الإمارات تستثمر لتجنب أزمة نفطية قادمة… فهل يشاركها الآخرون؟

دافع وزير الطاقة والبنية التحتية في دولة الإمارات العربية المتحدة عن قرارات “أوبك+” المتعلقة بزيادة الإمدادات النفطية، مؤكداً أن السوق “صحية” وتشهد طلباً حقيقياً، لا سيما من الدول الآسيوية، معتبراً أن الدول التي تضخ استثمارات ضخمة لضمان أمن الطاقة العالمي يجب أن تُقدَّر جهودها لا أن تتعرض للانتقاد أو التشكيك.
وفي مقابلة مع “الشرق”، شدد المزروعي على أن التكتل النفطي يتابع السوق شهرياً ويعتمد قراراته بناءً على ما يراه من مؤشرات فعلية، لافتاً إلى أن مستويات المخزونات العالمية لم تشهد ارتفاعاً غير طبيعي بعد القرار الأخير.
وقال: “نحن نجتمع شهرياً كوزراء ولجنة لننظر هل السوق مستعدة لاستيعاب هذه الكميات أم لا… ولم نرَ أي تغيّر كبير في مستوى المخزونات، لم تذهب إلى التخزين… والسوق كانت تحتاج لهذه البراميل”.
“نحن على دراية بما تحتاجه أسواق الشرق”
قرر تحالف “أوبك+” باجتماعه المنعقد الشهر الجاري رفع إنتاجه النفطي بمقدار 548 ألف برميل يومياً في أغسطس، بما يفوق التوقعات، بعد زيادته بمعدل 411 ألف برميل يومياً خلال أشهر مايو ويونيو ويوليو بهدف الحفاظ على التوازن بين العرض والطلب في السوق. في إطار مساعي التحالف لإرجاع تخفيضات إنتاج النفط الطوعية التي أجراها خلال السنوات الماضية.
وشدد المزروعي: “نحن نبيع النفط للدول النامية وخصوصاً أسواق الشرق، ونحن على دراية بما تحتاجه هذه الأسواق (من النفط)”.. و”نجري تواصلاً دائماً مع الدول المستهلكة مثل الصين والهند، ولاحظنا طلباً صحياً هذا العام، وهو ما مكّننا من إرجاع كميات الخفض الطوعي التي اتُخذت في السابق، وهو قرار حكيم السوق تحتاجه، ولم نتأخر فيه، ويدلل على أن أوبك+ لا ينظر إلى السعر بقدر اهتمامه بتوازن السوق”.
اقرأ أيضاً: سوق النفط تدخل مرحلة الفائض بعد تحرك “أوبك+” الأخير
لا تخمة في الأفق.. والتشكيك “مستمر من البداية”
ورداً على المخاوف من حدوث تخمة في المعروض بعد نهاية موسم الصيف، قال المزروعي: “التشكيك كان مستمراً من البداية… ونحن دائماً نقول إننا الأقرب للسوق، ونحن من نبيع فيه… وإذا هذه المجموعة (أوبك+) لا تعلم السوق، لا أدري من هو يعلم السوق أكثر منا”.
قرارات “أوبك+” تُبنى على بيانات وتحوّط
الوزير الإماراتي أكد أن تحالف “أوبك+” لا يبني قراراته على فرضيات بعيدة الأمد بل على معطيات متغيرة تُدرس شهرياً.
وشدد على أن “أوبك+” يعتمد على آلية واضحة لاتخاذ القرارر مبنية على “بيانات وعلى دراية بالسوق وعلى تحوّط”، لضمان عدم الإخلال بتوازن السوق.
“لسنا من يُخطئ في التقدير”
وقال: “لا تستطيع أن تقيّم السوق قبل ستة شهور… هناك متغيرات جيوسياسية واقتصادية ومستويات نمو وتقارير. كل هذه تُدرس عند اتخاذ أي قرار”.
وانتقد المزروعي ما وصفه بـ”التشكيك المستمر” من بعض المؤسسات والوكالات، قائلاً: “لو نظرنا لتقديراتهم قبل خمس أو ست سنوات نجد أنها لم تكن صحيحة… ما لم يصدق في السابق لن يصدق في المستقبل”.
وشدد الوزير الإماراتي: “نحن نثق بالخبراء في المجموعة، لدينا بيانات وفهم للسوق أفضل من المضاربين وبعض الصحفيين والمحللين الذين يأتون بقصص من هنا وهناك لتحقيق سبق صحفي”.
“نحن نضحي… لكن المسؤولية مشتركة”
تحدث المزروعي عن التحديات الاستثمارية التي تواجه قطاع النفط، قائلاً إن حقول النفط تفقد تقنياً من 5% إلى 10% من إنتاجها سنوياً، ما يعني ضرورة تعويض أكثر من 6 ملايين برميل يومياً على مستوى العالم.
وكالة الطاقة تتوقع تراجعاً كبيراً باستثمارات النفط الصخري الأميركي هذا العام
وشدد الوزير: “إذا لم تكن هناك استثمارات توائم إرجاع 6 ملايين برميل سنوياً من النفط الجديد، ليعوّض عن هذا الانخفاض، فسوف تكون هناك حاجة لطاقات إضافية غير موجودة اليوم”. وأشار إلى أن الإمارات مضاعفة استثماراتها، قائلاً: “نحن مستمرون، وإن شاء الله أن المنظمة ونحن دورنا وحصتنا سوف تزيد”.
“العالم يجب أن يشكر دولاً مثل الإمارات والسعودية التي استثمرت في طاقة إنتاجية أعلى من حاجتها لكي تكون جاهزة لسد هذا العجز القادم”، على حد تعبيره.
اقرأ أيضاً: الإمارات تؤكد خططها لتحقيق طاقة إنتاجية للنفط عند 5 ملايين برميل يومياً في 2027
لفت الوزير إلى أن تحالف “أوبك+” يمتلك نحو 80% من الاحتياطيات النفطية العالمية، لكنه ينتج أقل من 50% من الإمدادات، مشيراً إلى أن هذه “معادلة غير عادلة”، وأن للمجموعة دوراً أكبر قادماً في المستقبل. وأكد أن على المنتجين الآخرين، خصوصاً منتجي النفط الصخري، المشاركة في تحمل المسؤولية، مضيفاً: “نحن نضحي مرات للمجموعة الأكبر لكي يكون هناك نمو واستقرار في نمو الطلب… ولكن دورنا يجب أن يُكمّل كذلك بدور منتجين آخرين مثل منتجي النفط الصخري في الولايات المتحدة والمنتجين الآخرين الذين ينتجون اليوم أكثر من 50% من الإمداد العالمي”.
الذكاء الاصطناعي يغيّر توقعات الطلب على الطاقة
وفيما يخص الحديث عن “ذروة الطلب على النفط” بحلول 2030، شكك المزروعي في صحة هذه التوقعات قائلاً: “نحن لا ندعي علم المستقبل… لكن ما نعلمه أن الطلب على الكهرباء كبير جداً نظراً لأن العالم يتجه نحو تقنيات الذكاء الاصطناعي ومراكز البيانات الضخمة… والحاجة زادت أكثر بكثير مما كنا نتوقع”.
وختم بالقول: نحن أعلم بالسوق… ولدينا مصداقية، ونتخذ قراراتنا بناءً على الحقائق لا التخمينات.