اخر الاخبار

الاتحاد الأوروبي وأميركا يتقدمان في اتفاق تجاري يشمل خفض الرسوم

اتخذت أميركا والاتحاد الأوروبي خطوات نحو تقنين اتفاقهما التجاري، كاشفين عن خطط قد تقلص الرسوم على السيارات الأوروبية خلال أسابيع، مع فتح الباب أمام تخفيضات محتملة جديدة للصلب والألمنيوم.

البيان المشترك، الصادر الخميس، يمثل تقدماً عن الاتفاق المبدئي المُعلن قبل شهر، عبر تضمين معايير محددة تتيح للاتحاد الأوروبي الحصول على الخفض الموعود على الرسوم الجمركية القطاعية على السيارات والأدوية وأشباه الموصلات، فضلاً عن التزامات جديدة بالتعاون في قضايا الأمن الاقتصادي والمعايير الغذائية والتجارة الرقمية.

أشاد الرئيس الأميركي دونالد ترمب مراراً بالإطار التجاري الموسع بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، واصفاً إياه بـ”اتفاق ضخم” خلال اجتماع في البيت الأبيض يوم الإثنين مع قادة أجانب بينهم رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين.

ترمب يعلن اتفاقاً “تاريخياً” مع الاتحاد الأوروبي لتفادي حرب تجارية

وقالت فون دير لاين في منشور على منصة “إكس” إن الاتفاق يوفر اليقين و”يحقق مكاسب لمواطنينا وشركاتنا، ويعزز العلاقات عبر الأطلسي”.

يبرز هذا التطور طبيعة المفاوضات التجارية في عهد ترمب، إذ تتحول التصريحات الأولية الواسعة حول الصفقات بعد أسابيع –أو أكثر– إلى جهود لبلورة اتفاقات تفصيلية. ويرتبط الكثير منها أيضاً بتغييرات سياسية شاملة قد تستغرق وقتاً لتظهر للعلن.

وعلى سبيل المثال، فرض ترمب بالفعل رسماً موحداً نسبته 15% على معظم السلع الأوروبية، أي نصف معدل الـ30% الذي هدد به سابقاً. لكن الوعد الأميركي بتمديد هذا الرسم المنخفض ليشمل السيارات وقطع الغيار يعتمد الآن على أن يقدم الاتحاد الأوروبي رسمياً مقترحاً تشريعياً لإلغاء مجموعة من رسومه على السلع الصناعية الأميركية وتوفير “وصول تفضيلي إلى السوق” لبعض منتجات المأكولات البحرية والمنتجات الزراعية الأميركية.

خفض الرسوم على السيارات

يوضح البيان خطوات منسقة على جانبي الأطلسي، إذ ستقنن الولايات المتحدة خفض الرسوم على السيارات بمجرد أن “يقدم الاتحاد الأوروبي رسمياً المقترح التشريعي اللازم” لتنفيذ تخفيضاته الخاصة. وستُطبَّق رسوم 15% المخفضة على واردات السيارات الأوروبية، من 27.5% حالياً، اعتباراً من بداية الشهر نفسه الذي يُطرح فيه التشريع.

وقال مسؤول كبير في إدارة ترمب أطلع الصحفيين على المبادرة إن التخفيض قد يدخل حيز التنفيذ خلال أسابيع. وتنتظر بعض دول الاتحاد الأوروبي هذا التغيير بترقب، خصوصاً ألمانيا التي صدّرت سيارات وقطع غيار جديدة إلى الولايات المتحدة بقيمة 34.9 مليار دولار في 2024.

خفض الرسوم يجنّب شركات السيارات الأوروبية خسائر بـ4.7 مليار دولار

آلية الربط التشريعي تهدف إلى ضمان وفاء الاتحاد الأوروبي بتعهداته بشأن خفض الرسوم، وضمان تعرض التكتل المكون من 27 دولة لضغوط كافية للحصول على التفويض السياسي اللازم لإجراء التغييرات، بحسب المسؤول.

رسوم الدولة الأولى بالرعاية

تلتزم الولايات المتحدة بتطبيق رسوم “الدولة الأولى بالرعاية” المخفضة على مجموعة من السلع الأوروبية الأخرى، بما في ذلك الطائرات وقطع غيارها، والأدوية العامة ومكوناتها، وبعض الموارد الطبيعية مثل الفلين.

قد تُضاف إعفاءات أخرى مستقبلاً، وفق البيان، لكن الاتحاد الأوروبي لم ينجح حالياً في الحصول على المعاملة ذاتها للنبيذ والمشروبات الروحية والأجهزة الطبية. كما تجدد الولايات المتحدة التزامها بوضع سقف للرسوم القطاعية المستقبلية على المنتجات الصيدلانية وأشباه الموصلات والأخشاب الأوروبية عند 15%.

حصص المعادن

يفتح الاتفاق الباب أمام رسوم مخفضة على بعض منتجات الصلب والألمنيوم ومشتقاتهما بموجب نظام الحصص. ويمثل ذلك تحولاً عن خطط البيت الأبيض المعلنة في يوليو، حين أصرت إدارة ترمب على بقاء رسوم المعادن عند 50% للمساعدة في تقليص العجز التجاري مع الاتحاد الأوروبي وزيادة الإيرادات الأميركية.

وبشأن الصلب والألمنيوم، أكد الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة أنهما “يعتزمان دراسة إمكانية التعاون على حماية أسواقهما المحلية من فائض الطاقة الإنتاجية، مع ضمان سلاسل توريد آمنة بينهما”، وفق البيان المشترك.

أميركا تحذّر أوروبا من الشكوى ضدها بمنظمة التجارة في قضية الصلب والألمنيوم

وبموجب الشروط المتفق عليها، يواجه الاتحاد الأوروبي رسوماً نسبتها 15% على معظم صادراته. وأوضحت الولايات المتحدة في أمر تنفيذي الشهر الماضي أن هذه النسبة ستعمل كحد أقصى، في حين يواجه المصدّرون الآخرون رسوماً عامة تضاف إلى رسوم “الدولة الأولى بالرعاية” القائمة. أما السلع التي تخضع لرسوم “الدولة الأولى بالرعاية” أعلى من 15% فستستمر على حالها، لكن الرسوم القطاعية المنفصلة لا تُضاف فوق هذه النسبة أو فوق الرسوم العامة، بحسب بعض المطلعين.

أمور عالقة

الاتفاق لم يجب على أسئلة كبيرة حول كيفية وفاء الاتحاد الأوروبي بتعهده باستثمار 600 مليار دولار في الولايات المتحدة أو شراء نحو 750 مليار دولار من موارد الطاقة الأميركية، بما في ذلك الغاز الطبيعي المسال والنفط ومنتجات الطاقة النووية، حتى 2028.

ترمب يعطي الاتحاد الأوروبي مخرجاً من الرسوم: شراء الطاقة الأميركية

وقال المسؤول الأميركي الكبير إن الاستثمارات الخاصة للشركات الأوروبية يُتوقع أن تتركز في قطاعات استراتيجية داخل الولايات المتحدة، تشمل الأدوية وأشباه الموصلات والتصنيع المتقدم.

من جهة أخرى، يخطط الاتحاد الأوروبي لإجراء زيادة كبيرة في مشترياته من المعدات العسكرية والدفاعية من الولايات المتحدة، بحسب البيان، ويعتزم شراء ما لا يقل عن 40 مليار دولار من الرقائق الأميركية للذكاء الاصطناعي.

ووفق البيان المشترك، يعتزم الاتحاد الأوروبي توفير وصول تفضيلي للسوق أمام مجموعة من منتجات المأكولات البحرية والسلع الزراعية الأميركية غير الحساسة، بما في ذلك المكسرات، بعض منتجات الألبان، الفواكه والخضروات الطازجة والمصنعة، الأغذية المصنعة، بذور الزراعة، زيت فول الصويا، لحم الخنزير ولحم البيسون.

التجارة الرقمية

في الأسابيع الأخيرة، اعتُبرت المداولات حول لوائح الخدمات الرقمية الأوروبية وإمكانية تخفيف الرسوم على بعض السلع سبباً في إطالة أمد المفاوضات. ولم ينجح الاتحاد الأوروبي في الحصول على معدلات أقل للمشروبات الكحولية في البيان المشترك.

وتعهدت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي بمعالجة ما وصفه البيان المشترك بـ”حواجز غير مبررة أمام التجارة الرقمية”، مع تأكيد التكتل أنه “لن يعتمد أو يفرض رسوماً على استخدام الشبكات”.

وجاء في ورقة أسئلة وأجوبة صدرت الخميس من بروكسل أنه لم يتم تقديم أي التزام بشأن تنظيم الخدمات الرقمية. وورد بها: “البيان المشترك لا يتضمن أي التزام على صعيد اللوائح الرقمية للاتحاد الأوروبي”.

كما التزم الاتحاد الأوروبي بالعمل على توفير مزيد من “المرونة” في ضريبته على الواردات كثيفة الكربون المقرر تطبيقها العام المقبل، وسيعمل على ضمان ألا تشكل متطلبات العناية الواجبة للشركات والإفصاح عن الاستدامة “قيوداً غير مبررة على التجارة عبر الأطلسي”.

وقد تشمل التغييرات المحتملة تخفيف متطلبات الامتثال للشركات الصغيرة والمتوسطة، بحسب البيان.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *