اخر الاخبار

لا تثق بكل ما تراه.. كيف يزيف الذكاء الاصطناعي صور وفيديوهات الحروب؟

مع تصاعد التوترات بين إيران وإسرائيل، لم يعد ميدان المواجهة يقتصر على الصواريخ والطائرات المسيّرة. فثمة معركة موازية تدور على الشاشات والمنصات الاجتماعية، حيث تُستخدم تقنيات الذكاء الاصطناعي لتوليد صور وفيديوهات تحاكي الواقع بدقة مخيفة، أو تفاقم صور الصراع وتأثيره بشكل مفبرك. في هذا المشهد المشوَّش، يصبح من الصعب –بل ومن الخطير– التمييز بين الحقيقة والتزييف.

ومن قبل الصراع بين إيران وإسرائيل تم تداول العديد من الصور والفيديوهات المزيفة بالذكاء الاصطناعي بشكل متقن للغاية، وبعضها مولّد بالكامل عبر أدوات مثل Midjourney أو Stable Diffusion. . مما أثار تساؤلات حول مدى إمكانية تزييف صور وفيديوهات الحروب باستخدام الذكاء الاصطناعي، وكيف يمكن كشف هذا التزييف؟

1) كيف تُزيف صور وفيديوهات الحروب باستخدام الذكاء الاصطناعي؟

خلال السنوات الأخيرة، تطورت أدوات التزييف بشكل مذهل، من الصور المولّدة عبر الشبكات العصبية التوليدية (GANs) إلى الفيديوهات التي تعتمد تقنيات “التزييف العميق” (Deepfakes)، حيث يمكن تغيير ملامح الأشخاص، أو تحريك شفاههم وأصواتهم بشكل يتعذر كشفه بالعين المجردة.

تُستخدم هذه التقنيات في الحروب لتضليل الرأي العام، والتأثير على سردية الأحداث، وفي بعض الحالات لإشعال الغضب الجماهيري. ووفق تحقيقات نشرتها صحيفة The Guardian، ظهرت مقاطع مزيفة لأطفال جرحى نُسبت زوراً إلى غزة، وكانت تولدت عبر الذكاء الاصطناعي مستغلة الشحنة العاطفية في الحروب لإثارة التعاطف أو التحريض، كما استخدمت إسرائيل فيديوهات وصور مزيفة بالذكاء الاصطناعي للترويج لمشاهد وحشية غير حقيقية لقتل الرهائن الإسرائيليين بعد هجمات السابع من أكتوبر، وتداولها بعض الرموز والشخصيات السياسية في مراكز مرموقة على صفحاتهم الشخصية الموثقة بوسائل التواصل الاجتماعي.

2) من يصنع هذا المحتوى، ولماذا؟

تتعدد الجهات التي تلجأ لتقنيات التزييف البصري في أوقات الحروب. بعضها حكومي يسعى إلى تضخيم الانتصارات أو المآسي لتحقيق مكاسب سياسية أو عسكرية، بينما تستثمر أطراف أخرى – مثل جماعات الضغط أو الحسابات الدعائية – في ترويج محتوى مزيف لدعم رواية معينة أو لإرباك خصومها.

اقرأ أيضاً: قطاع الذكاء الاصطناعي مطالب بإيضاح سبل مكافحة التزييف العميق

وما يزيد الأمر خطورة هو توفر هذه الأدوات للجمهور العام، إذ بات بإمكان أي شخص، عبر تطبيق مجاني، توليد صور مزيفة أو تركيب فيديوهات تحاكي النشرات الإخبارية. هذه السهولة تهدد بنقل المعركة الإعلامية من غرف الأخبار إلى غرف المعيشة، حيث يفقد الجمهور القدرة على التمييز بين الصورة الحقيقية والصورة المصنعة.

3) هل من الممكن كشف هذا التزييف؟

تكشف الخبرة الصحفية وأدوات التحليل الرقمي أن بعض التزييفات يمكن اكتشافها عند التدقيق في تفاصيل الإضاءة، الظلال، أو تناسق الملامح، إلا أن الأمر يزداد صعوبة مع تقدم التقنيات. ووفق تحليل نشرته “MIT Technology Review”، فإن أنظمة الذكاء الاصطناعي باتت قادرة على إنتاج وجوه وشخصيات لا يمكن تمييزها عن الصور الواقعية حتى من قبل الخبراء.

التفكير النقدي أفضل تكتيك لمحاربة التزييف العميق.. التفاصيل هنا

رغم محاولات شركات التكنولوجيا تطوير أدوات لرصد المحتوى المزيف، مثل “Content Credentials” من Adobe و“Truepic” المدعومة من “مايكروسوفت”، إلا أن هذه الأدوات لا تزال محدودة الانتشار، بينما يعمل صانعو المحتوى المزيف على تجاوزها بوتيرة أسرع.

4) ما التداعيات الناتجة عن تزييف صور وفيديوهات الحروب باستخدام الذكاء الاصطناعي؟

يمتد تأثير المحتوى المزيف ليطال الثقة العامة في المؤسسات الإعلامية، ويُربك قدرة الصحافة على التحقق من الوقائع في مناطق النزاع، كما يعرقل توثيق الانتهاكات وتقديم الأدلة في المحاكم الدولية. ويقع الجمهور في قلب هذه الأزمة، إذ يجد نفسه محاطًا بسيل من المعلومات البصرية يصعب التمييز فيه بين الحقيقي والمزيف. كذلك تتضرر الجهات الإنسانية والحقوقية التي تعتمد على التوثيق المرئي لإثبات الانتهاكات أو إيصال المعاناة الإنسانية للعالم. وفي المجمل، يُنتج هذا التزييف بيئة معلوماتية مضطربة تُضعف المحاسبة وتعمّق الانقسام المجتمعي.

5) إلى أي مدى يمكن كبح التزييف البصري بالذكاء الاصطناعي في الحروب والصراعات؟

رغم صعوبة السيطرة الكاملة على انتشار المحتوى المزيف أثناء الحروب والصراعات، خاصة مع تطور أدوات التوليد وسهولة الوصول إليها، فإن هناك جهوداً متزايدة للحد من تأثيرها. تشمل هذه الجهود تطوير أدوات تقنية متقدمة لكشف التزييف، وتعزيز الشفافية الرقمية من خلال تضمين بيانات المصدر داخل الصور والفيديوهات، إضافة إلى اعتماد معايير توثيق من شركات كبرى مثل “أدوبي” و”جوجل”.

كما بدأت بعض الحكومات والمؤسسات الدولية في صياغة تشريعات تُلزم المنصات بتحديد المحتوى الناتج عن الذكاء الاصطناعي. ومع ذلك، تظل فعالية هذه التدابير مرهونة بسرعة تبنيها، ومدى التزام الأطراف الفاعلة بها، ومدى وعي المستخدمين بخطورة الظاهرة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *