتوسط، وهو أمر مؤسف لأن بيئة الأرباح كانت مذهلة”.