مؤشرات وول ستريت تتقلب مع تصاعد القلق من آثار رسوم ترمب

فشلت بيانات التضخم المعتدلة نسبياً في تهدئة مخاوف وول ستريت من تداعيات الرسوم الجمركية، إذ فقدت أسواق الأسهم والسندات الزخم بعد ارتفاعات أولية، وسط رهانات على أن مجلس الاحتياطي الفيدرالي سيُبقي أسعار الفائدة من دون تغيير في الوقت الحالي.
وارتفعت أسهم التكنولوجيا بعد إعلان شركتي “إنفيديا” و”إيه إم دي” استئناف بعض مبيعات الرقائق إلى الصين، في حين راقب المتداولون نتائج البنوك الكبرى.
وتراجع مؤشر “إس آند بي 500” بعد أن تجاوز في وقت سابق مستوى 6300 نقطة، وانخفض مؤشر لعمالقة المال الأميركيين بعد أن خفّضت “ويلز فارغو” توقعاتها لعائدات الفائدة الصافية. كما تراجعت أسهم “جيه بي مورغان” رغم تحقيق قسم الخدمات المصرفية الاستثمارية لمكاسب مفاجئة، في حين سجلت أسهم “سيتي غروب” أعلى مستوياتها منذ عام 2008 عقب إعلان خطة لإعادة شراء الأسهم.
قادت سندات الخزانة القصيرة الأجل التراجع، لكن العوائد على الآجال الأطول ارتفعت كذلك، حيث تجاوزت عوائد السندات لأجل 30 عاماً مستوى 5%. وارتفع الدولار بنسبة 0.4%.
تقليص احتمالات خفض الفائدة
سجّل التضخم الأساسي في الولايات المتحدة ارتفاعاً أقل من المتوقع للشهر الخامس على التوالي في يونيو، لكن التفاصيل أشارت إلى أن الشركات بدأت في تمرير جزء من تكاليف الرسوم الجمركية للمستهلكين بشكل أكثر وضوحاً.
قلّص المتداولون احتمالات أن يُقدم الاحتياطي الفيدرالي على أكثر من خفض واحد للفائدة هذا العام، وتراجعت احتمالات تحرك في سبتمبر إلى نسبة تُقارب 50% فقط.
وقال سكيلر وايناند من شركة “ريغان كابيتال” إن “السؤال الكبير بالنسبة للتضخم هو الرسوم الجمركية. يستغرق الأمر بعض الوقت حتى تظهر آثار الرسوم في البيانات، لكن من المرجّح جدًا أننا مقبلون على موجة تضخم مدفوعة بالرسوم”.
وأضاف: “سيُفضّل الفيدرالي الانتظار لرؤية نتائج عدة تقارير تضخم ووظائف قبل اتخاذ أي خطوة”.
في سياق متصل، اقترح وزير الخزانة سكوت بيسنت تنحي جيروم باول عن عضويته في مجلس البنك المركزي عند انتهاء ولايته في مايو 2026.
ورداً على سؤال عمّا إذا كان الرئيس دونالد ترمب قد طلب منه تولي المنصب، قال بيسنت: “أنا جزء من عملية اتخاذ القرار”، مشدداً على أن “القرار في يد الرئيس ترمب، وسيتخذ القرار بوتيرته الخاصة”.
مؤشرات على بداية انتقال آثار الرسوم إلى سلة الأسعار
أظهرت بيانات مؤشر أسعار المستهلكين، باستثناء الغذاء والطاقة، ارتفاعاً بنسبة 0.2% مقارنة بمايو. وساهم تراجع أسعار السيارات في كبح الأرقام، لكن فئات السلع التي تشملها رسوم ترمب مثل الألعاب والأجهزة المنزلية، شهدت أسرع وتيرة ارتفاع منذ سنوات.
وترى إلين زينتنر من “مورغان ستانلي” أن التضخم بدأ يُظهر أولى إشارات انتقال أثر الرسوم. ورغم تراجع تضخم الخدمات، إلا أن تسارع أسعار السلع المتأثرة بالرسوم يشير إلى ضغوط سعرية إضافية في الطريق.
وقالت سيما شاه من “برينسيبال أسيت مانجمنت”: “رغم أن تأثير الرسوم على التضخم قد يكون قصير الأجل، إلا أن إعلان المزيد من الرسوم يستدعي من الفيدرالي أن يبقى على الحياد لبضعة أشهر على الأقل”.
ترقب حذر في السوق قبل تقارير يوليو وأغسطس
قالت كاي هايغ من “غولدمان ساكس أسيت مانجمنت” إن التضخم الأساسي لا يزال معتدلاً، لكن من المتوقع أن تتصاعد الضغوط السعرية، وستكون تقارير مؤشر أسعار المستهلكين لشهري يوليو وأغسطس مفصلية.
وأضافت: “في الوقت الحالي، يظل الفيدرالي في وضع الانتظار والترقّب، ولكن إذا استمر التضخم في الهدوء، فإن الطريق سيكون ممهّداً لاستئناف دورة التيسير في الخريف”.
وخلال هذا الشهر، خفّض المتداولون من احتمالات التيسير النقدي من قبل الاحتياطي الفيدرالي. وقد أدت بيانات التوظيف القوية لشهر يونيو، التي صدرت في 3 يوليو، إلى استبعاد خفض للفائدة عقب الاجتماع المقبل المقرر اختتامه في 30 يوليو، كما قلّصت التوقعات بخفض في سبتمبر، وهو ما كان يُسعَّر بالكامل في أواخر يونيو.
وبالنظر إلى التطورات الأخيرة في السياسات التجارية، من المرجح أن يبقى الفيدرالي متأنّياً في تحرّكاته مع استمرار تبلور آثار التضخم، بحسب أوسكار مونيوز وجينادي غولدبرغ من “تي دي سيكيوريتيز”.
وقالا: “أظهر تقرير اليوم بداية انتقال أثر الرسوم الجمركية إلى تضخم السلع الأساسية، وطالما ظلت سوق العمل قوية، فإن الفيدرالي قادر على التريث ومراقبة تطورات التضخم وتوقعاته خلال الصيف”.
من جهتها، أشارت تيفاني وايلدينغ من “بيمكو” إلى أن الفيدرالي سيعتبر تقرير يونيو مشجعاً، حيث يبرر ارتفاع أسعار السلع المتأثرة بالرسوم الجمركية نهجه الحذر، فيما يُساعد التباطؤ المستمر في خدمات التضخم على دعم خفض الفائدة في سبتمبر وما بعده.
وقالت: “نعتقد أن تركّز التضخم في سلع معينة سيُسهّل على الفيدرالي شرح قرارات خفض الفائدة رغم بقاء التضخم فوق الهدف”.
مديرو الصناديق يتجهون إلى الأصول الخطرة
قالت كالي كوكس من “ريثولتز ويلث مانجمنت”: “إذا كنت تعتقد أن الاقتصاد يتحرك ببطء، فهناك منطق في توقّع تلاشي الضغوط التضخمية قريباً. لكن في الوقت الراهن، هي موجودة، والأسواق قد تبدأ بالتساؤل عن مدى ارتفاع الأسعار المحتمل”.
وأضافت: “حان الوقت لكي يُثبت المتفائلون بالأداء الصعودي للأسواق صحة رهاناتهم قبل أن ندخل في أغسطس الهادئ كالمعتاد”، مشيرة إلى أن الأسواق ستحتاج قريباً إلى أساسيات قوية تدعم هذه الأسعار.
وكشف استطلاع شهري أجراه “بنك أوف أميركا” عن عودة قياسية لمديري الصناديق إلى الأصول عالية المخاطر، مدفوعين بالتفاؤل بشأن النمو الاقتصادي والأرباح القوية. وسجّل معدل من اتخذوا مستويات مخاطرة أعلى من المعتاد أكبر ارتفاع على مدى ثلاثة أشهر منذ عام 2001.
ورأى الاستراتيجي مايكل هارتنت من “بنك أوف أميركا” أنه لا يتوقع تراجعاً كبيراً في الأسهم خلال الصيف، موضحاً أن التعرض للأسهم لا يزال دون “المستويات القصوى”، وأن تقلبات السندات لا تزال منخفضة.