شح إمدادات الديزل يدفع السوق للبحث عن البراميل

تشهد أكبر سوق عالمية للوقود المكرر موجة عطش حادة للبراميل، وسط صيف يتسم بشح الإمدادات تواجهه شركات التداول بقلق متزايد.
في الولايات المتحدة، تراجعت مخزونات وقود الديزل إلى أدنى مستوى لها في مثل هذا الوقت من العام منذ عام 1996، بينما تشير العقود الآجلة القياسية في أوروبا إلى سوق أكثر ضيقاً مقارنة بذروة التوتر بين إسرائيل وإيران.
وارتفعت هوامش ربح الديزل مقارنة بالخام، وهي مقياس أساسي في السوق يُعرف باسم “الكراك”، إلى مستويات تفوق المعدلات الموسمية المعتادة في كلا المنطقتين.
هذا الضغط على الإمدادات ناجم عن إغلاقات المصافي على ضفتي الأطلسي، إضافة إلى سلسلة من الأعطال الأخيرة، إلى جانب تأثير قيود الإنتاج التي تفرضها الدول الرئيسية في تحالف “أوبك+”.
ووفقاً لبيانات “إنرجي أسبكتس” (.Energy Aspects Ltd)، شكّل الديزل في يونيو نحو 31.4% فقط من إجمالي إنتاج المشتقات النفطية عالمياً، وهو ما يقل كثيراً عن المعدل الموسمي.
ارتفاع أسعار الديزل
يدفع هذا النقص أسعار وقود الديزل إلى الارتفاع، وهو الوقود المستخدم في قطاعات متعددة من البناء والنقل إلى التدفئة.
في شمال غرب أوروبا، قفز فارق السعر بين التوريد الفوري والشهر اللاحق إلى 44 دولاراً للطن يوم الجمعة؛ وباستثناء أيام انتهاء العقود المتقلبة بطبيعتها، فإن هذا المستوى يُعد الأعلى منذ أواخر عام 2022.
قالت ناتاليا لوسادا، محللة منتجات النفط في “إنرجي أسبكتس”: “ميزان الديزل في حوض الأطلسي يزداد شحاً مع اقتراب موسم صيانة المصافي في الخريف وذروة الطلب في الشتاء”، مضيفة أن “مخزونات أوروبا قد لا ترتفع في يوليو، ما يجعلها في وضع هش للغاية”.
كانت أسواق الديزل قد شهدت قفزة حادة الشهر الماضي عندما هدد القتال بين إسرائيل وإيران صادرات ضخمة من الوقود في الخليج العربي. وعلى الرغم من تراجع هذا الخطر حالياً، إلا أن الإمدادات لا تزال تحت ضغط شديد.
تأتي أكبر تخفيضات الإنتاج في تحالف “أوبك+” من السعودية وروسيا، وهما دولتان تنتجان خاماً أثقل نسبياً، في حين زادت كازاخستان إنتاجها من خام “تنغيز” الخفيف جداً في وقت سابق من العام.
قال جيمس نويل-بيزويك، محلل في شركة “سبارتا كوموديتيز” (Sparta Commodities): “تؤدي تخفيضات أوبك+ إلى جعل مزيج الخام أخف، ما يعني أن المصافي تنتج كمية أقل من الديزل عند استخدامه”. وأضاف أن “هوامش ربح الديزل يجب أن ترتفع لتحفيز المصافي على زيادة الإنتاج”.
الديزل في أميركا
في الولايات المتحدة، من المتوقع أن تظل معدلات إنتاج الديزل والمخزونات منخفضة في يوليو، إذ أن عودة صادرات الخام الكندي إلى السوق الأميركية لن تحدث إلا في منتصف أو أواخر الربع الثالث، وفق تقرير صادر عن شركة الاستشارات “إف جي إي نيكسانت إي سي إيه” (FGE NexantECA) بتاريخ 30 يونيو. أما في أوروبا، فقد يستمر شح خامات الديزل المتوسطة والثقيلة لفترة أطول.
مع ذلك، فإن زيادة إنتاج “أوبك+” من النفط، والتي من المتوقع أن تكون أسرع من التقديرات خلال الشهر المقبل، قد توفر بعض الدعم لإمدادات الديزل. كما أن الهوامش الربحية الجيدة قد تشجع المصافي على العمل بطاقاتها القصوى.
لكن هناك مخاطر قائمة، مثل موجات الحر الصيفية التي قد تضغط على الإنتاج، إلى جانب موسم الأعاصير في شمال الأطلسي الذي يشكل تهديداً لإنتاج الوقود في الولايات المتحدة.
أشار جورج شو، المحلل في شركة “كبلر”، إلى أن اتساع فارق العقود الآجلة للديزل في أوروبا، إلى جانب ارتفاع كبير في علاوات البارجات الفعلية، يبرز ضيق السوق في مركز تجارة النفط بأمستردام وروتردام وأنتويرب (ARA).
قال شو: “مع تراجع حجم الشحنات الواردة إلى هذه المنطقة، لا تحصل المخزونات على فرصة حقيقية لإعادة الامتلاء”.