اخر الاخبار

تراجع شراء الهند لنفط روسيا يدفع موسكو للبحث عن أسواق بديلة

تثير محاولات واشنطن لخنق تدفق النفط الروسي إلى الهند تساؤلات بشأن مصير ملايين البراميل التي كانت تتجه يومياً إلى شبه القارة الهندية.

تشير الدلائل إلى أن شركات التكرير الهندية المملوكة للدولة بدأت تتراجع عن الشراء من السوق الفورية في ظل غياب توجيهات رسمية من نيودلهي، بينما لا يزال من غير الواضح كيف ستتصرف المصافي الخاصة. هذه التطورات قد تعني أن كميات ضخمة من النفط، بلغت نحو 1.7 مليون برميل يومياً أرسلتها روسيا إلى الهند الشهر الماضي، باتت تبحث عن وجهة بديلة.

تعد الصين الوجهة الأكثر ترجيحاً لهذا الفائض، إذ لا تعترف بالعقوبات الأحادية الجانب، وتواصل شراء الخام الروسي والإيراني. لكنها، في الوقت ذاته، تُبدي قلقاً من الاعتماد المفرط على مورد واحد، ومن غير المؤكد إن كانت مصافيها قادرة على استيعاب كميات إضافية في ظل تباطؤ الأداء الاقتصادي.

قد يهمك أيضاً: روسيا تعرض نفط الأورال على مصافي الصين لتعويض مشتريات الهند

إجراءات ضد النفط الروسي

الرئيس الأميركي دونالد ترمب لوّح أيضاً باتخاذ إجراءات صارمة ضد تدفقات النفط الروسي إلى الصين، رغم أن بكين تُعد الدولة الوحيدة التي تمتلك الثقل الاقتصادي والنفوذ الكافي، من خلال موارد مثل المعادن النادرة، لمقاومة الضغوط الأميركية.

قال نيل كروسبي، المحلل لدى شركة “سبارتا كوموديتيز” (Sparta Commodities SA): “إذا كان هناك من يستطيع فعل ذلك، فالصينيون قادرون. لكن إذا بدأ ترمب بالتصعيد ضد الصين بسبب شرائها للنفط الروسي، فما قيمة الحصول على المزيد من النفط بالنسبة للصين؟ لست متأكداً”.

في حال تعذر تصريف كميات كبيرة من الخام، فقد يؤدي ذلك إلى تراجع في المعروض العالمي، ما يرفع أسعار النفط. وتوقعت مؤسسة “كابيتال إيكونوميكس” (Capital Economics) أن يؤدي هذا السيناريو إلى زيادة تتراوح بين 10 و20 دولاراً في سعر البرميل، استناداً إلى التحركات التي شهدتها السوق عقب الحرب الروسية على أوكرانيا.

وفقاً لتجار مطلعين على المناقشات، بدأ بعض المشترين الصينيين بالفعل في تلقي عروض لشحنات من خام “الأورال” الروسي للتسليم في أكتوبر. وتميل المصافي الصينية عادةً إلى تفضيل خام “إسبو” المحمّل من أقصى الشرق الروسي، بالإضافة إلى الخام الإيراني منخفض السعر.

بحسب تقديرات شركتي “إف جي إي” (FGE) و”كبلر” (Kpler)، يمكن لمصافي الصين استيعاب ما بين 400 ألف و700 ألف برميل يومياً من خام “الأورال” للتكرير المحلي، وقد يرتفع هذا الرقم إذا انخفض سعر الخام أكثر. إلا أن ذلك لا يزال يترك كميات كبيرة بلا مشترين.

حالياً، يتم تداول خامي “إسبو” و”الأورال” بعلاوة تقارب دولارين على خام “برنت” المرجعي، وفقاً للتجار، رغم أن تكاليف النقل بالنسبة لـ “إسبو” أقل بكثير. أما الخام الإيراني فيُباع حالياً بخصم قدره 4 دولارات عن سعر “برنت”، بحسب موي يو شو، كبيرة المحللين لدى “كبلر”.

طالع أيضاً: إيرادات روسيا النفطية تتقلص الثلث بفعل ضعف الأسعار وقوة الروبل

جودة خام الأورال الروسي

ترى شو أن جودة خام “الأورال” أقل من الخام الإيراني بسبب احتوائه على بعض المعادن. وقالت: “هذا النوع لا تفضله المصافي المستقلة الصينية”، في إشارة إلى المصافي الصغيرة التي تُعد من كبار المشترين للنفطين الروسي والإيراني.

تركيا تُعد أيضاً من المشترين المحتملين لأي كميات فائضة من “الأورال”، وهي تستورد حالياً نحو 6% من صادرات روسيا النفطية. لكن طاقتها الاستيعابية قد تكون محدودة، إذ إن زيادة نسبة “الأورال” في الخلطات قد تتجاوز القدرات الفنية لمصافيها، بحسب كروسبي من “سبارتا”.

وشراء كميات إضافية من النفط الروسي قد يسلط الضوء سلباً على تركيا، في وقت لا تزال بمنأى عن غضب ترمب. وقال نيكولاس فار، الخبير الاقتصادي في “كابيتال إيكونوميكس”: “من المرجح أن تسعى تركيا لتجنب الوقوع في مرمى الرسوم الأميركية. كما أن المكاسب المحتملة من زيادة وارداتها من النفط الروسي الأرخص لن تكون كبيرة”.

أما روسيا نفسها، فقد تضطر إلى استيعاب جزء من الفائض، رغم أن طاقتها التخزينية محدودة. وتبلغ حالياً مخزونات النفط البرية لديها نحو 100 مليون برميل، ما يتيح لها تخزين ما كان موجهاً للهند لنحو 30 يوماً فقط قبل بلوغ الحد الأقصى التاريخي البالغ 140 مليون برميل، وفقاً لموكش ساديف، رئيس أسواق السلع في شركة “ريستاد إنرجي” (Rystad Energy A/S).

أشار إلى أن موسكو تمتلك بعض القدرة لتوسيع طاقة التكرير بما يصل إلى 500 ألف برميل يومياً إضافية بحلول نهاية العام.

لكن أي إعادة توزيع لتدفقات النفط ستستغرق وقتاً، ومن المرجح أن تُخزن البراميل الزائدة داخل روسيا أو تُنقل على متن السفن خلال هذه الفترة. وكان سيناريو مماثل قد حدث في الأشهر الأولى بعد الحرب على أوكرانيا، حيث ازداد الاعتماد على التخزين العائم، بحسب مذكرة صدرت هذا العام عن شركة التحليلات البحرية “سيغنال غروب” (Signal Group).

اختتم كروسبي حديثه قائلاً: “ما هو ثابت دائماً في سوق النفط هو أنه إذا كان السعر مناسباً، فإن النفط سيجد طريقه. لكن السؤال الآن، من يجرؤ سياسياً على فعل ذلك؟”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *