اخر الاخبار

البحرين تختار أميركا لاستثمار 17 مليار دولار.. لماذا؟

يشكل تعهد البحرين باستثمار نحو 17 مليار دولار في الولايات المتحدة نقلة نوعية في العلاقات الاقتصادية بين البلدين، ويعكس التحول الاستراتيجي لدول الخليج نحو تعزيز حضورها الاستثماري العالمي، لاسيما في أكبر اقتصاد في العالم.

تأتي هذه المبادرة التي أُعلن عنها خلال استقبال الرئيس الأميركي دونالد ترمب لولي عهد البحرين ورئيس الوزراء الأمير سلمان بن حمد آل خليفة في واشنطن أمس، بالتزامن مع مساعي ترمب لجذب مزيد من الاستثمارات الأجنبية إلى الولايات المتحدة، وذلك في إطار خطته لنقل عمليات التصنيع وخلق الوظائف.

كما يندرج ضمن جهود البحرين لتنويع أصولها وتحقيق عوائد مستدامة، اعتماداً على الأنشطة غير النفطية التي شكلت 86% من اقتصاد المملكة في 2024، وفقاً لبيانات وزارة المالية والاقتصاد الوطني البحرينية.

هذا الاستثمار يأتي بعد تعهدات استثمارية من قِبل السعودية والإمارات وقطر بإجمالي 3.6 تريليون دولار خلال زيارة الرئيس ترمب إلى المنطقة في مايو الماضي. 

قد يهمك أيضاً: ترمب يجذب تريليوني دولار استثمارات أجنبية من الشركات خلال ولايته الثانية

كيف ستمول البحرين استثماراتها المرتقبة في الولايات المتحدة؟

وفقاً لوكالة أنباء البحرين، فإن مصادر تمويل هذه الصفقات ستأتي من خلال استثمار 10.7 مليار دولار عبر عدد من المؤسسات المالية ومؤسسات القطاع الخاص البحرينية في الولايات المتحدة، فضلاً عن تعاون استراتيجي بين صندوق “ممتلكات البحرين القابضة” (ممتلكات) وعدد من الشركات الأميركية، بقيمة تصل إلى ملياري دولار بهدف خلق فرص عمل في الصناعات التحويلية المرتبطة بالألمنيوم.

يبلغ حجم صندوق “ممتلكات” حوالي 18 مليار دولار، وهو أصغر حجماً بكثير من نظرائه من الصناديق السيادية الإقليمية الأخرى. ومن أشهر حيازات الصندوق حصة أغلبية في مجموعة “ماكلارين” (McLaren) لصناعة السيارات الفاخرة. كما يمتلك حصصاً في مجموعة من أكبر الشركات المحلية بما في ذلك بنك البحرين الوطني و”ألمنيوم البحرين”.

وكان “ممتلكات” قد سجل أعلى أرباح منذ تأسيسه بقيمة 963 مليون دولار في 2024، فيما ارتفع رصيد الاستثمار الأجنبي المباشر إلى البحرين بـ5.7% على أساس سنوي بنهاية 2024، ليصل الإجمالي إلى 17.3 مليار دينار. 

لماذا الاستثمار في الولايات المتحدة الآن؟

يأتي اختيار الولايات المتحدة كوجهة استثمارية رئيسية نتيجة لرغبة البحرين في تنويع مخاطرها الاستثمارية والبحث عن عوائد ثابتة في بيئة اقتصادية مستقرة ومبتكرة. كما أن السوق الأميركية تقدم فرصاً نوعية كبرى في قطاعات التكنولوجيا والطيران والصناعات المتقدمة والطاقة، وهي مجالات تسعى البحرين إلى الدخول فيها بعمق لتعزيز تنافسيتها ونقل المعرفة إلى داخل المملكة.

كما تعمل إدارة ترمب على استثمار علاقاتها مع عدد من قادة الدول لحثهم على زيادة الاستثمارات داخل الولايات المتحدة، في إطار خطة اقتصادية تهدف إلى إعادة التوازن للتجارة العالمية وتعزيز فرص التصنيع داخل أميركا. 

ما هي القطاعات الأميركية التي تهتم بها البحرين؟

شملت التعهدات الاستثمارية المعلنة عقوداً مع شركات أميركية كبرى، إذ تم توقيع صفقات بحوالي 7 مليارات دولار مع “بوينغ” و”جنرال إلكتريك” في مجال الطيران، إلى جانب اتفاقيات مع شركات تقنية مثل “سيسكو” و”أوراكل” لتعزيز التحول الرقمي والبنية التحتية التكنولوجية في البحرين.

كما التزم صندوق “ممتلكات” بضخ ملياري دولار في قطاع الألمنيوم الأميركي، إضافة إلى استثمارات في مشاريع الغاز الطبيعي المسال وكابلات الربط البحري.

ويُشار إلى أن البحرين جاءت في المركز السادس عالمياً ضمن قائمة أكبر المصدّرين للألمنيوم إلى الولايات المتحدة في 2024. 

كيف تتماشى هذه الاستثمارات مع التوجه الخليجي الأوسع لتعزيز الحضور الاقتصادي في الولايات المتحدة؟

تندرج هذه الاستراتيجية في سياق أوسع يشهده الخليج، حيث كثفت الدول الخليجية خلال الأعوام الماضية استثماراتها النوعية في الولايات المتحدة، سواء في الطاقة المتجددة أو الذكاء الاصطناعي أو الصناعات المتقدمة.

ويعكس ذلك توجهاً خليجياً واضحاً للانفتاح على الأسواق الكبرى والاستفادة من التكنولوجيا العالمية، مع تعزيز الشراكات الإستراتيجية-الأمنية مع واشنطن.

ويرفع تعهُد البحرين باستثمار 17 مليار دولار حجم الاستثمارات الخليجية المؤكدة حتى الآن إلى أقل من 3.8 تريليون دولار، وذلك بعد تعهد كلٍ من السعودية بتريليون دولار، والإمارات بـ1.4 تريليون دولار، وقطر بـ1.2 تريليون دولار، خلال جولة ترمب الأخيرة إلى الخليج. 

ما مدى قوة الاقتصاد البحريني حالياً؟

نما الناتج المحلي الإجمالي للبحرين بنسبة 2.6% خلال 2024 بالأسعار الثابتة على أساس سنوي، مدعوماً بنمو الأنشطة غير النفطية بنسبة 3.8% على أساس سنوي، فيما سجلت الأنشطة النفطية تراجعاً سنوياً بنسبة 4%، وفقاً لبيانات وزارة المالية والاقتصاد الوطني. وتشير أحدث البيانات الرسمية من مصرف البحرين المركزي إلى أن قيمة أصول القطاع المصرفي البحريني بلغت 247.8 مليار دولار بنهاية 2024. 

توقع صندوق النقد الدولي نمو اقتصاد المملكة بـ2.8% خلال 2025، في الوقت الذي يرى الصندوق أنها تواجه عجزاً مالياً يتراوح بين 8% و9% من الناتج المحلي الإجمالي.

وبحسب دراسة لبنك الكويت الوطني في مايو الماضي، فإن البحرين بحاجة إلى أن تصل أسعار النفط إلى 130 دولاراً للبرميل في 2025 حتى تصل ميزانيتها إلى نقطة التعادل، فيما يرى بنك “بي إن بي باريبا” أنها بحاجة إلى أكثر من 90 دولاراً للبرميل، وترى شركة “أليانز” أن سعر البرميل لا بد أن يصل إلى 135 دولاراً لتتمكن البحرين من تحقيق التوازن المالي. وفقاً لأحدث تقرير من وكالة “فيتش”، تحتاج البحرين إلى أن يصل سعر برميل النفط إلى حوالي 125 دولاراً لتحقيق التوازن في الميزانية.

وجاءت البحرين في المرتبة الثالثة بين الدول العربية من حيث حجم الدين العام خلال في 2024، إذ سجلت نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي نحو 134% خلال العام الماضي، وسط توقعات بارتفاع هذه النسبة إلى 141.4% في عام 2025.

تواجه المملكة، التي تمتلك أصغر اقتصاد ضمن دول مجلس التعاون الخليجي، تحديات مالية متراكمة منذ تراجع أسعار النفط في 2014، ثم تفاقمت خلال جائحة كورونا، على الرغم من حصولها في عام 2018 على حزمة دعم مالي تبلغ نحو 10 مليارات دولار من السعودية والكويت والإمارات، بهدف دعم برنامج التوازن المالي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *