بلومبرغ إيكونوميكس: البنتاغون يناور الصين في مواجهة المعادن النادرة

قد يصبح البنتاغون أكبر مساهم في شركة “إم بي ماتيريالز” (MP Materials)، الرائدة في إنتاج المعادن الأرضية النادرة في الولايات المتحدة، بموجب صفقة وُصفت بأنها تحوّل كبير في السياسات الصناعية الأميركية.
اتفاق الشراكة، المُعلن في 10 يوليو، يأتي كاستجابة مباشرة للقيود التي فرضتها الصين في أبريل 2025 على صادرات مغناطيسات العناصر الأرضية النادرة، والتي أحدثت صدمة في سلاسل الإمداد العالمية. وتُعدّ هذه الخطوة بمثابة رد واشنطن على أزمة تمس الأمن القومي والاقتصادي، ناتجة عن عقود من التراجع الصناعي تفاقمت مؤخراً بسبب الإجراءات الصينية السريعة.
اعتماد أميركا على الصين.. نقطة ضعف حرجة
تعتمد الولايات المتحدة بشكل كبير على الصين في توريد مغناطيسات العناصر الأرضية النادرة المستخدمة في صناعات حيوية مثل السيارات الكهربائية والمعدات الدفاعية. وتسيطر الصين على معظم عمليات معالجة هذه المعادن عالمياً، مما يجعل هذا الاعتماد نقطة ضعف حرجة في القاعدة الصناعية الدفاعية الأميركية وفي الاقتصاد الأوسع.
قيود الصين تهز سلاسل الإمداد
في أبريل 2025، استخدمت بكين هذا الاعتماد كسلاح، من خلال فرض قيود جديدة على الصادرات رداً على الرسوم الأميركية، مما أدى إلى تعطل الإنتاج في بعض مصانع السيارات الغربية.
مناورة البنتاغون
استثمار البنتاغون البالغة قيمته 400 مليون دولار في حصص الملكية قد يجعله أكبر مساهم في الشركة، مع الأخذ في الاعتبار الضمانات المصاحبة. كما سيوفر القرض الإضافي 150 مليون دولار لدعم تطوير قدرات معالجة العناصر الأرضية النادرة الثقيلة، كما حصلت “إم بي ماتيريالز” على تمويل بقيمة مليار دولار من مؤسسات خاصة لبناء مصنع جديد لإنتاج المغناطيسات يُتوقع اكتماله بحلول 2028.
البنتاغون يستثمر في شركة معادن نادرة لكسر هيمنة الصين
ومن شأن تحديد وزارة الدفاع الأميركية 110 دولارات كحد أدنى لسعر الكيلوغرام الواحد من المواد المغناطيسية الرئيسية لمدة عشر سنوات، أن يمنع الصين من إغراق السوق بأسعار منخفضة تهدف إلى إفلاس المنافسين، وهي السياسة نفسها التي ساهمت في إفلاس مالك منجم “ماونتن باس” السابق.
تُعدّ القدرات الإضافية التي ستُنتجها هذه الشراكة بالغة الأهمية لبناء سلسلة توريد محلية بالكامل. وتشمل عمليات معالجة المعادن الأرضية النادرة الثقيلة الإضافية، الممولة بموجب الصفقة، فصل الديسبروسيوم والتيربيوم، وهما عنصران أرضيان نادران ثقيلان تسيطر عليهما الصين منذ أبريل 2025. وبمجرد اكتمالها، سترفع المنشأة الجديدة إجمالي إنتاج “إم بي ماتيريالز” من المغناطيس إلى أكثر من 10,000 طن سنوياً. وهي كمية كافية لتلبية الطلب الإجمالي المُقدّر لوزارة الدفاع الأميركية “البنتاغون” بحوالي 5,000 طن بحلول 2028، مع وجود فائض للعملاء التجاريين. وتجدر الإشارة إلى أن الولايات المتحدة استوردت مباشرةً 6,150 طناً من مغناطيسات النيوديميوم في 2024.
مفارقة “إم بي ماتيريالز”
ومن المفارقات أن “إم بي ماتيريالز” تأسست في 2017 عقب شراء مجموعة مستثمرين لمنجم “ماونتن باس” في كاليفورنيا من شركة “موليكورب” المفلسة، بمساعدة شركة “شينغه ريسورسز” (Shenghe Resources) الصينية شبه الحكومية، والتي وفرت المعرفة التقنية واشترت كامل إنتاج الشركة حتى فرض الرسوم في أبريل 2025.
توقيت الشراكة مع “شينغه” سمح لـ”إم بي ماتيريالز” بالاستفادة من نقل التكنولوجيا قبل دخول قيود التصدير الصينية حيز التنفيذ في أواخر 2023، كما ضمنت لها استقراراً تجارياً ساعدها على تجنب التقلبات الحادة التي أضرت بشركات غربية منافسة.
تأتي هذه الصفقة مع البنتاغون في وقت حرج، لأن فقدان “شينغه” كمشترٍ رئيسي بسبب رسوم أبريل شكل تهديداً كبيراً لـ”إم بي ماتيريالز”، إذ أدى إعلان الشركة وقف المبيعات إلى الصين في أبريل إلى تراجع سهمها بنسبة وصلت إلى 10%.
ومع هذه الصفقة، تحوّلت “إم بي ماتيريالز” إلى الاستفادة من دعم حكومي أميركي طويل الأمد كبديل للاستقرار الذي كانت توفره “شينغه”.
رغم أهمية الاتفاق، فإن مصنع المغناطيس الجديد لن يبدأ الإنتاج قبل 2028، مما يُبقي الاقتصاد الأميركي عُرضة لهيمنة الصين على سوق المغناطيسات النادرة في الأمد القريب.