ماذا يعني مشروع الخط البحري المباشر بين المغرب والسعودية؟

يسعى المغرب والسعودية لتسريع إحياء مشروع الخط البحري المباشر بهدف زيادة تدفق التجارة البينية، وتنويعها، وتحسين ميزان التجارة الذي يميل لصالح الرياض بشكلٍ كبير.
كان النقاش حول الخط البحري بدأ بين رجال الأعمال والمسؤولين المغاربة والسعوديين منذ سنوات طويلة، لكنه أصبح اليوم يتصدر أجندة زيارات الوفود الاقتصادية، آخرها زيارة اتحاد الغرف التجارية السعودية إلى المملكة المغربية الأسبوع الماضي.
الاتحاد جعل مشروع الخط البحري على رأس أولويات اجتماعاته في الرباط، حيث طرح الفكرة خلال محادثات مع أربع وزراء مغاربة كلهم دعموا الفكرة وتعهدوا بالعمل على تحقيقها.
سجلت التجارة الثنائية بين المغرب والسعودية العام الماضي نحو 26 مليار درهم مغربي (حوالي 3 مليارات دولار)، بزيادة سنوية 7.3%، بحسب أرقام لوزارة الصناعة والتجارة المغربية. وتمثل الواردات المغربية من السعودية حصة الأسد بنحو 24.8 مليار درهم أغلبها منتجات بترولية، بينما لا تتجاوز واردات الرياض من الرباط 1.15 مليار درهم، ما يجعل عجز الأخيرة كبيراً.
تقليص مدة نقل البضائع إلى 5 أيام
خالد بنجلون، رئيس مجلس الأعمال المغربي السعودي، قال إن العلاقات التجارية بين البلدين “تتحسن سنوياً لكنها تواجه عدة تحديات أبرزها غياب خط بحري مباشر”، وأشار في مقابلة مع “الشرق” إلى أن هذا الخط “سيخفض مدة نقل البضائع بين البلدين وهذا مهم لأن أغلب صادرات المغرب عبارة عن مواد غذائية طازجة”.
سبق أن كان الخط البحري المباشر بين البلدين موضوع لقاءات بين سلطات الموانئ السعودية والمغربية، ويتوقف المشروع على إنجاز دراسات جدوى وتوقيع اتفاقيات بين وزارتي النقل في البلدين.
في حال إطلاق الخط، ستصبح مدة نقل البضائع بين مدينة طنجة شمال المغرب إلى مدينة جدة في السعودية تتراوح بين 5 إلى 7 أيام وهو ما سيخفض التكلفة، مقابل مدة تصل حالياً إلى أربعة أسابيع، بحسب بنجلون.
اقرأ أيضاً: السعودية والمغرب يرسمان خارطة طريق لتعزيز التجارة والاستثمار
يُصدّر المغرب إلى السعودية سيارات، ومستحضرات تجميل، وسكر، وحوامض، وخضار، فيما يستورد المنتجات البترولية، والبلاستيك، والكبريت الخام، والتمور، والورق. من شأن إطلاق الخط البحري أن يزيد من تدفق التجارة بين البلدين وبلوغ مستهدف 5 مليارات دولار، كما صرح وزير الصناعة والتجارة المغربي رياض مزور في مقابلة سابقة مع “الشرق”.
المستجد في مشروع الخط البحري تمثل في إحداث فريق للعمل على تفعيله يضم أعضاء من اتحاد الغرف السعودية ووزارة الصناعة والتجارة المغربية، بحسب حسن معجب الحويزي، رئيس الاتحاد لـ”الشرق”. ونوه بأن المشروع يحظى بدعم حكومي من الجانبين.
بالإضافة إلى الخط البحري، تواجه التجارة بين البلدين تحديات تتعلق بالتسهيلات الإدارية والجمركية، إضافةً إلى الاعتراف المتبادل للشهادات والتصنيفات.
يؤكد رجال الأعمال من البلدين على أهمية دعم الحكومتين للخط البحري “لأنه سيكون غير مربح في البداية”؛ بحسب بنلجون. لكنه أكد أنه سيعطي دفعةً قويةً لمستوى التجارة الثنائية والتي لا يرقى حجمها حالياً لطموحات البلدين.
دعم الشركات المتوسطة والصغيرة
طموح البلدين يتجاوز هدف تعزيز التبادل التجاري إلى العمل سوياً على إنشاء شراكات مشتركة لدخول الأسواق الأفريقية والآسيوية، بدعمٍ من صندوق استثمار يشارك فيه القطاعان العام والخاص من المغرب والسعودية.
اقرأ أيضاً: السعودية تبحث فرص الشراكة مع المغرب في صناعة الفوسفات
يوضح بنجلون أن “الشركات المتوسطة والصغيرة في المغرب والسعودية لا تتوفر على إمكانيات مالية كبيرة لدخول أسواق جديدة، ولذلك تحتاج دعماً مالياً وبشرياً ولوجستياً من خلال صندوق استثماري يدفع أيضاً نحو الدخول بشراكات في أسواق آسيا القريبة من السعودية وأسواق أفريقيا القريبة من المغرب”.
تتمتع الصادرات المغربية نحو السعودية بإمكانيات كبيرة، خصوصاً في مجال السيارات والملابس والتجهيزات الكهربائية والمواد الغذائية. وتمثل صادرات السيارات لوحدها فرصة إضافية تقدر بنحو 38 مليون دولار، ما يعادل 30% من الإمكانيات غير المستغلة، وفقاً للوكالة المغربية لتنمية الاستثمارات والصادرات.
شكيب لعلج، رئيس الاتحاد العام لمقاولات المغرب، يرى أن المغرب يختزن فرصاً استثمارية مهمة لرجال الأعمال السعوديين في قطاعات مثل السياحة، والطاقة المتجددة، والصحة، مشيراً إلى أن البلاد تعتزم استثمار مليارات الدولار في تأهيل البنية التحتية استعداداً لاستضافة كأس العالم 2030.
وفقاً للأرقام الرسمية، يُقدّر حجم استثمارات السعودية في المغرب بنحو 6 مليارات دولار، وتتركز أغلبها في قطاع الطاقة المتجددة، إلى جانب قطاع السياحة والرعاية الصحية والنسيج. وتعتبر “أكوا باور” أكبر شركة سعودية مستثمرة في المغرب وتشغل أكبر مشروع للطاقة الشمسية في البلاد.