ترمب يهاجم خطة ماسك لتأسيس حزب منافس مع تصاعد الخلاف

شن الرئيس دونالد ترمب هجوماً على خطة إيلون ماسك لإطلاق حزب سياسي جديد، في تصعيد جديد للخلاف المتنامي بين الحليفين السابقين، وسط تزايد مخاوف المستثمرين من تداعيات هذه الخطوة على شركة “تسلا” والشركات الأخرى التي يديرها أغنى رجل في العالم.
قال ترمب للصحفيين يوم الأحد: “الأحزاب الثالثة لم تنجح يوماً، لذا يمكنه الاستمتاع بذلك، لكنني أعتقد أنها فكرة سخيفة”، مضيفاً أن الولايات المتحدة “كانت دائماً نظاماً قائماً على حزبين فقط”.
جاء رد ترمب بعد إعلان ماسك يوم السبت عن تأسيس حزب جديد أطلق عليه اسم “حزب أميركا” (America Party)، وذلك بعد يوم واحد فقط من توقيع ترمب على قانون لخفض الضرائب وزيادة الإنفاق، وهو القانون الذي ندد به ماسك بشدة. ولم يكشف ماسك عن تفاصيل الحزب الجديد، كما لا توجد مؤشرات فورية على أنه تقدم بوثائق رسمية لتسجيله.
يمثل هذا التحرك الأخير من ماسك إشارة إلى التزام سياسي طويل الأمد، ما يزيد من قلق مستثمري “تسلا” الذين كانوا يطالبون الرئيس التنفيذي للشركة بالتركيز على تعزيز أرباح المساهمين. تراجعت أسهم الشركة بأكثر من 20% منذ بداية العام، فيما يُتوقع أن تتكبد خسائر إضافية عند استئناف التداول يوم الإثنين.
تراجعت أسهم “تسلا” بنحو 5% في نظام التداول البديل “بلو أوشن” (Blue Ocean) خلال التعاملات الصباحية في آسيا يوم الإثنين، وفقاً لما قاله كوك هونغ وونغ، رئيس قسم مبيعات التداول للمؤسسات في “مايبانك سيكيوريتيز” (Maybank Securities).
قد يهمك أيضاً: لماذا تعتمد قيمة “تسلا” على شخص إيلون ماسك أكثر من أدائها الحقيقي؟
صدام ترمب وماسك
يرى المحلل في “ويدبوش” (Wedbush) دانيال آيفز أنه لا توجد مؤشرات على أن الصدام المتفاقم بين ماسك وترمب سيهدأ قريباً، متوقعاً أن يؤدي إعلان ماسك إلى مزيد من التباعد بينه وبين البيت الأبيض. وأشار إلى وجود حالة من الإنهاك بين المستثمرين بسبب انغماس ماسك المتزايد في السياسة، مرجحاً أن تتعرض أسهم “تسلا” لضغوط متزايدة.
كتب آيفز في مذكرة بتاريخ 6 يوليو: “ببساطة، انخراط ماسك العميق في السياسة، وسعيه لمواجهة المؤسسة السياسية في واشنطن يتناقض تماماً مع ما يريده مستثمرو تسلا في هذه المرحلة الحرجة من مسيرة الشركة”. وأضاف أن “هذه المقامرة السياسية” قد تدفع مجلس إدارة “تسلا” للتدخل، بحسب مدى تصعيد ماسك لتحركه.
تواجه أعمال الشركة الأساسية في قطاع السيارات عوامل معاكسة على مستوى العالم، وسط تزايد تأثير تصرفات ماسك السياسية على صورة العلامة التجارية. وانخفضت مبيعات “تسلا” عالمياً بنسبة 13% خلال الربع الثاني، ما يضعها على مسار لتسجيل تراجع سنوي للعام الثاني على التوالي.
في الصين، تواجه “تسلا” منافسة شرسة من شركات مثل “بي واي دي” (BYD) و”شاومي” (Xiaomi)، التي تقدم سيارات كهربائية جديدة بأسعار معقولة وتزخر بالعديد من المزايا التقنية. وارتفعت شحنات مصنع “تسلا” في شنغهاي لأول مرة منذ ثمانية أشهر، لكن بوتيرة ضئيلة بلغت 0.8%.
أما في أوروبا، فالوضع أكثر صعوبة، إذ أصبحت القارة أضعف أسواق “تسلا”، حيث انخفضت مبيعات الشركة في مايو للشهر الخامس على التوالي بنحو 30%، في وقت تشهد فيه سوق السيارات الكهربائية هناك نمواً ملحوظاً.
انسحاب ماسك من إدارة ترمب
في مايو الماضي، انسحب ماسك من “وزارة الكفاءة الحكومية” التي كان يقودها ضمن إدارة ترمب بهدف تقليص الإنفاق الفيدرالي، بعد خلاف حاد مع الرئيس. بعد أن بدا أنه خفف نبرته في البداية، عاد ماسك الأسبوع الماضي لانتقاد ما وصفه بـ”الجنون” في خطة ترمب للإنفاق، معتبراً أنها تمنح “مساعدات للصناعات القديمة بينما تضر بصناعات المستقبل”، وترفع سقف الدين العام بـ5 تريليونات دولار.
أعلن ماسك عن تأسيس “حزب أميركا” عبر منصته الاجتماعية “إكس” بعد نشره نتائج استطلاع رأي أظهرت، بحسب قوله، أن 65% من المشاركين يؤيدون تأسيس الحزب. واقترح أن الطريقة لكسر هيمنة الحزبين الرئيسيين تكمن في الفوز بعدد محدود من مقاعد الكونغرس ليكون الحزب حاسماً في تمرير التشريعات.
لاحقاً يوم الأحد، صعّد ترمب هجومه عبر منصته “تروث سوشال”، معبراً عن “حزنه لمشاهدة إيلون ماسك يخرج عن السيطرة تماماً” خلال الأسابيع الخمسة الماضية. كما تفاخر بحزمة ميزانيته التي “للأسف بالنسبة لإيلون”، تلغي دعم السيارات الكهربائية.
انتقاد من وزير الخزانة الأميركي
من جانبه، قال وزير الخزانة سكوت بيسنت يوم الأحد إن ماسك ينبغي أن يركز على إدارة أعماله بدلاً من السياسة. وأضاف في مقابلة مع شبكة “سي إن إن”: “أعتقد أن مجالس إدارة شركاته تريد منه العودة لإدارة تلك الشركات، وهو بارع في ذلك أكثر من أي شخص آخر”. ولفت إلى أن تلك المجالس “لن تكون راضية عن إعلانه الأخير، وستحثه على التركيز على أنشطته التجارية لا السياسية”.
رغم تاريخ الإخفاقات المتكرر للأحزاب الثالثة في النظام الانتخابي الأميركي القائم على مبدأ “الفائز يحصد كل شيء”، يرى بعض المستثمرين في خطوة ماسك فرصة لتعزيز نفوذه. إذ وصف جيسون هسو، الرئيس التنفيذي للاستثمار في شركة “رايليانت غلوبال أدفايزرز” (.Rayliant Global Advisors Ltd)، الخطوة بأنها “تحرك عبقري”، مشيراً إلى أنها قد تمنح ماسك قوة سياسية تساعده في حماية مصالح شركاته.
اختتم هسو قائلاً: “سنشهد تقلبات أولية بالتأكيد”، مضيفاً أن بعض المستثمرين “سيشعرون بالقلق من تشتت تركيز إيلون، وربما لا يدرك كثيرون بعد أن هذه الخطوة قد تكون وسيلة لحماية تسلا من غضب إدارة ترمب الحالية”.