اخر الاخبار

مؤشرات وول ستريت عند مستويات قياسية وسط رهانات على خفض قريب للفائدة

سادت حالة من الهدوء في “وول ستريت” بعدما عززت بيانات تضخم جاءت متماشية مع التوقعات التكهنات بأن مجلس الاحتياطي الفيدرالي سيكون أمامه مجال لخفض أسعار الفائدة في سبتمبر، ما دفع الأسهم للصعود وعوائد السندات القصيرة الأجل للتراجع.

ارتفعت الأسهم إلى مستوى قياسي، إذ صعد مؤشر “إس آند بي 500” بنسبة 1.1% متجاوزاً 6,400 نقطة، وقفز مؤشر “راسل 2000” للشركات الصغيرة بنسبة 3%.

ورغم تلاشي الارتفاع الأولي في السندات الأميركية، سعّرت أسواق المال احتمالاً بنحو 90% لخفض الفائدة الشهر المقبل. وتراجعت عوائد السندات لأجل عامين، الأكثر تأثراً بتحركات السياسة النقدية القريبة، أربع نقاط أساس إلى 3.73%. كما انخفض الدولار.

تسارع التضخم الأساسي في أميركا إلى أقوى وتيرة منذ بداية العام، لكن الزيادة المحدودة في أسعار السلع خففت المخاوف بشأن الضغوط الناتجة عن الرسوم الجمركية.

وقالت إلين زينتنر من “مورغان ستانلي ويلث مانجمنت”: “التضخم في ارتفاع، لكنه لم يزد بالقدر الذي خشيه البعض. على المدى القصير، من المرجح أن ترحب الأسواق بهذه الأرقام لأنها قد تسمح للاحتياطي الفيدرالي بالتركيز على ضعف سوق العمل، والإبقاء على خفض الفائدة في سبتمبر مطروحاً”.

رهانات على خفض الفائدة تدعم صعود الأسهم

بحسب ماركو كاسيراغي من “إيفركور”، قد يتسامح الاحتياطي الفيدرالي مع قراءة للتضخم أعلى من المتوقع مؤقتاً، شريطة أن تبقى مخاطر الآثار التضخمية الثانوية محدودة وتوقعات الأسعار مستقرة.

بالنسبة للأسهم، أضافت رهانات جديدة على خفض الفائدة إلى الزخم المدفوع بالحماس المستمر حيال الذكاء الاصطناعي والأرباح القوية للشركات. وقال كريس زاكاريلي من “نورثلايت أسيت مانجمنت”: “يمكن للأسهم مواصلة الصعود، وسيكون الأمر بحاجة إلى رقم تضخم أكبر بكثير، أو صدمة أخرى للسوق، لبدء تصحيح”.

زاد مؤشر أسعار المستهلكين الأساسي، الذي يستثني الغذاء والطاقة المتقلبين، بنسبة 0.3% من يونيو، وهي الأقوى منذ بداية العام، وجاءت متماشية مع توقعات الاقتصاديين، وكذلك مؤشر الأسعار الإجمالي على أساس شهري.

وقالت تيفاني وايلدينغ من “باسيفيك إنفستمنت مانجمنت”: “هذه البيانات، مع تراجع توقعات التضخم في استطلاعات المستهلكين وتباطؤ زخم سوق العمل، توفر خلفية معقولة لبدء الفيدرالي تخفيف السياسة النقدية في سبتمبر، حتى وإن ظل التضخم السنوي فوق الهدف”.

انتقادات ترمب وضغوط السياسة النقدية

أبقى المسؤولون الأميركيون أسعار الفائدة من دون تغيير هذا العام، سعياً لفهم ما إذا كانت الرسوم الجمركية ستؤدي إلى تضخم مستدام. وفي الوقت نفسه، تظهر سوق العمل علامات على فقدان الزخم.

اقرأ أيضاً: الأسواق تخشى سطوة ترمب على الفيدرالي وتهديد الدولار

وفي منشور على وسائل التواصل الاجتماعي، جدد الرئيس الأميركي دونالد ترمب انتقاداته لجيروم باول بشأن قرار الإبقاء على الفائدة، وقال إنه يدرس رفع دعوى قضائية ضد رئيس الفيدرالي بسبب مشروع تجديد مقره الذي واجه تجاوزات في التكاليف.

واقترح إي. جيه. أنطوني، مرشح ترمب لرئاسة مكتب إحصاءات العمل، تعليق نشر تقارير الوظائف الشهرية والاكتفاء بنشر أرقام ربع سنوية، حتى تُعالج مشكلات جمع البيانات.

من جهته، اعتبر رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي في ريتشموند توم باركين، إن حالة عدم اليقين بشأن اتجاه الاقتصاد تتراجع، لكن من غير الواضح ما إذا كان على البنك التركيز أكثر على السيطرة على التضخم أو دعم سوق العمل.

وعلّقت ألكسندرا ويلسون-إليزوندو من “غولدمان ساكس أسيت مانجمنت” أنه “مع احتواء التضخم وتزايد ضعف سوق العمل في بيانات الرواتب المعدلة، سيكون التركيز مائلاً الآن نحو التوظيف. هذه القراءة للتضخم تدعم السرد القائل بوجود خفض وقائي للفائدة في سبتمبر، وهو ما سيكون محركاً رئيسياً للأسواق”.

توقعات بخفض أكبر للفائدة

يرى سكايلر ويناند من “ريغان كابيتال” أن بيانات مؤشر الأسعار لشهر يوليو كانت “معتدلة بما يكفي” لتعطي الفيدرالي الضوء الأخضر لخفض الفائدة بواقع 25 نقطة أساس على الأقل في سبتمبر، مع فتح المجال لخفض أكبر يصل إلى 50 نقطة أساس.

وقال جيسون برايد من “غلينميد”: “التضخم ما زال تحت السيطرة حالياً، ما يعني أن المخاطر تميل باتجاه تحقيق الفيدرالي لهدف التوظيف الكامل. يبدو أن الظروف تتماشى لخفض الفائدة في سبتمبر”.

أما نيل دوتا من “رينيسانس ماكرو ريسيرش” فقال إن رد فعل السوق على البيانات كان “مفاجئاً”، موضحاً: “الأسهم ترتفع لأن خفض الفائدة في سبتمبر أصبح مضموناً؛ لكن إذا أخذت البيانات كما هي، فهذا يعني أن الرسوم الجمركية لا تُنقل للمستهلكين، ما يعني أن الشركات تتحمل تآكل هوامش الأرباح مؤقتاً”.

مخاوف من تأثير الرسوم الجمركية

قال ديفيد راسل من “تريد ستيشن” إن “وول ستريت” تتنفس الصعداء حالياً، لكن القلق سيستمر مع تسلل تأثير الرسوم الجمركية عبر سلاسل الإمداد.

وحذرت كالي كوكس من “ريثولتز ويلث مانجمنت” قائلة: “توخَّ الحذر هنا. المستثمرون على المدى الطويل غالباً ما يستفيدون من الشراء عند الانخفاض، لكن هذا لا يعني أن الطريق سيكون سلساً. نؤكد أنه وقت مناسب لمعرفة ما تملكه وتقليص المكاسب في القطاعات المندفعة المعرضة للرسوم”.

أما غريغ ماكبرايد من “بانكريت” فاعتبر أنه “قد يكون هذا الهدوء الذي يسبق العاصفة. هناك سيل من الرسوم الجمركية سيدخل حيز التنفيذ هذا الشهر. قد يستغرق الأمر بضعة أشهر قبل أن تصل هذه التكاليف بالكامل إلى المستهلك، لكن التضخم مرشح للارتفاع أكثر في ما تبقى من 2025”.

وترى سيما شاه من “برينسيبال أسيت مانجمنت” أن هناك مؤشرات على انتقال بعض تأثير الرسوم إلى أسعار المستهلك، لكنها “ليست كبيرة بما يكفي في هذه المرحلة لدق ناقوس الخطر”.

وأضافت: “الأسواق تحب قراءة التضخم هذه لأنها تعني أن الفيدرالي يمكنه خفض الفائدة الشهر المقبل دون عوائق، لكن قرارات خفض الفائدة في أكتوبر وديسمبر وما بعدهما قد تكون أكثر تعقيداً”.

ترقب لبيانات مبيعات التجزئة

ومع صدور بيانات مؤشر الأسعار، سيتحول التركيز الآن إلى أرقام مبيعات التجزئة المنتظرة الجمعة، لمعرفة ما إذا كان المستهلكون يظهرون تفاؤلاً مماثلاً لتعليقات الشركات الإيجابية وسط المخاوف بشأن سوق العمل، بحسب بريت كينويل من “إيتورو”.

وفي أخبار اقتصادية أخرى، وصل إيراد الرسوم الجمركية الأميركية إلى مستوى قياسي شهري جديد في يوليو، لكن الزيادة لم تكن كافية لمنع اتساع العجز في الموازنة الشهرية، ما يشير إلى استمرار التحديات المالية التي تواجه الحكومة الفيدرالية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *