مؤشرات وول ستريت ترتفع بهدوء وسط ترقب لنتائج أعمال الشركات

ساد هدوء نسبي في وول ستريت مع ارتفاع الأسهم، بينما عمد المتداولون إلى تحليل مجموعة من التوقعات الصادرة عن الشركات. وارتدت عائدات سندات الخزانة من أدنى مستوياتها خلال الجلسة، مع تسجيل بيع بقيمة 22 مليار دولار من السندات لأجل 30 عاماً، ما أظهر وجود شهية للديون طويلة الأجل، رغم المخاوف المتعلقة بعجز الميزانية الأميركية وتأثيرات الرسوم الجمركية.
وقبل أيام قليلة من الانطلاق غير الرسمي لموسم الأرباح الذي سيشهد إعلان النتائج من كبار المصارف، رفعت التوقعات الإيجابية لشركة “دلتا إيرلاينز” من أداء القطاع بأكمله.
وبلغ مؤشر “إس آند بي 500” مستوى قياسياً، مقترباً من 6,300 نقطة. وارتفعت أسهم “تسلا” بفضل خططها لتوسيع خدمة “روبوتاكسي” إلى ولايتي كاليفورنيا وأريزونا. كما تجاوزت قيمة “إنفيديا” 4 تريليونات دولار، فيما ورد أن الرئيس التنفيذي جنسن هوانغ سيلتقي الرئيس دونالد ترمب قبيل رحلة مقررة إلى الصين.
ارتفعت عوائد سندات الخزانة لأجل 10 سنوات بنقطة أساس واحدة إلى 4.34%، فيما بقيت عوائد سندات الثلاثين عاماً شبه مستقرة عند 4.86%. وتمت ترسية مزاد الخميس على عائد 4.889% مقارنة بعائد 4.890% للإصدار الأولي عند الموعد النهائي للمزايدة في الساعة 1 ظهراً بتوقيت نيويورك. وتم استيعاب الانخفاض في طلبات إعانة البطالة خلال أسبوع شمل عطلة يوم الاستقلال بهدوء. وظل الدولار متقلباً.
مخاطر متضاربة أمام الأسواق
تتأرجح الأسواق بين مجموعة من المخاطر المتضاربة في بعض الأحيان والمتعلقة بالرسوم الجمركية والسياسة المالية وآفاق “الاحتياطي الفيدرالي”. إلا أن موجة التحذيرات الأخيرة من ترمب لم تزعزع التداولات كما حدث عندما أعلن عن “الرسوم الجمركية المتبادلة” في أبريل، إذ يركّز المستثمرون حالياً على تمديد المهلة النهائية إلى 1 أغسطس.
وفي كلمة ألقاها في دبلن، حذر الرئيس التنفيذي لـ”جيه بي مورغان تشيس” جيمي ديمون من أن الأسواق تتعامل بتراخٍ مع مسألة الرسوم الجمركية. وأكد أيضاً أهمية التوصل إلى اتفاق بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، قائلاً إن “إطار الرسوم الجمركية يجب أن يُنجز”.
وقال توم إساي من “ذا سفنز ريبورت”: “ليس هناك أي احتمال للوصول إلى وضوح بشأن الرسوم الجمركية بحلول 1 أغسطس، ما يجعل خفض أسعار الفائدة في يوليو أمراً مستحيلاً”.
وأضاف: “الأثر العملي لسياسة الرسوم الجمركية التي تؤجل باستمرار هو تقليص فرص خفض الفائدة في سبتمبر، ما قد يُبقي المعدلات مرتفعة لفترة أطول، ويزيد من احتمالات التباطؤ الاقتصادي”.
ورأى ألبرتو موساليم، رئيس “الاحتياطي الفيدرالي” في سانت لويس، مخاطر تصاعدية على التضخم، لكنه أشار إلى أنه من المبكر تحديد ما إذا كانت الرسوم الجمركية سيكون لها تأثير دائم على الأسعار.
أما نظيرته في سان فرانسيسكو، ماري دالي، فقالت إنها لا تزال تتوقع حدوث خفضين في أسعار الفائدة هذا العام، ورأت أن التأثير السعري للرسوم الجمركية قد يكون أكثر اعتدالاً من التوقعات.
أبقى صناع السياسات على تكاليف الاقتراض من دون تغيير هذا العام، إلا أن انقساماً بدأ يظهر بشأن عدد التخفيضات المتوقعة في 2025. وسيجتمع مسؤولو “الاحتياطي الفيدرالي” في 29 و30 يوليو. ووفقاً لتسعير العقود الآجلة، يتوقع المتداولون حالياً أن يقوم البنك المركزي بتخفيض أسعار الفائدة مرتين خلال هذا العام.
وقال دانيال سكالي، رئيس قسم الأبحاث والاستراتيجية في إدارة الثروات لدى “مورغان ستانلي”: “مع أن البيت الأبيض سيشهد على الأرجح العديد من الإعلانات في الأسابيع المقبلة، إلا أنه من غير المرجح أن تكون مهلة الأول من أغسطس نهاية قصة الرسوم الجمركية”.
موسم أرباح جديد وتبدّل في ملامح السوق
مع اقتراب موسم الأرباح الجديد، قد يرغب المستثمرون في التركيز على الأسهم التي تملك فرصاً مفاجئة من حيث الأرباح والتدفقات النقدية، مع تنويع محافظهم لتشمل أسهماً دولية وسلعاً وبنى تحتية للطاقة وصناديق التحوط، بحسب ما أشار إليه سكالي.
وقال مارك هيفيلي من “يو بي إس لإدارة الثروات العالمية”: “من المتوقع أن يظهر المزيد من الوضوح بشأن الرسوم الجمركية مع استمرار محادثات التجارة”. وأضاف: “لطالما كانت التراجعات في غموض السياسات، إيجابية للأسهم، ونعتقد أن السياسة التجارية الأميركية ستتجه نحو مزيد من الاستقرار في النصف الثاني من العام”.
وقالت كريستي أكوليان، رئيسة استراتيجية الاستثمار في “آي شيرز” لأميركا إن “المرونة اللافتة للمستهلك الأميركي –وبالتالي للشركات الأميركية– كانت البطل في النصف الأول”.
وأضافت: “مع دخولنا موسم أرباح الربع الثاني، قد تحصل الأسهم على دفعة إضافية من التوقعات المنخفضة”.
تتوقع “وول ستريت” نمواً محدوداً للغاية من شركات “إس آند بي 500” في موسم الأرباح هذا، مع تقديرات بنمو قدره 2% فقط وانخفاض في الهوامش للربع الثاني، وفقاً لجينا مارتن آدامز ووندي سونغ من “بلومبرغ إنتليجنس”.
وقالتا: “مع أنه مستوى منخفض جداً –في الواقع، هو أضعف نمو خلال عامين– إلا أن السوق قد تحتاج إلى تأكيد أن زخم الأرباح سيتحسن فعلياً في النصف الثاني”. وأضافتا: “يشير نموذج الإرشادات لدينا إلى أن الأرباح يجب أن تتجاوز التوقعات بسهولة، ما يعزز فرضية عودة رواية التعافي إلى الواجهة”.
وقال استراتيجيون في “إتش إس بي سي” بقيادة ماكس كيتنر، إن الأصول المحفوفة بالمخاطر ستبقى مدعومة، مع حساسية أقل تجاه الرسوم الجمركية واعتبار موسم تقارير الربع الثاني من العوامل المحفّزة الرئيسية. وأوصوا بزيادة الوزن النسبي للأسهم، مع تفضيل السوق الأميركية حالياً.
وأضافوا: “بعيداً عن الوضع الداعم الحالي في تمركزات المستثمرين، نعتقد أن الرواية التشاؤمية حول موسم تقارير الربع الثاني في غير محلها”. وأشاروا إلى أن “ضعف الدولار الأميركي، وتحسن التوجيهات من الشركات، وانخفاض التوقعات، تُعد عوامل كافية لتحقيق مفاجآت إيجابية. وبعد إعلانات الرسوم الجمركية هذا الأسبوع، فإن أي تخفيض في المعدلات قد يُنظر إليه أيضاً بإيجابية”.
تحولات في أداء الأسهم الأميركية وارتفاع المخاطر الموسمية
يشهد شهر يوليو تحولاً ملحوظاً في أداء الأسهم الأميركية: فقد بدأ بعض من أكبر المتأخرين في النصف الأول في التفوق، في حين فقد الرابحون الأوائل هذا العام جاذبيتهم.
ويقوم المستثمرون بجني الأرباح والاتجاه إلى القطاعات التي كانت متأخرة، ما أشعل تحولاً جعل من قطاع الطاقة –أحد أكبر الخاسرين في مؤشر “إس آند بي 500” خلال الأشهر الستة الأولى– المتصدر الأول في يوليو، وفقاً لبيانات جمعتها “بلومبرغ”. في المقابل، تراجع قطاع خدمات الاتصال من ثاني أفضل أداء في النصف الأول إلى أسوأ أداء هذا الشهر.
وينصح استراتيجيون في “غولدمان ساكس”، من بينهم رايان هاموند، بعدم الاقتصار على التمركز في الأسهم الدفاعية أو الدورية فقط.
وقال دان وانتربسكي من “جاني مونتغمري سكوت”: “بينما يظل الاتجاه الفني العام للأسهم الأميركية إيجابياً، إلا أن تحليل الدورة الخاص بنا يشير حالياً إلى نافذة محتملة للتقلب قد تبدأ في أواخر يوليو وتمتد حتى أكتوبر”.
ولفت وانتربسكي أيضاً إلى أن المعنويات الصعودية وتمركزات السوق مرتفعة، وأن الرسوم البيانية تُظهر تشبّعاً شرائياً، وهناك عوامل موسمية مرتقبة في الأسابيع المقبلة، فيما تبقى المخاطر الأساسية مرتفعة في هذه البيئة.
وقال فؤاد رزق زادة من “سيتي إندكس” و”فوركس.كوم”: “لقد كان الصعود مستقراً، مع عدة رياح داعمة رفعت المعنويات على طول الطريق”. وأضاف: “لكن مع استمرار حالة عدم اليقين بشأن السياسة التجارية الأميركية، تبدو الأسواق في حاجة إلى محفّز جديد للمرحلة التالية من الصعود”.
وبالتالي، يرى أنه لا ينبغي أن يُفاجأ المستثمرون إذا شهدت الأسواق بعض التماسك أو تصحيحاً طفيفاً بعد تسجيل قمم جديدة.