سياسات ترمب تدفع كبار مستثمري أستراليا لتقليص حيازاتهم من السندات

يقول عدد من كبار المستثمرين في أستراليا إنهم بدأوا بتقليص حيازاتهم من سندات الخزانة الأميركية، مشيرين إلى مخاوفهم من خطط الرئيس دونالد ترمب بشأن الرسوم الجمركية والضرائب.
خفّضت “فاندز” (Funds SA)، وهي جهة مملوكة للدولة تُدير ما يعادل 30 مليار دولار، مركزها في الديون السيادية الأميركية إلى ما دون الوزن الطبيعي، في حين قالت شركة “كوينسلاند إنفستمنت كورب” (Queensland Investment Corp) الحكومية، التي تدير أصولاً بقيمة 86 مليار دولار، إن بعض العملاء الذين تدير أموالهم، بدأوا بتقليص تعرضهم لسندات الخزانة.
قال كون ميخالاكيس، المدير التنفيذي للاستثمار في “فاندز” في أديلايد، إن حالة عدم اليقين المالي في الولايات المتحدة، إلى جانب حقيقة أن العوائد على السندات لا تعكس مستوى المخاطر المصاحبة لحيازتها، جعلت هذه الأوراق المالية أقل جاذبية. وأضاف أن الشركة الآن “أقل من الوزن المستهدف بعدة نقاط مئوية” في ما يتعلق بسندات الخزانة.
تحول يعكس تآكل ثقة المستثمرين بـ”استثنائية أميركا”
يُعد هذا التحول من جانب المستثمرين الأستراليين مؤشراً على كيف بدأت محاولات الرئيس ترمب لإعادة تشكيل التجارة العالمية والاقتصاد الأميركي، بتقويض ما يُعرف بـ”الاستثنائية الأميركية”. وباتت أكبر شركة تأمين على الحياة في اليابان تبحث عن بدائل لسندات الخزانة، كما تقلّص مكاتب العائلات الآسيوية استثماراتها في الولايات المتحدة أو تجمّدها، فيما تراجع مؤشر بلومبرغ للدولار بأكثر من 7% هذا العام.
استخدمت “فاندز” مركزها الأخف في سندات الخزانة لتحويل الأموال نحو سندات الشركات الأميركية ذات الدرجة الاستثمارية والعائد المرتفع، وتعتزم تقليص تعرضها العام للدولار الأميركي، بحسب ميخالاكيس.
وقال: “الدولار الأميركي سيكون أول من يتأثر، وإذا ساء الوضع المالي أكثر، سنشهد انحداراً أكثر حدة في منحنى العائدات”. وأضاف: “نرغب بأن نكون أكثر ميلاً للاحتفاظ بالدولار الأسترالي، وأن نحمل قدراً أكبر من التعرض لعملات أجنبية غير أميركية”.
خطة ترمب المالية تثير قلق الأسواق
أثار إعلان ترمب في أبريل عن زيادة الرسوم الجمركية المتبادلة، شبح تسارع التضخم في الولايات المتحدة وتباطؤ النمو الاقتصادي. كما يدفع الرئيس الأميركي باتجاه تمرير مشروع قانون للضرائب والإنفاق، يتوقع المحللون أن يوسّع العجز المالي بمليارات الدولارات خلال العقد المقبل.
وفي السياق، اعتبرت شركة “كيه آي سي” (QIC)، التي تتخذ في بريزبن مقراً والتي تضم بين عملائها بعضاً من أكبر صناديق التقاعد في أستراليا، أن الأصول الأميركية مثل سندات الخزانة، ستتطلب الآن علاوة مخاطر أعلى من السابق، بسبب حالة عدم اليقين والمسار المالي للولايات المتحدة.
قالت بيفرلي موريس، رئيسة قسم الأسواق السائلة في الشركة: “نسمع من المستثمرين أن التطورات التي شهدناها خلال الأشهر الماضية دفعتهم لإعادة التفكير في تخصيصاتهم للسوق الأميركية، سواء من حيث أدوات الدخل الثابت أو العملات”.
وأضافت أن التغيرات في المحافظ قد تستغرق شهوراً حتى تظهر، بناءً على جدول اجتماعات لجان الاستثمار، لكن نبرة النقاشات تشير إلى أنها “مسألة وقت لا أكثر”، مشيرة إلى أن هؤلاء المستثمرين يدرسون زيادة حيازاتهم من السندات الحكومية الأسترالية والأوروبية واليابانية.
مشروع ترمب الضريبي يهدد صناديق التقاعد الأسترالية
بالإضافة إلى المخاوف من زيادة اقتراض الحكومة الأميركية، يتضمن مشروع قانون ترمب الجديد، الذي أطلق عليه اسم “قانون الفاتورة الكبيرة والجميلة”، بنداً يفرض رسوماً على الأفراد والمؤسسات اعتماداً على سياسات الدول الضريبية التي تعتبرها إدارة ترمب غير عادلة.
ومن شأن هذا أن يؤثر على صناديق التقاعد الأسترالية التي تمتلك عادة انكشافاً كبيراً على السوق الأميركية من خلال الأسهم، والدخل الثابت، والأصول الخاصة.
وقالت شركة “إيه أم بي” (AMP Ltd)، إحدى أكبر مديري الأصول في أستراليا، إنها جمّدت استثماراتها الأميركية طويلة الأجل بسبب مشروع القانون، وفقاً لما صرّح به ستيوارت إليوت، رئيس إدارة المحافظ الاستثمارية في مقابلة هذا الشهر.
كما قال “صندوق المستقبل”، وهو صندوق الثروة السيادية الأسترالي، هذا الأسبوع إن الولايات المتحدة باتت وجهة استثمارية أكثر غموضاً وتتطلب علاوة مخاطر أعلى.
لقب الملاذ الآمن ينتقل إلى الفرنك السويسري
تراجع الدولار الأميركي أمام جميع عملات دول خلال الأشهر الثلاثة الماضية، رغم النزاع بين إسرائيل وإيران الذي كان من المفترض أن يعزّز الطلب على الدولار باعتباره ملاذاً آمناً.
ويبدو أن هذا الدور انتقل إلى الفرنك السويسري، الذي ارتفع بنسبة 7% مقابل الدولار خلال هذه الفترة.
وقالت موريس: “في الحالات التي كان لدى العملاء انكشاف كبير على الدولار الأميركي ضمن محافظهم أو في سلال التحوّط من تقلبات العملة، من المنطقي تنويع هذا الانكشاف نحو عملات أخرى تُظهر خصائص حماية أكبر”.