اخر الاخبار

قرار “تملك للأجانب” يقفز بأسهم شركات العقار السعودية

انتعشت أسهم شركات العقار المدرجة في بورصة السعودية لأعلى مستوى منذ مايو، مدفوعةً بقرار مجلس الوزراء السعودي، مساء أمس، بالموافقة على نظام يسمح بتملك الأجانب للعقارات في المملكة.

خلال جلسة اليوم، سجل مؤشر أسهم شركات إدارة وتطوير العقارات السعودية أعلى ارتفاع يومي منذ 11 جلسة. وتصدّرت موجة الصعود أسهم شركات “مسار” و”العقارية” و”رتال” بمكاسب تراوحت بين 8% وأكثر من 9%، فيما توزعت بقية الأسهم، وعددها 14 سهماً، على ارتفاعات متفاوتة. هذا الزخم ساهم في الحد من تراجع المؤشر العام “تاسي” خلال الجلسة.

إصلاحات متراكمة تمهد للقرار

قرار السماح بتملك الأجانب للعقار لم يأتِ من فراغ، بل يمثل تتويجاً لسلسلة من الإصلاحات التنظيمية التي بدأتها السعودية في السنوات الأخيرة.

في وقتٍ سابق من هذا العام، سُمح للأجانب بالاستثمار في الشركات المدرجة بالسوق المالية السعودية التي تمتلك عقارات داخل حدود مكة المكرمة والمدينة المنورة، ما اعتُبر آنذاك فتحاً جزئياً تمهيدياً.

كما أطلقت المملكة هذا العام سياسة فرض رسوم مرنة على الأراضي البيضاء تصل إلى 10% سنوياً، ووسعت نطاق هذه الرسوم لتشمل ولأول مرة العقارات الشاغرة، في محاولة لكسر الجمود العقاري وتحرير المعروض السكني، ضمن أكبر موجة إصلاح تنظيمي يشهدها القطاع منذ انطلاق “رؤية 2030”.

هذه الخطوات تأتي في سياق هدف وطني أوسع، يتمثل في جذب استثمار أجنبي مباشر بقيمة 100 مليار دولار سنوياً بحلول عام 2030. وسجلت التدفقات الداخلة إلى السعودية في الربع الأول من 2025 نحو 24 مليار ريال، بزيادة سنوية تبلغ 24%.

وكان وزير الشؤون البلدية والقروية والإسكان ماجد الحقيل كشف في وقت سابق أن القطاع العقاري جذب استثمارات بنحو 900 مليار ريال منذ إطلاق الرؤية، مؤكداً أن الاستثمار الأجنبي في قطاع الإسكان يشهد نمواً ملحوظاً، وسط دخول مطورين أجانب وأميركيين وتطوير مجتمعات عمرانية متكاملة.

السوق أمام نقطة تحول هيكلية

بحسب المحللة المالية في “الشرق”، ماري سالم، فإن القرار يشكل “نقطة تحوّل استراتيجية” في سياسات السوق العقارية السعودية. معتبرةً أن ما يحدث هو “انتقال من السماح المحدود للأجانب بالمشاركة في شركات عقارية مختارة، إلى فتح باب التملك العقاري بشكل أوسع، مما يُعزز من الطلب طويل الأجل”.

وترى سالم أن القطاعات الأكثر تأثراً بشكل مباشر تتمثل في التطوير العقاري،تليه التمويل والبنوك، مشيرةً إلى أن البنوك قد تجد نفسها مضطرة لإعادة النظر في استراتيجيات التمويل العقاري، وربما التوسع في إصدارات أدوات الدين لجمع السيولة. كما توقعت أن تستفيد قطاعات الحديد، الإسمنت، السيراميك، والمقاولات تدريجياً من هذه الموجة الجديدة من الطلب.

“جبل عمر” يكسر الحاجز النفسي ويستعيد الزخم

تراجع سهم “جبل عمر” من قمته البالغة 26.5 ريال التي سجلها في مارس وأبريل، إلى 18.6 ريال منتصف يونيو، قبل أن يعاود الصعود ويكسر حاجز 20 ريال، مرتفعاً بنسبة 1.5% في جلسة اليوم.

فنيًا، يشير اختراقه لمتوسط 20 يوم وثباته فوق 20 ريال إلى بداية موجة صعود قد تقوده لاختبار مستوى 22.4 ريال عند متوسط 50 يوم. ورغم أن مؤشر القوة النسبية لا يزال دون مستوى 50، فإن تحسن السيولة وتزايد الأحجام يعكسان تحولاً تدريجياً في شهية المستثمرين، خصوصاً مع كون السهم من بين الأثقل وزناً في القطاع إلى جانب “مكة للإنشاء” و”دار الأركان”.

“مسار” يقفز بدعم مزدوج من القرار الحكومي وصفقة الأراضي

خطف سهم “مسار” الأضواء اليوم بدعم مزدوج من القرار الحكومي، ومن إعلان الشركة بيع قطعتي أرض بأرباح رأسمالية تجاوزت 103 ملايين ريال. الارتفاع جاء قوياً وسريعاً بنسبة 9.6%.

“مكة للإنشاء” تتأهب لاختراق مستويات مقاومة

استعاد سهم “مكة للإنشاء” بعضاً من زخمه بعد أن هبط من 113 ريال في مارس إلى 81 ريال في مايو. ومع إغلاقه أمس عند 90.35 ريال وارتفاعه اليوم بأكثر من 1%، يتجه السهم نحو مستوى مقاومة عند 95 ريال. وفي حال تجاوزه، قد يفتح الطريق نحو 98 ريال عند متوسط 50 يوم.

السهم يتداول فوق متوسط 20 يوم منذ ست جلسات، ومؤشر القوة النسبية لا يزال دون 50 ويتحرك بشكل أفقي، مما يعكس ترقّب المستثمرين لاحتمالات الصعود على المدى الطويل.

“دار الأركان”… عودة تدريجية مدفوعة بالأحجام

ما يلفت في أداء “دار الأركان” هو ارتفاع أحجام التداول، والذي تجاوز في أحدى الجلسات الأخيرة أكثر من أربعة أضعاف متوسط 20 يوم البالغ 1.6 مليون سهم.

السهم بدأ العام عند 15.10 ريال وقفز إلى 23 ريال منتصف أبريل، قبل أن يتراجع إلى 18 ريال. لكنه عاد اليوم ليخترق متوسط 50 يوم عند 20.10 ريال، مرتفعاً بنسبة 1.7%. وإذا استمرت الأحجام المرتفعة وأغلق فوق هذا المستوى بنهاية الأسبوع، فقد يرسخ مكاسب تصل إلى 10–12% من القاع الأخير.

جاء هذا التحليل الفني وفقاً لما أوضحه هشام العياص المحلل المالي في “الشرق”، خلال لقاء مع القناة.

هل السوق تُسعر الطلب الأجنبي كواقع؟

المراقبون لا ينظرون إلى ما حدث اليوم كمجرد ارتدادة لحظية لأسهم متراجعة، بل كإشارة إلى أن السوق العقارية السعودية تدخل مرحلة جديدة من النمو، مدفوعة بالطلب الخارجي، ووسط دعم حكومي متزايد لفتح الاقتصاد وتعزيز مكانة المملكة كمركز استثماري إقليمي.

فهل بدأ السوق اليوم في تسعير الطلب الأجنبي كواقع فعلي وليس كمجرد احتمال؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *