اخر الاخبار

لماذا يواجه حزب ماسك السياسي الجديد عقبات كبرى؟

يُعد إيلون ماسك أكبر متبرع للحزب الجمهوري في انتخابات 2024، وقد أعلن عن رغبته في إنشاء حزب سياسي جديد بهدف خفض الدين الوطني الأميركي، الذي يبلغ حالياً 37 تريليون دولار.

بعد أن أنفق أكثر من 290 مليون دولار في عام 2024 لدعم انتخاب الرئيس الأميركي دونالد ترمب وضمان حصول الجمهوريين على الأغلبية في الكونغرس الأميركي، أعلن ماسك بشكل علني قطيعته مع ترمب وحزبه على خلفية مشروع “القانون الموحد الكبير”، الذي تحذر “اللجنة من أجل ميزانية فيدرالية مسؤولة” من أنه قد يرفع الدين بما يصل إلى 5 تريليونات دولار خلال عقد.

بعد أن وقع ترمب القانون في 4 يوليو الجاري، نشر ماسك استطلاعاً للرأي عبر منصته للتواصل الاجتماعي يسأل فيه متابعيه عما إذا كانوا يؤيدون تأسيس حزب جديد يُطلق عليه اسم “حزب أميركا”. لاحقاً، كتب منشوراً أشار فيه إلى أن 65.4% من المشاركين في الاستطلاع -وصفه بأنه غير علمي- أيدوا الفكرة، ليُعلن بعد ذلك تأسيس الحزب.

لكن الواقع أن تأسيس حزب سياسي في الولايات المتحدة الأميركية لا يتم بمجرد إعلان على وسائل التواصل الاجتماعي، حتى وإن كان من قبل أغنى رجل في العالم. فيما يلي نظرة على دوافع ماسك للخروج من نظام الحزبين، وما الذي يتطلبه تحقيق ذلك.

لماذا يريد ماسك تأسيس حزب سياسي جديد؟

منذ مغادرته في مايو الماضي لوزارة كفاءة الحكومة، والتي كانت تهدف إلى خفض الإنفاق الحكومي، أصبح ماسك أكثر صراحة في انتقاداته لترمب والجمهوريين بسبب فشلهم في تقليص الإنفاق بشكل أكبر. صرح بأن مشروع القانون الضخم الذي كان قيد التفاوض حينها “يقوض عمل وزارة كفاءة الحكومة، ووصفه لاحقاً بأنه “بشع بدرجة مثيرة للاشمئزاز” لأنه يزيد من عجز الميزانية بصورة كبيرة.

إيلون ماسك يعلن تأسيس “حزب أميركا”.. تفاصيل أكثر هنا

كما انتقد ماسك بشدة القانون الذي يُلغي حوافز ضريبية تصل إلى 7500 دولار لمشتري السيارات الكهربائية، معتبراً أنه يمنح “مساعدات للصناعات القديمة بينما يُلحق ضرراً بالغاً بصناعات المستقبل”. يُذكر أن ماسك يؤدي أدواراً محورية في مشاريع متعددة ضمن قطاع التكنولوجيا الخضراء، وهو يشغل حالياً منصب الرئيس التنفيذي لشركة “تسلا” لصناعة السيارات الكهربائية، والتي تشمل أيضاً قسماً للطاقة يبيع البطاريات المنزلية وأنظمة الطاقة الشمسية.

في يونيو الماضي، طرح ماسك لأول مرة فكرة تأسيس “حزب أميركا”، قبل أن يوسع خططه في يوليو الحالي. في منشور له على وسائل التواصل الاجتماعي، اقترح عقد مؤتمر للحزب في أغسطس المقبل بمدينة أوستن بولاية تكساس. وذكر أن حزبه سيخوض انتخابات التجديد النصفي في 2026، وسيُركز “بشكل مكثف على الفوز بمقعدين أو ثلاثة في مجلس الشيوخ ومن 8 إلى 10 مقاعد في دوائر انتخابات مجلس النواب” بهدف حرمان أي من الحزبين من تحقيق أغلبية عاملة في الكونغرس الأميركي.

ما الذي يتطلبه تأسيس حزب سياسي؟

يملك ماسك بالفعل لجنة عمل سياسي موسعة، إذ تبرع في عام 2024 بنحو 250 مليون دولار لـ”لجنة العمل السياسي أميركا” (America PAC) لتمويل عمليات حشد الناخبين لصالح ترمب و17 نائباً جمهورياً. إلا أن تأسيس حزب سياسي يُعد أكثر تعقيداً بكثير من إطلاق لجنة عمل سياسي موسعة. لكي يُعترف به من قبل “لجنة الانتخابات الفيدرالية” بوصفها “لجنة وطنية” -خطوة أساسية للمنافسة في الانتخابات الفيدرالية- يجب اجتياز عملية تقديم طلب شاقة، وبدونها لا يمكن للحزب تلقي تبرعات كبيرة أو تنسيق موارد حملة انتخابية.

اقرأ أيضاً: ترمب يهاجم خطة ماسك لتأسيس حزب منافس مع تصاعد الخلاف

وللحصول على الاعتراف الرسمي من لجنة الانتخابات الفيدرالية، سيتعين على ماسك إنشاء تنظيمات حزبية في ولايات متعددة -كل ولاية لديها قوانين مختلفة بشأن السماح بظهور الحزب على أوراق الاقتراع- إضافة إلى إنشاء لجنة وطنية تتولى العمليات اليومية للحزب. يجب على الحزب أن يثبت امتلاكه نظاماً داخلياً حاكماً ومنصة سياسية ومكتباً فعلياً للفرع الوطني. كما يتوجب عليه الانخراط في أنشطة لبناء القاعدة مثل حملات تسجيل الناخبين واسعة النطاق، وتنظيم عمليات حشد الناخبين لصالح مرشحيه. كما يجب أن يقدم مرشحين لمناصب فيدرالية في أكثر من ولاية (مجلسا النواب والشيوخ كافيان لذلك).

ما هو دور الحزب الثالث في السياسة الأميركية؟

على مستوى الرئاسة، غالباً ما يتهم الحزب الثالث (ثالث حزب بعد الحزبين الديمقراطي والجمهوري) بأنه يؤدي دور “المفسد”. على سبيل، حصل رالف نادر في حملته الرئاسية لعام 2000 عن “حزب الخضر” على 97488 صوتاً في ولاية فلوريدا، وهو رقم يتجاوز بكثير هامش الفوز البالغ 537 صوتاً الذي تفوق به الجمهوري جورج بوش على الديمقراطي آل غور. كما يُعتقد على نطاق واسع أن المرشحة الرئاسية عن “حزب الخضر” جيل ستاين في انتخابات 2016 سحبت أصواتاً كافية من هيلاري كلينتون لتتسبب في خسارتها.

اقرأ المزيد: الحزب الديمقراطي “بعد درس ترمب”.. أولويات جديدة ورحلة للبحث عن قادة

لكن هذه الادعاءات لا تؤيدها دوماً الدراسات الأكاديمية. وفقاً لدراسة أُجريت في 2021 حول أنماط التصويت أعدها العالمان السياسيان كريستوفر ديفين وكايل كوبكو، فإن غالبية من صوّتوا لستاين لم يكونوا ليذهبوا للتصويت أصلاً لولا وجودها على ورقة الاقتراع. كما درسا تأثير المرشح غاري جونسون عن “الحزب الليبرتاري” في الانتخابات نفسها، وخلصا إلى أن غالبية مؤيديه كانوا سيصوتون لترمب لولا ترشحه، لكن عددهم لم يكن ليمنحه الفوز بالتصويت الشعبي.

في 1992، خاض رجل الأعمال روس بيرو الانتخابات الرئاسية كمرشح مستقل، وكان متصدراً في استطلاعات الرأي حتى يونيو من ذلك العام، ونجح في التأهل للترشح في جميع الولايات الخمسين، وحصل على 18.9% من الأصوات الشعبية. وفي عام 1995، أسس “حزب الإصلاح”، وخاض الانتخابات مجدداً في 1996، لكنه حصل على 8.4% فقط من الأصوات. رغم ذلك، تُعد حملته من أنجح محاولات الحزب الثالث في تاريخ الولايات المتحدة. وفي 1998، ترشح المصارع المحترف السابق جيسي فينتورا عن “حزب الإصلاح” وفاز بمنصب حاكم ولاية مينيسوتا.

غالباً ما يحقق المرشحون المستقلون نتائج أفضل على المستوى الوطني من أولئك الذين ينتمون لأحزاب ثالثة. فمن بين هؤلاء السيناتور أنغوس كينغ من ولاية مين، وبيرني ساندرز من فيرمونت، وكلاهما خاض الانتخابات كمرشح مستقل، لكنهما يتحالفان في التصويت مع الكتلة الديمقراطية.

لماذا فشل الحزب الثالث في لعب دور مؤثر؟

خوض الانتخابات الفيدرالية في الولايات المتحدة الأميركية يُعد عملية باهظة التكاليف. غالباً ما تواجه الأحزاب الناشئة صعوبات في جمع التبرعات، كما أن التمويل الحكومي المطابق -أي الدعم المقدم من دافعي الضرائب- يقتصر فقط على مرشحي الرئاسة، ويُمنح بناءً على نتائج التصويت التي حققتها الأحزاب في الانتخابات السابقة.

اقرا أيضاً: إنفوغراف: 377 مليون دولار أنفقها الجمهوريون والديمقراطيون على الانتخابات 

كذلك، يعمل الحزبان الجمهوري والديمقراطي على تقليص المنافسة. بعد أن شارك بيرو في مناظرات الانتخابات الرئاسية خلال 1992 إلى جانب الرئيس الجمهوري جورج بوش الأب وبيل كلينتون، قامت لجنة المناظرات الرئاسية -التي يشكلها ممثلون عن الحزبين- بتعديل شروط التأهل لتشمل فقط المرشحين الذين لديهم “فرصة واقعية” للفوز. لذلك، لم يُسمح لبيرو بالمشاركة في مناظرات 1996.

بما أن مسؤولي الانتخابات على المستويين الفيدرالي وعلى مستوى الولايات الأميركية ينتمون إلى الحزبين الرئيسيين، فإنهم يسنون قوانين تخدم مصالحهم، مثل فرض عدد كبير من التوقيعات للترشح، والاعتماد على قواعدهم الجماهيرية الواسعة لجمع تلك التوقيعات.

ما حجم الدعم الشعبي لفكرة ماسك؟

يبدي غالبية الأميركيين تأييدهم لفكرة وجود حزب ثالث قادر على منافسة الحزبين الرئيسيين. في أكتوبر 2024، صرح 58% من الناخبين في استطلاع أجرته مؤسسة “غالوب” بأن البلاد بحاجة لحزب جديد.

في استطلاع أُجري في أبريل الماضي من قبل “مؤسسة هوفر” (Hoover Institution) ذات التوجه المحافظ، أعرب ثلاثة أرباع المشاركين عن قلقهم من الدين الوطني.

رسالة الأميركيين للحزب الديمقراطي: الاقتصاد لا يعمل لصالحنا .. تفاصيل أكثر هنا 

رغم ذلك، من غير الواضح ما إذا كانت هذه القضية وحدها كافية لتشكيل أساس تنظيمي لحزب سياسي تنافسي. ربما يصبح من الأسهل تقدير شعبية “حزب أميركا” إذا قدم ماسك برنامجاً سياسياً أكثر شمولاً.

ماذا سيحدث للجنة ماسك السياسية الموسعة؟

في حال نجاح ماسك في تأسيس “حزب أميركا”، فمن المرجح أن يستخدم لجنة العمل السياسي الموسعة لدعم مرشحيه للكونغرس الأميركي، أو أن يُنشئ كياناً آخر للغرض ذاته. والفرق الجوهري أن لجان الحزب السياسي تخضع لسقف معين من التبرعات الفردية، بينما يمكن للجان العمل السياسي الموسعة تلقي تبرعات غير محدودة.

اقرأ المزيد: مؤتمر الحزب الديمقراطي يدفع تبرعات هاريس لتتخطى نصف مليار دولار 

في انتخابات 2024، أنفقت “اللجنة الوطنية الجمهورية لمجلس النواب” نحو 40 مليون دولار لدعم مرشحيها، بينما أنفق “صندوق القيادة في الكونغرس” (Congressional Leadership Fund) التابع لها 217 مليون دولار إضافية لدعمهم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *