الأسهم الأوروبية ترتفع بعد تأجيل ترمب فرض رسومه والدولار يتراجع

ارتفعت الأسهم الأوروبية إلى جانب العقود الآجلة للأسهم الأميركية، بعد أن مدّد الرئيس الأميركي دونالد ترمب المهلة المتعلقة بفرض رسوم جمركية صارمة على منطقة اليورو، ما عزز النمط المتكرر المتمثل في ترك الأسواق في حالة ترقب، عبر إطلاق تهديدات تجارية ثم التراجع عنها لاحقاً.
ومسح مؤشر “ستوكس يوروب 600” خسائر يوم الجمعة، التي جاءت على خلفية تهديد ترمب بفرض رسوم بنسبة 50% على الاتحاد الأوروبي. وقال الرئيس الأميركي لاحقاً إنه وافق على تأجيل موعد فرض هذه الرسوم إلى 9 يوليو بدلاً من 1 يونيو.
وارتفعت عقود مؤشري “إس آند بي 500″ و”ناسداك 100” بأكثر من 1%. فيما استقر مؤشر الدولار بالقرب من أدنى مستوى له خلال نحو عامين. أما سندات الخزانة الأميركية، فلم تُتداول بسبب العطلات في كل من المملكة المتحدة والولايات المتحدة.
الحرب التجارية تحرك الأسواق
عادت الحرب التجارية لتكون المحرك الرئيسي للأسواق مرة أخرى، بعدما كانت المخاوف بشأن التخفيضات الضريبية المقترحة من ترمب وتأثيرها على العجز الأميركي قد سيطرت على حركة الأسواق معظم الأسبوع الماضي.
وعمقت تحركات ترمب المتقلبة من حالة عدم اليقين في الأسواق، إذ شكّل هجومه العنيف على أوروبا يوم الجمعة، ثم تراجعه لاحقاً، تذكيراً صارخاً بطبيعته سياساته المتقلبة.
وقال يوشن ستانزل، كبير محللي السوق في “سي إم سي ماركتس”: “يبدو أن سوق الأسهم ترقص على أنغام ترمب: تهديد أولاً، ثم تراجع، يعقبه انتعاش سريع، في ظل توقع المستثمرين المضاربين بأن يقدم الرئيس الأميركي تنازلاً”.
وأضاف: “إن تأكيد هذه التوقعات صباح اليوم يعزز ما يُعرف بـ‘نمط ترمب‘، الذي يُنظر إليه بشكل متزايد كاستراتيجية ناجحة للمستثمرين الذين يتحملون المخاطر”.
محادثات بين أوروبا وترمب
جاء قرار ترمب بتمديد المهلة بعد مكالمة هاتفية مع رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين.
وكانت فون دير لاين، التي تقود الذراع التنفيذية للاتحاد الأوروبي، قد كتبت في منشور على منصة “إكس” الأحد، أن “أوروبا مستعدة للمضي قدماً في المفاوضات بسرعة وحزم”، لكنها أضافت أن “الاتفاق الجيد سيحتاج وقتاً حتى 9 يوليو”، وهو الموعد الذي كان من المفترض أن تنتهي فيه مهلة التسعين يوماً التي أعلنها ترمب بشأن تعليق ما يُعرف بالرسوم المتبادلة.
وقال فريدريك روزييه، مدير محفظة لدى “ميرابو فرنسا”: “ما بدأ يقلقنا قليلاً هو أن وتيرة التعافي بعد كل موجة بيع بدأت تضعف مع مرور الوقت”.
وأضاف: “يمكننا أن نشعر بإرهاق المستثمرين من هذا التردد، وهناك خطر بأن تتآكل شهية المخاطرة، بينما تدور الأسواق في حلقة مفرغة من التهديدات الجمركية. الشيء الوحيد المؤكد هو أنه حتى لو تم التوصل إلى اتفاق، فستكون هناك تكلفة على الأسهم الأوروبية”.
وشملت تهديدات ترمب يوم الجمعة أيضاً فرض رسوم بنسبة 25% على الهواتف الذكية إذا لم تقم شركات مثل “أبل” و”سامسونغ إلكترونيكس” بنقل الإنتاج إلى الولايات المتحدة.
ومن بين التحركات الفردية في أوروبا، قفز سهم “تيسين كروب” بأكثر من 8% بعد تقرير أفاد بأن الرئيس التنفيذي للشركة يخطط لتحويلها إلى شركة قابضة، ما يسمح بخفض التكاليف العامة عبر بيع المزيد من الوحدات. كما ارتفع سهم “فولفو كار” بما يصل إلى 4.9% بعد إعلانها عن خطة لإلغاء نحو 7% من قوتها العاملة حول العالم لخفض التكاليف وحماية الأرباح.
ضعف الإقبال على الأصول الأميركية
تظهر التوترات التجارية وضعف الإقبال على الأصول الأميركية، في أداء الدولار. إذ كان مؤشر بلومبرغ الفوري للدولار في طريقه لتسجيل أدنى إغلاق له منذ يوليو 2023، بينما بات الدولار عند مستويات رئيسية أو قريبة منها أمام عدد من العملات، من بينها اليورو والجنيه الإسترليني والين والفرنك السويسري.
وقد تلاشى الحماس تجاه العملة الاحتياطية العالمية هذا العام. وبحسب بيانات لجنة تداول السلع الآجلة (CFTC) التي نُشرت يوم الجمعة، بقي المضاربون متشائمين تجاه الدولار، لكنهم خفّضوا رهاناتهم إلى 12.4 مليار دولار في الأسبوع المنتهي في 20 مايو، مقارنة بـ16.5 مليار دولار في الأسبوع السابق.
الأسواق تترقب نتائج أعمال “إنفيديا”
ستكون نتائج أعمال شركة “إنفيديا” يوم الأربعاء حدثاً رئيسياً للأسواق هذا الأسبوع. وتُعدّ شركة تصنيع الرقائق بمثابة مؤشر مهم لأسهم النمو، ولقوة استمرار طفرة الذكاء الاصطناعي. وتكتسب التوقعات الخاصة بها أهمية بالغة في ظل المخاطر الاقتصادية الكلية وحالة عدم اليقين المرتبطة بالرسوم الجمركية.
كما يستعد المستثمرون أيضاً لمتابعة مؤشر أسعار نفقات الاستهلاك الشخصي في الولايات المتحدة، الذي يُستثنى منه الغذاء والطاقة، وهو المعيار المفضل للاحتياطي الفيدرالي لقياس التضخم، والمقرر صدوره يوم الجمعة. ومن المتوقع أن ترتفع القراءة لشهر أبريل بنسبة 0.1%.
في سياق آخر، تشير مؤشرات الازدحام في موانئ شمال أوروبا وغيرها من المناطق، إلى أن الحروب التجارية قد تؤدي إلى اضطرابات بحرية على مستوى العالم، ما قد يرفع تكاليف الشحن.