موجة الشراء عند هبوط الأسعار تنعش مؤشرات وول ستريت

أدّت موجة جديدة من عمليات الشراء عند تراجع الأسعار إلى انتعاش الأسهم الأميركية من أدنى مستوياتها خلال الجلسة، بينما تجاهل المتداولون خفض تصنيف الولايات المتحدة من قبل وكالة “موديز”، والذي تسبب في وقت سابق بارتفاع عوائد السندات. في الوقت نفسه، تراجع الدولار.
بعد انزلاق صباحي تجاوز 1%، ارتفع مؤشر “إس آند بي 500” لليوم السادس على التوالي ليغلق على حافة سوق صاعدة. وقال عدد من الاستراتيجيين إن أي تراجع في السوق قد يشكل فرصة للشراء، وسط زخم عززته الهدنة الجمركية بين الولايات المتحدة والصين الأسبوع الماضي.
كما ارتفعت أسعار سندات الخزانة الأميركية بعد انخفاض سابق أوصل عوائد السندات لأجل 30 عاماً إلى ما يزيد على 5%. وارتفعت أسعار النفط بشكل طفيف بعد يوم متقلب من التداولات، وسط بحث المستثمرين عن مؤشرات تتعلق بمحادثات هدنة بين روسيا وأوكرانيا، وإمكانية التوصل إلى اتفاق نووي مع إيران.
فقدت الولايات المتحدة تصنيفها الائتماني الممتاز الأخير من قبل وكالة تصنيف دولية كبرى يوم الجمعة، إذ أشارت “موديز” إلى أكثر من عقد من التقاعس من قبل الإدارات المتعاقبة والكونغرس عن كبح اتجاه العجوزات المالية الكبيرة.
ترمب يتحرك لحشد دعم الجمهوريين
يعتزم الرئيس دونالد ترمب التوجه إلى الكابيتول يوم الثلاثاء، لحث الجمهوريين المنقسمين في مجلس النواب على تجاوز خلافاتهم والتوحد خلف مشروعه التشريعي لخفض الضرائب.
يرى توماس لي من “فندسترات غلوبال أدفايزرز” أن خفض “موديز” بمثابة “حدث غير جوهري إلى حد كبير”، مضيفاً أنه في حال حدوث أي ضعف في الأسهم فإنه سيقوم بـ”شراء هذا التراجع بشكل مكثف”.
وقال لي: “لا توجد أي مفاجأة هنا، فموديز تشير إلى حقائق نعرفها بالفعل، وهي العجز الأميركي الكبير. ونشك أن يكون أي مدير استثمار في الدخل الثابت قد تفاجأ. ببساطة لا توجد أخبار جديدة هنا”.
ظل مؤشر “إس آند بي 500” دون تغيّر يُذكر. وتذبذب مؤشر “ناسداك 100”. بينما ارتفع مؤشر “داو جونز الصناعي” بنسبة 0.2%. وتراجعت عوائد سندات الخزانة الأميركية لأجل 10 سنوات بمقدار نقطتي أساس إلى 4.46%. كما انخفض مؤشر “بلومبرغ للدولار الفوري” بنسبة 0.6%.
وجهات نظر متباينة حول تأثير خفض التصنيف
قال مارك هافيلي من “يو بي إس غلوبال ويلث مانجمنت”: “نرى أن هذا الإجراء الأخير بشأن التصنيف الائتماني يمثل مخاطرة معنوية أكثر من كونه تحولاً أساسياً في الأسواق”. وأضاف: “وعليه، رغم أن الخفض قد يؤثر سلباً على بعض الزخم الإيجابي الأخير، فإننا لا نتوقع أن يكون له تأثير مباشر كبير على الأسواق المالية”.
وفقاً لمايكل ويلسون من “مورغان ستانلي”، ينبغي للمستثمرين شراء الأسهم الأميركية عند التراجعات التي يغذيها خفض التصنيف الائتماني يوم الجمعة، إذ إن الهدنة التجارية مع الصين قللت من احتمالية الركود.
ويرى ويلسون أن هناك احتمالاً أكبر لتراجع الأسهم بعد أن دفع خفض “موديز” عوائد السندات لأجل 10 سنوات فوق مستوى 4.5% الحاسم. لكنه أضاف في مذكرة: “مع ذلك، سنكون من المشترين عند هذا التراجع”.
يرى ماكس كيتنر من “إتش إس بي سي هولدينغز” أيضاً أن تراجع “إس آند بي 500” على خلفية خفض “موديز” لتصنيف الولايات المتحدة يشكل فرصة محتملة.
فرصة لزيادة الانكشاف على الأسهم الأميركية
يرى كيتنر أنه لكي نشهد انخفاضاً أكثر استدامة في الأصول المحفوفة بالمخاطر، يجب أن تدخل السوق ما يعرّفه بـ”منطقة الخطر”. ويشير إلى ضرورة رؤية توقعات أسعار فائدة أعلى، وارتفاع عوائد السندات لأجل 10 سنوات إلى ما فوق 4.7%.
وقال: “ما لم يحدث ذلك، فإننا سننظر إلى أي تراجع في الأصول الخطرة كفرصة لزيادة الانكشاف”.
يتوقع ديفيد كوستين، استراتيجي لدى “غولدمان ساكس غروب”، أن تعود مجموعة “العظماء السبعة” (أبل، ألفابت، إنفيديا، أمازون، ميتا، مايكروسوفت، تسلا) لتتفوق على أداء مؤشر “إس آند بي 500” الأوسع نطاقاً، وذلك بدعم من اتجاهات الأرباح القوية.
ورغم استقرار توقعات أرباح مؤشر “إس آند بي 500” خلال الأسابيع الماضية، فإن استراتيجيي “آر بي سي كابيتال ماركتس” ما زالوا يتوقعون مزيداً من التخفيضات في تقديرات الأرباح لعام 2025.
وأشار الفريق بقيادة لوري كالفاسينا إلى أن “الارتفاع المفاجئ في سوق الأسهم الأسبوع الماضي كان مستحقاً إلى حد كبير، لكن المكاسب الإضافية من هنا قد تكون محدودة من دون تحسّن كبير آخر في التوقعات الاقتصادية العامة”. وأضافوا أن السوق قد تكون “متقدمة قليلاً على نفسها من منظور أساسي”.
الأسواق تبحث عن محفزات جديدة
من جهته، قال كريس لاركن من “إي تريد” التابعة لـ”مورغان ستانلي”: “بدأ البحث عن محفزات جديدة للسوق”.
وأوضح أن مؤشر “إس آند بي 500” أنهى الأسبوع الماضي على ارتفاع منذ بداية العام، وعلى بعد أكثر بقليل من 3% فقط من أعلى مستوياته على الإطلاق. وأضاف: “سواء أغلق هذا الفجوة قريباً أم لا، فإن الحفاظ على الارتفاع يعتبر مسألة أخرى”.
في الأثناء، ارتفعت عوائد سندات الخزانة الأميركية طويلة الأجل، والتي كانت قد بدأت بالارتفاع بالفعل قبل بيان “موديز”، وتجاوزت لفترة وجيزة 5%، وسط قلق المستثمرين بشأن عبء الديون المتصاعد.
تحذيرات من كارثة مالية
بلغ عجز الميزانية الأميركية أكثر من 6% من الناتج المحلي الإجمالي خلال العامين الماضيين، وهو مستوى مرتفع بشكل غير معتاد خارج أوقات الركود الاقتصادي أو الحروب العالمية.
وقال كلارك جيرانن، كبير استراتيجيي السوق لدى “كالباي إنفستمنتس”، إن “خفض التصنيف الائتماني للولايات المتحدة يضاف إلى قائمة طويلة من عوامل عدم اليقين التي تقيّمها سوق الأسهم حالياً، بما في ذلك الرسوم الجمركية، والعوامل المالية، والتضخم، والتحديات الاقتصادية”.
وحذّر جيم ميلشتاين، الرئيس المشارك في “غوغنهايم سيكيوريتيز”، من أن المشرعين في واشنطن يخاطرون بـ”كارثة مالية” في حال حدوث ركود، وذلك في ظل المضي قدماً بخطة شاملة لخفض الضرائب.
وقال ميلشتاين في مقابلة مع تلفزيون “بلومبرغ” إن “العجز الحالي البالغ 6.4% من الناتج المحلي الإجمالي، أي 2.4 تريليون دولار، يمكن أن يرتفع بسهولة إلى 4 تريليونات دولار في حال حدوث ركود”.
وأضاف أن تقديرات تكلفة حزمة الجمهوريين الحالية “تفترض نمواً اقتصادياً مستمراً. لكن تخيل أن ركوداً وقع. ففي حالات الركود الخمسة أو الستة الأخيرة، كان عجز الموازنة يتضخم فعلياً لأن الإيرادات الضريبية تتراجع والإنفاق يرتفع”.
موعد خفض أسعار الفائدة
في السياق ذاته، ألمح اثنان من مسؤولي الاحتياطي الفيدرالي، من بينهم رئيس فرع نيويورك جون ويليامز، إلى أن صناع السياسات ربما لا يكونون مستعدين لخفض أسعار الفائدة قبل سبتمبر، وسط ضبابية في التوقعات الاقتصادية.
وقال ويليامز يوم الإثنين، خلال مؤتمر نظمته “رابطة المصرفيين العقاريين”: “لن يكون شهر يونيو هو الشهر الذي نفهم فيه ما الذي يحدث، ولا حتى يوليو”. وأضاف: “سيكون الأمر بمثابة عملية لجمع البيانات، والحصول على صورة أوضح، ومتابعة التطورات”.
واعتمد رئيس الاحتياطي الفيدرالي في أتلانتا، رافاييل بوستيك، لهجة مشابهة في مقابلة سابقة يوم الإثنين، مشيراً إلى عدم استعداده لتحريك أسعار الفائدة في المستقبل القريب.