خفض تصنيف الولايات المتحدة يضغط على عقود الأسهم والدولار

تراجع الدولار إلى جانب العقود الآجلة لمؤشرات الأسهم الأميركية في التداولات الآسيوية المبكرة، بعدما قامت وكالة “موديز” للتصنيف الائتماني بسحب التصنيف الأعلى للحكومة الأميركية، مشيرة إلى اتساع العجز في الميزانية، الذي قالت إنه يُظهر إشارات قليلة على التراجع.
هبطت العقود الآجلة لمؤشر “إس آند بي 500” بنسبة 0.7%، وانخفضت العقود الآجلة لمؤشر “ناسداك 100” بنسبة 1%، بعد أن خُفّض التصنيف درجة واحدة إلى “Aa1” من “Aaa” يوم الجمعة. وتراجع مؤشر “بلومبرغ” للدولار بنسبة 0.2%، واتّسع منحنى العائد على سندات الخزانة الأميركية.
انخفضت المؤشرات الآسيوية، في حين قلّصت الأسهم الصينية المدرجة في هونغ كونغ خسائرها، بعدما أظهرت بيانات أن الإنتاج الصناعي في الصين نما في أبريل بوتيرة أسرع من المتوقع. وارتفع الذهب بنسبة 0.6%، مدعوماً بتزايد الإقبال على الأصول الآمنة في ظل تنامي المخاوف بشأن آفاق الاقتصاد الأميركي وعجز الميزانية.
وقد يفاقم هذا الخفض في التصنيف من قلق وول ستريت المتنامي بشأن سوق السندات السيادية الأميركية، ويعيد إلى الواجهة المخاوف من موجة “بيع أصول أميركا” التي أثارتها حرب ترمب التجارية.
ويأتي هذا الخفض في وقت يناقش الكونغرس الأميركي تخفيضات ضريبية جديدة غير ممولة، فيما يبدو أن الاقتصاد يتجه نحو التباطؤ، مع قلب ترمب لشراكات طويلة الأمد، وإعادة التفاوض على الاتفاقات التجارية.
رمزية الخفض وتأثيره في ثقة السوق
قالت تشارو تشانانا، كبيرة استراتيجيي الاستثمار في “ساكسو ماركتس” في سنغافورة إن “خفض موديز رمزي أكثر مما هو تحول جوهري”، مضيفة أنه “يضعف الثقة، خاصةً في ظل تصدر المخاوف من الدين والعجز للمشهد. هناك خطر من أن يتحول هذا إلى قضية سياسية”.
وبهذا تنضم “موديز” إلى وكالتي “فيتش” و”إس آند بي” في تصنيف أكبر اقتصاد في العالم دون الدرجة الثلاثية الممتازة. ويأتي الخفض بمقدار درجة واحدة، بعد أكثر من عام على تغيير “موديز” نظرتها المستقبلية لتصنيف الولايات المتحدة إلى سلبية. أما الآن، فقد عدّلت النظرة إلى مستقرة.
ورغم اعتراف “موديز” بالقوة الاقتصادية والمالية الكبيرة للولايات المتحدة، إلا أنها لم تعد ترى أن هذه العوامل تعوّض بالكامل تدهور المؤشرات المالية، بحسب ما قالت شركة التصنيف.
من جانبه، قلل وزير الخزانة الأميركي سكوت بيسنت من أهمية القلق بشأن ديون الحكومة الأميركية والتأثير التضخمي للرسوم الجمركية، قائلاً إن إدارة ترمب عازمة على خفض الإنفاق الفيدرالي وتنمية الاقتصاد.
اتساع منحنى العائد على سندات الخزانة
اتّسع منحنى العائد على سندات الخزانة الأميركية، حيث تراجع العائد على السندات لأجل عامين بمقدار 3 نقاط أساس، في حين ارتفع العائد على السندات لأجل 30 عاماً بنقطة أساس واحدة. وتُعد السندات قصيرة الأجل أكثر حساسية لمسار أسعار الفائدة الأميركية، بينما تتأثر السندات الأطول أجلاً بتوقعات حجم الدين الأميركي الكبير على المدى الطويل.
وقال رودريغو كاتريل، الاستراتيجي في “بنك أستراليا الوطني” في سيدني، إن خبر “موديز” لم يدعم الدولار، رغم ارتفاع عوائد سندات الخزانة.
وأضاف: “هذا تذكير بأن التوسع المالي المفرط أصبح موضع تركيز الأسواق، حيث بات المستثمرون يطلبون علاوة إضافية مقابل استعدادهم لإقراض الولايات المتحدة”.
وكتب مايكل شوماخر وأنجيلو مانولاتوس، الاستراتيجيان لدى “ويلز فارغو آند كو.”، في مذكرة للعملاء، إنهما يتوقعان ارتفاع عوائد السندات الأميركية لأجل 10 سنوات و30 سنة بمقدار 5 إلى 10 نقاط أساس إضافية استجابةً لتخفيض “موديز”.
وسيكون ارتفاع العائد على السندات لأجل 30 سنة بمقدار 10 نقاط أساس كافياً لرفعه فوق 5%، وهو أعلى مستوى له منذ نوفمبر 2023، ويقترب من ذروة ذلك العام، حين بلغت المعدلات مستويات لم تُسجّل منذ منتصف عام 2007.
لاغارد تحذر من فقدان الثقة في السياسات الأميركية
من جهتها، حذرت رئيسة البنك المركزي الأوروبي كريستين لاغارد في مقابلة نُشرت مع صحيفة “لا تريبيون ديمانش” يوم السبت، إن تراجع الدولار مؤخراً مقابل اليورو يبدو غير منطقي، لكنه يعكس “حالة من عدم اليقين وفقدان الثقة في السياسات الأميركية” في بعض أوساط الأسواق المالية.
وقالت تريسي تشين، مديرة محفظة لدى “براندواين غلوبال إنفستمنت مانجمنت”، إن “الخفض قد يعني أن المستثمرين سيطلبون عوائد أعلى على سندات الخزانة”. وأضافت أنه رغم أن الأصول الأميركية ارتفعت عقب تخفيضات التصنيف السابقة من “فيتش” و”إس آند بي”، “يبقى أن نرى ما إذا كانت السوق ستتفاعل بشكل مختلف هذه المرة، في ظل بعض الغموض بشأن صفة الملاذ الآمن لسندات الخزانة والدولار الأميركي”.
الصين تسجل مفاجأة اقتصادية
في آسيا، نما الإنتاج الصناعي في الصين بوتيرة أسرع من المتوقع في أبريل، ما يسلّط الضوء على صمود ثاني أكبر اقتصاد في العالم ويعزز التفاؤل بالنمو، عقب التهدئة السريعة في التوترات التجارية مع الولايات المتحدة.
وارتفعت مبيعات التجزئة، وهي مقياس رئيسي للاستهلاك، بنسبة 5.1%، مقابل ارتفاع قدره 5.9% في الشهر السابق، وجاءت دون توقعات الاقتصاديين.
في الأثناء، قلّصت الصين حيازاتها من سندات الخزانة الأميركية في مارس، لتحل المملكة المتحدة مكانها كثاني أكبر مالك أجنبي لهذه السندات.