ترمب يدعم شراكة “يو إس ستيل” و”نيبون” بعد مراجعة الأمن القومي

أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترمب دعمه لاتفاق الشراكة بين شركة “يو إس ستيل” الأميركية وشركة “نيبون ستيل” اليابانية، مؤكداً أن هذه الشراكة ستُبقي الشركة الأميركية العريقة داخل الولايات المتحدة الأميركية.
قال ترمب في منشور على منصة “تروث سوشيال” أمس: “أفخر بالإعلان أنه، وبعد الكثير من الدراسة والتفاوض، ستبقى شركة يو إس ستيل في أميركا، وستحافظ على مقرها في مدينة بيتسبرغ العظيمة.. سيضمن نهجي في فرض الرسوم الجمركية أن يظل الفولاذ يُصنع في أميركا إلى الأبد”.
أضاف ترمب أن هذه الشراكة ستُسهم في خلق ما لا يقل عن 70 ألف وظيفة، وستضيف 14 مليار دولار إلى الاقتصاد الأميركي، مشيراً إلى أن “معظم هذا الاستثمار” سيتم خلال الأشهر الـ14 المقبلة. كما أعلن أنه سيشارك في فعالية يوم 30 مايو مقرر إقامتها في بيتسبرغ.
جاء هذا الإعلان بعد ساعات من تأكيد البيت الأبيض أن ترمب تلقى توصية من لجنة الاستثمار الأجنبي في الولايات المتحدة الأميركية، وهي لجنة أمن قومي منوط بها مراجعة الشراكات.
وجاءت بيانات من كلا الشركتين يوم الجمعة، إلى جانب تصريح من حاكم ولاية بنسلفانيا، جوش شابيرو –وهي الولاية التي تحتضن مقر شركة “يو إس ستيل”– مشيدة بالاتفاق، لكنها لم تتضمن تفاصيل أخرى.
وحسب مكتب إحصاءات العمل الأميركي، فإن نحو 85 ألف شخص يعملون حالياً في مصانع الصلب الأميركية.
وقالت شركة “يو إس ستيل” في بيان: “ستبقى يو إس ستيل شركة أميركية، وسنصبح أكبر وأقوى من خلال شراكتنا مع نيبون ستيل التي ستجلب استثمارات ضخمة، وتكنولوجيا جديدة، وآلاف الوظائف خلال السنوات الأربع المقبلة”.
نقطة تحول للصناعة
أما شركة “نيبون ستيل” اليابانية، فقالت في بيانها إن “الشراكة تُعد نقطة تحول– ليس فقط للشركتين، ولكن لصناعة الصلب الأميركية وقاعدة التصنيع الأميركية بأكملها”. ووصفت كلتا الشركتين ترمب بأنه “جريء”.
ورغم أن البيت الأبيض رفض تقديم مزيد من التفاصيل، إلا أن وسائل إعلام يابانية، من بينها “نيكاي” و”كيودو نيوز”، أفادت بأن صفقة الاستحواذ تمّت الموافقة عليها، نقلاً عن أشخاص أميركيين لم يُفصح عن أسمائهم.
جاء هذا الإعلان غير المتوقع عبر وسائل التواصل الاجتماعي بعد تأكيد البيت الأبيض أن ترمب تلقى توصية من لجنة الاستثمار الأجنبي في الولايات المتحدة، التي كانت تراجع صفقة الاستحواذ المقترحة.
وكان ترمب صرح مراراً بأنه يجب أن تكون هناك شراكة استثمارية، وليس تملكاً كاملاً كما اتفقت الشركتان في عام 2023. وفي يناير، كان الرئيس السابق جو بايدن قد منع الصفقة، مشيراً إلى مخاوف تتعلق بالأمن القومي.
ودافع مؤيدو الاندماج عن الصفقة، قائلين إن “نيبون ستيل” يمكنها إحياء الشركة الأميركية المتعثرة عبر تحديث الأصول المتهالكة، وزيادة الطاقة الإنتاجية، وتبادل التكنولوجيا.
معارضو الصفقة
لكن الصفقة واجهت معارضة من نقابة “عمال الصلب المتحدين” ذات النفوذ، والتي تدير مصانع يو إس ستيل في منطقة “حزام الصدأ” الأميركية. وانتقد رئيس النقابة، ديفيد مكول، الصفقة بشدة لأنها تمت دون مشاورة النقابة. ولم ترد النقابة على طلب للتعليق مساء الجمعة.
كان ترمب، وبايدن، والمرشحة الديمقراطية للرئاسة لعام 2024 كامالا هاريس، عارضوا الصفقة وأصروا على أن تبقى الشركة بيد الأميركيين.
وأنهت أسهم “يو إس ستيل” يوم الجمعة بارتفاع بنسبة 21% لتصل إلى 52.01 دولار. وكانت الشركة وافقت في ديسمبر 2023 على البيع إلى “نيبون ستيل” مقابل 55 دولاراً للسهم نقداً بالكامل.
يأتي هذا التحول المفاجئ في وقت تجري فيه الولايات المتحدة واليابان مفاوضات تجارية ضمن حزمة أوسع من الرسوم الجمركية فرضها ترمب.
مفاوضات تجارية
والتقى كبير المفاوضين التجاريين اليابانيين، ريوسي أكازاوا، مع وزير التجارة الأميركي هاوارد لوتنيك والممثل التجاري الأميركي جيميسون غرير في واشنطن ضمن الجولة الثالثة من محادثات الرسوم الجمركية. وجاء ذلك بعد مكالمة هاتفية بين ترمب ورئيس الوزراء الياباني شيغيرو إيشيبا، اتفقا فيها على لقاء مباشر الشهر المقبل في كندا ضمن قمة قادة مجموعة السبع.
رفض أكازاوا التعليق على مسألة الصلب يوم الجمعة، وقال إنه سينتظر حتى صدور إعلان رسمي. أما بخصوص مفاوضات الرسوم الجمركية، فأوضح أن المفاوضين يأخذون في الحسبان اجتماع القادة في يونيو، لكنه أضاف أن التسرع في التوصل لاتفاق ليس قراراً حكيماً.
وتواجه اليابان رسوماً جمركية أميركية بنسبة 25% على السيارات والفولاذ والألمنيوم، بالإضافة إلى رسم عام بنسبة 10% على جميع السلع، ومن المتوقع أن يرتفع إلى 24% في أوائل يوليو إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق تجاري، بعد انتهاء فترة التجميد البالغة 90 يوماً.
وأعلنت شركات صناعة السيارات اليابانية، بما فيها “تويوتا موتور”، عن خسائر متوقعة بمليارات الدولارات نتيجة هذه الرسوم. ومع انكماش الاقتصاد الياباني في الربع الأخير، فإن إيشيبا يواجه خطر دخول اليابان في ركود اقتصادي إذا لم تهدأ الضغوط التجارية.
ومن المتوقع أن يواصل أكازاوا تنقلاته بين العواصم حتى الأسبوع المقبل، إذ سيجتمع أيضاً مع وزير الخزانة الأميركي سكوت بيسنت، أحد اللاعبين الرئيسيين في الجولتين السابقتين من محادثات الرسوم، في واشنطن في 30 مايو.
عهد جديد لشركة الصلب
وقد يمهد دعم ترمب الطريق لعهد جديد لشركة الصلب الأميركية التي كانت يوماً ما أكبر شركة في العالم. لكن “نيبون ستيل” ستضطر لإقناع مساهميها بسبب استمرار تشغيل الأصول القديمة، والأقل كفاءة، والأعلى تكلفة.
وقال رئيس النقابة مكول مراراً إن الاستثمارات في المصانع ستجعلها الأكثر كفاءة في العالم، وإنها ستبقى قادرة على المنافسة لعقود قادمة. لكنه ظل غير مقتنع بوعود “نيبون ستيل” منذ إعلان الصفقة.
وأضاف في رسالة نصية في وقت سابق هذا الأسبوع: “وعدهم دائماً ما يكون مشروطاً باستثناءات تتيح لهم التراجع عن أقوالهم. لا شيء يجعلني أعتقد أن هذا ليس مجرد محاولة يائسة أخرى”.