بيانات التوظيف الضعيفة تُكسر هدوء الأسهم الأميركية

تراجعت الأسهم الأميركية يوم الجمعة في بداية قاتمة لتداولات شهر أغسطس، بعد أن أظهرت البيانات تباطؤاً ملحوظاً في نمو الوظائف وارتفاعاً في معدل البطالة، وكشف الرئيس الأميركي دونالد ترمب عن سلسلة من الرسوم الجمركية الجديدة.
انخفض مؤشر “إس أند بي 500” بنسبة 1.6%، مُواصلًا تراجعه لليوم الرابع على التوالي، وهي أطول سلسلة انخفاضات منذ مايو. وانخفض مؤشر “ناسداك 100” بنسبة 2% مع تراجع سهم “أمازون” بعد نتائج أرباح مُخيبة للآمال. وانخفضت القطاعات الأكثر تضرراً من الرسوم الجمركية بنسبة 1% أو أكثر، بينما ارتفعت أسهم السلع الاستهلاكية الأساسية الدفاعية بنسبة 0.5%. وقفز مؤشر “Cboe VIX” فوق مستوى 20.
وتضررت القطاعات الأكثر خُطورة في سوق الأسهم بشكل أكبر، حيث انخفض مؤشر “راسل 2000” للأسهم الصغيرة بنسبة 2%، بينما انخفض مؤشر الشركات الأكثر بيعاً على المكشوف بنسبة 3.1%.
سوق العمل الأميركي يشهد ضعفاً ملحوظاً
ارتفعت أعداد الوظائف بمقدار 73.000 وظيفة في يوليو، بعد أن تم تعديل بيانات الشهرين السابقين بالخفض بنحو 260.000 وظيفة، وفقاً لتقرير مكتب إحصاءات العمل الصادر يوم الجمعة. وفي الأشهر الثلاثة الماضية، بلغ متوسط نمو الوظائف 35.000 وظيفة فقط، وهو الأسوأ منذ الجائحة. وارتفع معدل البطالة إلى 4.2%. وأرسلت البيانات إشارةً قويةً إلى أن سوق العمل يشهد ضُعفاً ملحوظاً، مع تباطؤ نمو الوظائف بشكل كبير وارتفاع معدلات البطالة.
اقرأ التفاصيل: تباطؤ حاد في التوظيف الأميركي مع تزايد إشارات ضعف الاقتصاد
قال مايكل أورورك، كبير استراتيجيي السوق في شركة “جونزتريدنغ للخدمات المؤسسية” (Jonestrading Institutional Services): “إن الارتفاعات القياسية، والتقييمات الباهظة، بالإضافة إلى الرسوم الجمركية، والارتفاع المتوقع في التضخم، كلها عوامل تجعل هذا الوقت مثالياً للبيع وإعادة التقييم مع حلول الخريف”. وأضاف: “لقد كان السوق في حالة من التراخي الشديد في الأسابيع الأخيرة، لا سيما مع اقتراب الموعد النهائي لتطبيق الرسوم الجمركية”.
أعلن الرئيس الأميركي ترمب أنه سيوجه المسؤولين بإقالة إريكا ماكينتارفر، مُفوضة مكتب إحصاءات العمل، بعد ساعات من صدور تقرير أظهر تباطؤاً حاداً في نمو الوظائف في الولايات المتحدة خلال الأشهر الثلاثة الماضية.
وقال نيل دوتا، رئيس قسم الأبحاث الاقتصادية الأميركية في شركة “رينيسانس ماكرو ريسيرش” (Renaissance Macro Research)، في مذكرة: “الإحصاءات العامة الأميركية تُمثل المعيار الذهبي. إن التشكيك فيها لمجرد أنها تُخبرك بشيء لا يعجبك يُضعف ثقة السوق”.
وأعرب محافظا مجلس الاحتياطي الفيدرالي، كريستوفر والر وميشيل بومان، عن مخاوفهما من أن تردد صانعي السياسات في خفض أسعار الفائدة قد يُهدد بإلحاق ضرر غير ضروري بسوق العمل.
طالع التفاصيل عبر هذا الرابط: للمرة الخامسة.. الفيدرالي يبقي الفائدة دون تغيير متجاهلاً ضغوط ترمب
الرسوم الجمركية ترفع متوسط الفائدة الأميركية
وفي الوقت نفسه، أطلق ترمب موجة من الرسوم الجمركية الجديدة التي رفعت متوسط سعر الفائدة الأميركية على السلع الواردة من جميع أنحاء العالم، مُواصلًا بذلك جهوده المُضطربة لإعادة هيكلة التجارة الدولية.
ورغم أن المعدلات الأساسية للعديد من الشركاء التجاريين لا تزال دون تغيير عند 10% من الرسوم التي فرضها ترمب في أبريل، فقد رفع الرسوم الجمركية على بعض السلع الكندية إلى 35%، وزاد المعدلات على دول مثل سويسرا ونيوزيلندا.
اقرأ أيضاً: ترمب يخفض الرسوم “المتبادلة” على 40 دولة بينها 4 عربية
قالت ألكسندرا ويلسون-إليزوندو، الرئيسة التنفيذية المشاركة لحلول الأصول المتعددة في “غولدمان ساكس” لإدارة الأصول، في رسالة بريد إلكتروني: “مع أن المستويات العامة لا تُشير إلى انخفاض، إلا أن هذا الاتجاه يدعو للقلق”. وأضافت أن “هذا الرقم ليس سوى رقم واحد في أسبوع حافل بإصدارات بيانات اقتصادية مهمة، لكن هذا التراجع يتحدى بشكل مباشر الموقف المتشدد لمجلس الاحتياطي الفيدرالي الذي اتخذه اجتماع اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة هذا الأسبوع”.
كما هدد ترمب بفرض رسوم جمركية إضافية بنسبة 40% على أي مُنتج تقرر واشنطن أنه “أعيد شحنه” عبر دولة أخرى، وهي عُقوبة تهدف إلى منع السلع، ومعظمها من الصين، من التهرب من الرسوم الجمركية الأميركية.
أسهم العظماء السبعة
انخفضت أسهم “أمازون” بنسبة 8.3% يوم الجمعة بعد أن توقعت دخلاً تشغيلياً أضعف من المتوقع، وتخلفت عن نمو مبيعات منافسيها في مجال الحوسبة السحابية، مما دفع المُستثمرين إلى البحث عن مؤشرات على أن استثمارات الشركة الضخمة في الذكاء الاصطناعي تُؤتي ثمارها.
على الرغم من أن شركة “أبل” أعلنت عن أسرع نمو ربع سنوي في إيراداتها منذ أكثر من ثلاث سنوات بعد انتعاش الطلب على أجهزة آيفون ومنتجاتها في الصين، إلا أن أسهمها انخفضت بالتوازي مع تراجع السوق الأوسع.
يقول استراتيجيو “بنك أوف أميركا” إن الارتفاع الذي دفع أسهم ما يسمى بـ”العظماء السبعة” للارتفاع بنسبة 45% منذ أبريل يبدو مبالغاً فيه.
اقرأ أيضاً: إيرادات “أبل” تتفوق على توقعات المحللين بهامش مريح
أفاد فريق بقيادة مايكل هارتنت في تقرير صدر يوم الخميس أن المستثمرين المتفائلين في مجموعة شركات التكنولوجيا الأميركية العملاقة سيحتاجون إلى رؤية ارتفاعات جديدة في المؤشرات الرئيسية التي تتبع هذه الشركات للحفاظ على ثقتهم في أدائها المتميز.
صناديق التحوط تتخلص من الأسهم الأميركية
سجل مؤشر “إس آند بي 500” سلسلةً من الأرقام القياسية خلال شهر يوليو، مدفوعاً بأرباح قوية وبيانات اقتصادية إيجابية ومؤشرات تقدم على صعيد التجارة. كان العامل الرئيسي في الأداء القوي للمؤشر هو الارتفاع القياسي الذي شهده قرب نهاية الشهر، حيث سجل المؤشر القياسي سلسلة من الأرقام القياسية على مدى ست جلسات متتالية قبل توقف قصير.
ومع ذلك، فشل المؤشر طوال شهر يوليو، في تسجيل أي ارتفاع يتجاوز 1% في أي من الاتجاهين – وهو أول حدث من نوعه منذ أكتوبر – قبل أن تنكسر سلسلة التقلبات الهزيلة في المؤشر المكون من 500 سهم يوم الجمعة.
تمسّك المستثمرون الأذكياء في “وول ستريت” بتوقعاتهم السلبية. حيث تخلصت صناديق التحوّط من الأسهم الأميركية خلال الأسابيع الأربعة الماضية، حيث فاق بيع الأسهم تغطية المراكز القصيرة، وفقاً لتقرير صادر عن مكتب الوساطة الرئيسي لمجموعة “غولدمان ساكس”.
وفي أخبار أخرى للشركات، أعلنت شركتا “إكسون موبيل” و”شيفرون” عن نتائج أفضل من المتوقع بعد أن خفف إنتاج النفط القياسي من تأثير انخفاض أسعار الخام.
انخفضت أسهم “كوين بيس غلوبال” بعد أن أعلنت أكبر بورصة عملات رقمية أميركية عن إيرادات للربع الثاني جاءت أقل من متوسط توقعات المحللين، وسط انخفاض في تقلبات سوق الأصول الرقمية.
وارتفعت أسهم “إيلي ليلي” بعد أن ذكرت صحيفة “واشنطن بوست” أن الحكومة الأميركية تخطط لتجربة تغطية أدوية إنقاص الوزن لبرامج الرعاية الصحية الفيدرالية.