سياسات ترمب التجارية تواصل الضغط على أسعار النفط

تراجعت العقود الآجلة للنفط مع تصاعد الحرب التجارية العالمية، بعدما كشف الرئيس الأميركي دونالد ترمب عن رسائل أرسلها إلى عدة دول، حدد فيها مستويات الرسوم الجمركية التي ستصبح سارية وواجبة الدفع في بداية أغسطس.
انخفض خام “برنت” لتسوية سبتمبر بنسبة 2.2% إلى 68.64 دولاراً للبرميل، في حين تراجعت العقود الآجلة لخام “غرب تكساس الوسيط” لتستقر دون 67 دولاراً للبرميل.
شملت الرسوم التي أعلنها ترمب نسبة 50% سيتم فرضها على البرازيل، والتي تعتبر حالة فريدة نظراً إلى أنها تسجل عجزاً تجارياً مع الولايات المتحدة. ولكن ترمب لمح إلى أن الرسوم تأتي بسبب تعامل السلطات مع الرئيس السابق جاير بولسينارو الذي يحاكم على خلفية محاولة انقلاب مزعومة، بعد فوز لويس إيناسيو لولا دا سيلفا في الانتخابات العامة البرازيلية لعام 2022.
وفي رسالته إلى البرازيل، طالب ترمب السلطات البرازيلية بإسقاط التهم الموجهة إلى الرئيس السابق، قائلا: “لا ينبغي أن تُعقد هذه المحاكمة. إنها مطاردة ساحرات ويجب أن تنتهي فوراً!”.
“أوبك” ترفع توقعاتها لنمو الطلب
من جهة أخرى، رفعت “منظمة الدول المصدرة للنفط” (أوبك) توقعاتها لنمو الطلب على النفط حتى 2050 بنحو 2.9 مليون برميل يومياً، مقارنة بتوقعات العام الماضي، حسب التقرير السنوي الصادر عن المجموعة.
الصورة المتفائلة لمستقبل النفط التي رسمها التقرير تستند إلى عدة عوامل مثل النمو الاقتصادي المتسارع في الهند، والتي ستضيف زيادة على الطلب قدرها 8.2 مليون برميل يومياً خلال الفترة حتى 2050، بزيادة 200 ألف برميل يومياً مقارنة بتوقعات التقرير السابق.
وعلى العكس، خفض التقرير توقعاته لنمو الطلب من الصين، حيث توقع أن تضيف 1.8 مليون برميل يومياً من 2024 ولغاية 2050 مقارنة بـ2.5 مليون برميل يومياً في التوقعات السابقة.
معظم الزيادة في الطلب العالمي على النفط ستأتي من قطاع النقل والطيران، الذي يتوسع بوتيرة متسارعة وسط نمو في احتياجاته للوقود.
وفيما يخص الإنتاج توقع التقرير أن يزداد إنتاج النفط خارج دول “أوبك+” إلى 58.9 مليون برميل يومياً حتى منتصف القرن مقارنة بتوقعات المنظمة في السنة الماضية حيث كانت عند 57.3 مليون برميل يومياً. وأكثر الزيادة في الإنتاج خارج دول “أوبك” ستأتي من الولايات المتحدة الأميركية، ثم المكسيك والبرازيل.
أما دول تحالف “أوبك+” فرفع التقرير توقعاته لإنتاجها ليصل 64.1 مليون برميل كل يوم.
الطلب على النفط يستوعب زيادات الإمدادات
شهدت الأشهر الماضية تحولات لافتة في سياسة منظمة البلدان المصدرة للبترول “أوبك”، إذ سرعت من إعادة الإمدادات، التي خفضتها طوعاً، إلى السوق.
في يوليو الجاري، قرر تحالف “أوبك+” رفع إمداداته النفطية بمقدار 548 ألف برميل يومياً في أغسطس، بما يفوق الزيادات التي أقرها على مدى الأشهر الثلاثة السابقة، ضمن سعيه لاستعادة الحصة السوقية، التي فقدها لصالح منافسين خلال الفترة التي قلص فيها إمداداته بهدف الحفاظ على التوازن بين العرض والطلب في السوق، ما أثار مخاوف من إمكانية حدوث تخمة في الإمدادات.
دافع وزير الطاقة والبنية التحتية في دولة الإمارات عن قرارات “أوبك+” مؤكداً أن السوق “صحية” وتشهد طلباً حقيقياً، لا سيما من الدول الآسيوية، معتبراً أن الدول التي تضخ استثمارات ضخمة لضمان أمن الطاقة العالمي يجب أن تُقدَّر جهودها لا أن تتعرض للانتقاد أو التشكيك.
وفي مقابلة مع “الشرق”، شدد المزروعي على أن التكتل النفطي يتابع السوق شهرياً ويعتمد قراراته بناءً على ما يراه من مؤشرات فعلية، لافتاً إلى أن مستويات المخزونات العالمية لم تشهد ارتفاعاً غير طبيعي بعد القرار الأخير.
ورداً على المخاوف من حدوث تخمة في المعروض بعد نهاية موسم الصيف، قال المزروعي: “التشكيك كان مستمراً من البداية… ونحن دائماً نقول إننا الأقرب للسوق، ونحن من نبيع فيه… وإذا هذه المجموعة (أوبك+) لا تعلم السوق، لا أدري من هو يعلم السوق أكثر منا”.
وقال: “نحن نجتمع شهرياً كوزراء ولجنة لننظر هل السوق مستعدة لاستيعاب هذه الكميات أم لا… ولم نرَ أي تغيّر كبير في مستوى المخزونات، لم تذهب إلى التخزين… والسوق كانت تحتاج لهذه البراميل”، مضيفاً أن التحالف لا يبني قراراته على فرضيات بعيدة الأمد بل على معطيات متغيرة تُدرس شهرياً، لضمان عدم الإخلال بتوازن السوق.
سياسات ترمب تضغط على الأسعار
تصاعدت الحرب الجمركية التي تقودها الولايات المتحدة في الأيام الأخيرة، حيث طغت أحدث مطالبات ترمب على الاتفاقات السابقة مع شركاء تجاريين كبار مثل الصين والمملكة المتحدة، وهي الاتفاقات التي كانت قد ساعدت سابقاً في تهدئة المستثمرين.
وتواجه السوق حالياً بعضاً من أعلى معدلات الرسوم الجمركية في تاريخ الولايات المتحدة، ما يمهد لفترة غامضة للنمو العالمي.
في غضون ذلك، أدت هجمات الحوثيين في البحر الأحمر إلى غرق سفينتين للشحن ومقتل عدد من أفراد الطواقم.
لكن هذا التصعيد لم يرفع علاوة مخاطر في أسعار النفط، إذ يتردد المستثمرون في الشراء بناءً على تطورات جيوسياسية، بعد أن نجت البنية التحتية للطاقة من مواجهة سابقة بين الولايات المتحدة وإيران.