محادثات التجارة بين بكين وواشنطن تعطي دفعة لمؤشرات وول ستريت

سجلت الأسهم الأميركية ارتفاعاً طفيفاً مع متابعة متداولي وول ستريت محادثات التجارة الجارية بين الولايات المتحدة والصين، إذ لمح المسؤولون إلى تحقيق تقدم في المفاوضات التي من المقرر أن تُستأنف اليوم الثلاثاء. في المقابل، تعافت السندات بعد موجة البيع التي شهدتها يوم الجمعة مع تراجع توقعات التضخم، بينما تراجع الدولار.
حقق مؤشر “إس آند بي 500” مكاسب هامشية، ليبقى على بعد نحو 2% من ذروته المسجلة في فبراير. وقفزت أسهم “تسلا” بنحو 4.5% بعدما جدّد الرئيس الأميركي دونالد ترمب رغبته في إنهاء خلافه مع إيلون ماسك، قائلاً إنه سيُبقي على خدمة الإنترنت “ستارلينك” في البيت الأبيض، متمنياً “كل الخير” للملياردير. في المقابل، تراجعت أسهم “أبل” بأكثر من 1% بسبب عدم تقديمها أي تطورات لافتة في مجال الذكاء الاصطناعي، خلال مؤتمر المطورين السنوي للشركة.
مسؤولون: المحادثات مع الصين “مثمرة” و”جيدة”
قال وزير التجارة الأميركي هاورد لوتنيك إن المحادثات بين واشنطن وبكين كانت “مثمرة”، فيما وصف وزير الخزانة سكوت بيسنت الاجتماع بأنه كان “جيداً”. وقال ترمب للصحفيين في البيت الأبيض يوم الإثنين: “نحقق تقدماً جيداً مع الصين. الصين ليست سهلة”، مضيفاً: “أتلقى تقارير جيدة فقط”.
وستُستأنف محادثات التجارة بين الولايات المتحدة والصين اليوم الثلاثاء، وفقاً لمسؤول أميركي، بينما يسعى الطرفان إلى تخفيف التوترات بشأن شحنات التكنولوجيا والعناصر الأرضية النادرة. وقال المسؤول إن المستشارين سيجتمعون مجدداً في الساعة العاشرة صباحاً في لندن.
تأجيل الرسوم الجمركية يدعم الأسواق
قال ريتشارد سابيرستاين من “تريجري بارتنرز”: “تحركت الأسواق صعوداً بعد تأجيل فرض الرسوم الجمركية، وإدراك المستثمرين أن هذه الرسوم ستكون على الأرجح أقل حدة مما كان معلناً في البداية”.
وأضاف: “نتوقع أن تظل الأسواق شديدة الحساسية للعناوين الرئيسية، نظراً لأن إبرام اتفاقيات تجارية يتطلب وقتاً، وأي أخبار مقلقة بشأن الرسوم قد تسبب تقلبات ملحوظة”.
من جانبه، قال مارك هاكيت من “نايشنوايد”: “رغم أن الأوضاع ليست بالسوء الذي كان يُخشى، فإن هذا ليس وقتاً للتراخي”. وأضاف: “نحن على بعد 2% من أعلى مستوى على الإطلاق، لكن في غياب محفّز واضح، لا يبدو أن هناك اختراقاً وشيكاً هذا الأسبوع”.
تفاؤل بشأن الأسهم الأميركية
يتزايد تفاؤل استراتيجيي وول ستريت تجاه الأسهم الأميركية، إذ توقع خبراء في “مورغان ستانلي” و”غولدمان ساكس” أن نمو الاقتصاد الأميركي المرن سيحدّ من أي تراجعات محتملة في الصيف.
وقال مايكل ويلسون من “مورغان ستانلي” إن التحسن الحاد في توقعات أرباح الشركات الأميركية يبشّر بمستقبل إيجابي لمؤشر “إس آند بي 500” حتى نهاية العام، مجدداً هدفه السعري لمدة 12 شهراً عند 6500 نقطة. وكان المؤشر قد أغلق يوم الإثنين عند 6005.88 نقطة.
ورفع عدد من الاستراتيجيين، من بينهم خبراء في “جيه بي مورغان” و”سيتي غروب”، أهدافهم لمؤشر “إس آند بي 500” حتى نهاية العام في الأيام الأخيرة، بناءً على رهانات بأن أسوأ صدمات الحرب التجارية أصبحت خلفنا. وقال ديفيد كوستين من “غولدمان ساكس” إن تحركات السوق الأخيرة تشير إلى أن المستثمرين يسعّرون آفاق نمو متفائلة.
تحذيرات من تقلبات السوق
من جهتها، قالت أولريكه هوفمان-بورخاردتي من “يو بي إس غلوبال ويلث مانجمنت”: “لا تزال احتمالات التقلبات قائمة”، مضيفة: “لكننا نرى أن هذا لا ينبغي أن يمنع المستثمرين من ضخ السيولة في السوق، خاصة في ظل استمرار توقعاتنا بتحقيق الأسهم الأميركية مكاسب خلال 12 شهراً، ومع انخفاض متوقع لكل من أسعار الفائدة وعوائد النقد مع تقدم العام”.
وأشار استراتيجيون في “دويتشه بنك”، من بينهم باراغ ذاتّي، إلى أن مؤشر “إس آند بي 500” قد تعافى بالكامل من موجة بيع في أقل من شهرين، مسجلاً أقصر موجة “صدمة تقلب” في تاريخه.
أما ليزا شاليت من “مورغان ستانلي ويلث مانجمنت” فاعتبرت أن “الخوف، والاستسلام، والمراكز غير المتوازنة، كانت وراء الارتداد الذي تجاوز 20% في مؤشر إس آند بي 500″، مضيفة: “رغم أن الأسواق بطبيعتها استباقية، إلا أن موجة الصعود الحالية ما زالت تفتقر إلى رواية موثوقة”.
التضخم في دائرة الضوء
مع اقتراب صدور قراءة رئيسية للتضخم يوم الأربعاء، ودخول الاحتياطي الفيدرالي فترة التعتيم الإعلامي قبيل قراره بشأن أسعار الفائدة في 18 يونيو، يسعى مدراء الأموال إلى تحديد ما قد يدفع مؤشر “إس آند بي 500” إلى مستوى قياسي جديد، بعد صعوده بنسبة 20% من أدنى مستوياته في أبريل.
وقال سام ستوفال من “سي إف آر إيه” إنه في حال تجاوز المؤشر مستواه القياسي المسجل في فبراير، فسيكون ذلك التصحيح (تراجع بين 10 و19.9%) رقم 25، منذ الحرب العالمية الثانية.
وأضاف: “استناداً إلى التاريخ، ارتفع مؤشر إس آند بي 500 بمتوسط 10% خلال 127 يوماً تقويمياً بعد انتهاء جميع التصحيحات الـ24 السابقة منذ الحرب العالمية الثانية”.
وتابع أن “الاستمرار في تسجيل قراءات تضخم متراجعة إلى جانب بيانات توظيف لا تزال قوية، عوامل ينبغي أن تساعد في إطالة أمد هذا الارتفاع وتعزيز زخمه”.
علاوة المخاطر على الأسهم لا تزال منخفضة
بحسب استراتيجيي “بلومبرغ إنتليجنس” جينا مارتن آدامز ومايكل كاسبر، فإن علاوة المخاطر على الأسهم الأميركية، أي الفارق بين عائد أرباح الأسهم وعائد سندات الخزانة لأجل 10 سنوات، هي حالياً سالبة، دون متوسطها طويل الأجل، ولا تزال على الأرجح منخفضة جداً بحيث لا تدعم توقعات بتحقيق عوائد قوية مستقبلاً.
ومع ذلك، أشاروا إلى أن علاوة مخاطر سالبة أو منخفضة لا تعني بالضرورة عوائد مستقبلية ضعيفة. فقد كانت سلبية لفترتين طويلتين في مرحلة ما بعد الحرب العالمية الثانية، من أكتوبر 1968 إلى أكتوبر 1973، ومن سبتمبر 1980 إلى يونيو 2002. خلال الفترة الأولى، حققت الأسهم مكاسب سنوية قدرها 1.1%، لكنها قفزت بنسبة 10% سنوياً في الفترة الثانية.
وبحسب “بلومبرغ إنتليجنس”، فإن موجة الصعود الممتدة بين عامي 1980 و2002 تزامنت مع ارتباط سلبي على مدى 52 أسبوعاً بين أسعار الأسهم وعوائد السندات، ما يشير إلى أن اتجاهات التضخم قد تكون العامل الحاسم في مدى فعالية هذا المؤشر. غير أن هذا الارتباط عاد إلى الاتجاه الإيجابي في أبريل الماضي.