صناديق تعدين الذهب تخسر التدفقات رغم أداء الأسهم والذهب

يسحب المستثمرون أموالهم من الصناديق المتداولة في البورصة التي تتبع أسهم شركات تعدين الذهب، في إشارة إلى أن جاذبية هذا القطاع الذي شهد أداءً قوياً قد تتلاشى، حتى مع استمرار ارتفاع أسعار المعدن الثمين.
قفزت أسهم شركات تعدين الذهب العام الجاري، متجاوزة الارتفاع البالغ 24% في أسعار الذهب، ومتقدمة بفارق كبير على مؤشر “إس آند بي 500″، مع سعي المستثمرين إلى الأصول الآمنة وسط المخاوف المتعلقة بالتجارة العالمية والإنفاق الحكومي الضخم. وارتفع صندوق “فان إيك غولد ماينرز” (VanEck Gold Miners ETF)، وهو أكبر صندوق متداول في البورصة يتتبع هذا القطاع، بنسبة 57% منذ بداية العام الجاري.
أداء قوي لم يمنع التدفقات الخارجة
هذا الأداء لم يمنع المستثمرين من الخروج خلال الأشهر الماضية. شهد صندوق “فان إيك”صافي تدفقات خارجة في كل شهر من العام الجاري باستثناء شهر مايو. ويواجه آخرون ضغوط بيع مماثلة؛ إذ شهد صندوق “سبروت غولد ماينرز” (Sprott Gold Miners) المتداول في البورصة تدفقات خارجة في مايو، حتى مع تسجيل أسعار السبائك مستوى قياسي.
قال جون شيامباليا، الرئيس التنفيذي والمدير الإداري الأول لدى “سبروت لإدارة الأصول” (Sprott Asset Management LP): “الناس يبيعون فعلياً صناديق أسهم تعدين الذهب المتداولة في البورصة خلال الارتفاع… لا نرى أموالاً جديدة تدخل إلى القطاع بشكل عام”.
تدفع مجموعة من العوامل هذه التدفقات الخارجة، إذ قال غريغ تايلور، كبير مسؤولي الاستثمار في شركة “بيندر فاند كابيتال مانجمنت” (PenderFund Capital Management Ltd)، إن سنوات تجاوز الإنفاق حدود الميزانيات من قبل شركات تعدين الذهب جعلت المستثمرين يتوجسون من الاحتفاظ بأسهمها لفترة طويلة، رغم أن بعض الشركات أصبحت أكثر انضباطاً في الإنفاق.
وأوضح: “معظم الناس ينظرون إلى هذا القطاع باعتباره قطاع تداول وليس قطاع للشراء لآجال طويلة”.
اهتمام بأسهم التكنولوجيا وبتكوين
أشار تايلور أيضاً إلى أن الارتفاع القوي في أسهم التعدين قد دفع المتداولين إلى البحث عن مكاسب في زوايا أخرى من السوق، مثل أسهم التكنولوجيا و”بتكوين”. وقد ارتفع مؤشر “ناسداك 100” المُثقل بأسهم التكنولوجيا بنسبة 10% منذ نهاية أبريل، مقارنة بارتفاع نسبته 8.4% في صندوق “فان إيك”.
في مذكرة بحثية بتاريخ 29 مايو، حثّ محللو “بنك أوف أمريكا سيكيوريتيز” (BofA Securities) المستثمرين على “شراء النفط، لا الذهب”، مشيرين إلى أن فئتي الأصول “تتداولان عند طرفي نقيض من طيف القيمة النسبية”. وأشار البنك إلى أن مؤشر “إس آند بي 500” يتداول عند أعلى مكرر ربحية له مقارنة بسعر خام غرب تكساس الوسيط منذ الجائحة، ما يشكّل نقطة دخول جيدة للنفط الذي يتداول بمكرر ربحية عند متوسطه التاريخي المعتاد نسبة للذهب.
أسهم تعدين الذهب ما تزال جذابة
مع ذلك، سارع مؤيدو المعادن الثمينة إلى الإشارة إلى السمات الأكثر جاذبية لهذا القطاع. من بين هذه السمات تقييمات الأسهم مقارنة بأرباح الشركات؛ فرغم الارتفاع الأحدث، تبقى أسهم شركات التعدين رخيصة نسبياً مقارنة بمستوياتها التاريخ، إذ عزز ارتفاع أسعار الذهب الأرباح. وتتداول أسهم شركة “نيوماونت” (Newmont Corp)، وهي أكبر شركة تعدين من حيث القيمة السوقية، بمكرر ربحية 13 مرة، مقارنة بمتوسط بلغ 20 مرة خلال السنوات الخمس الماضية.
وكتب المحلل أوفايس حبيب من “سكوشيا كابيتال” (Scotia Capital Inc) في مذكرة يوم الخميس أن أسهم شركات تعدين الذهب تتداول وكأن إجمالي مواردها من الذهب تُقدَّر بـ1454 دولاراً للأونصة، أي أقل بكثير من السعر الفوري للذهب، الذي بلغ 3,380 دولاراً للأونصة بعد ظهر يوم الخميس.
قالت بروك ثاكراي، المحللة البحثية في “غلوبال إكس” (Global X)، إن انخفاض تكاليف المدخلات، مثل أسعار النفط والديزل الأرخص، يمكن أن يُعزز عوائد شركات التعدين في الفصول المقبلة من خلال زيادة التدفقات النقدية.
البنوك المركزية تواصل الشراء
ومن العوامل الداعمة الأخرى، استمرار البنوك المركزية في شراء الذهب بوتيرة مستقرة، لذا يتوقع بعض المحللين أن تواصل أسعار الذهب ارتفاعها وأن يستمر دعم أسهم شركات التعدين. ويقدّر محللو “غولدمان ساكس” أن البنوك المركزية تشتري 80 طناً مترياً من الذهب شهرياً. ويقدر مجلس الذهب العالمي أن البنوك المركزية وصناديق الثروة السيادية تشتري مجتمعةً 1000 طن سنوياً، أي ما لا يقل عن ربع الإنتاج السنوي المُستخرج من الذهب.
قالت ثاكراي: “استمر وجودهم في السوق، وهم فعلياً غير مبالين بالأسعار”.