“S&P”: الإمارات ستصدر ديوناً بالدرهم بقيمة 18 مليار دولار العام الجاري

تتجه الحكومة الاتحادية لدولة الإمارات وإمارة أبوظبي لإصدار ديون بالدرهم، بهدف تطوير سوق أدوات الدين المحلية وتعزيز منحنى العائد بالدرهم، وفقاً لوكالة التصنيف الائتماني العالمية “إس آند بي” (S&P Global Ratings).
ذكرت الوكالة في تقرير لها أن الحكومة الاتحادية وأبوظبي ستطرحان معاً أكثر من 8 مليارات دولار من السندات المحلية خلال عام 2025، ضمن خطة أوسع تشمل إصدار ديون بقيمة إجمالية تبلغ نحو 18 مليار دولار من قبل حكومات الإمارات المحلية والحكومة الاتحادية، بانخفاض طفيف عن 19 مليار دولار في عام 2024.
من المقرر أن يُخصص نحو 55% من هذه الإصدارات لإعادة تمويل أو تدوير ديون حالية مستحقة. ومن بين الإمارات الثلاث المصنفة من قبل الوكالة، أبوظبي ورأس الخيمة، بالإضافة إلى الشارقة التي يُتوقع أن تصدر ديوناً لتغطية عجز مالي يُقدر بـ6.3% من الناتج المحلي الإجمالي للإمارة في عام 2025، في حين يُتوقع أن تحافظ الإمارتان الأخريتان على فوائض في ميزانياتهما.
نمو سوق الدين الإماراتية
ذكرت “إس آند بي” في تقريرها برغم أن سوق أدوات الدين بالدرهم لا تزال في مراحلها الأولى، خاصة على صعيد الإصدارات المحلية، إلا أنها تشهد توسعاً مطّرداً. منذ بدء الحكومة الاتحادية في جمع الديون عام 2021، تم إصدار نحو 27 مليار درهم (ما يعادل 7.3 مليار دولار) من السندات والصكوك بالعملة المحلية، أي ما يمثل 42% من إجمالي الإصدارات خلال الفترة نفسها. كما أصدرت الشارقة في يوليو 2024 صكوكاً طويلة الأجل بالدرهم بقيمة مليار درهم، وأعادت في مايو إصدار شهادات صكوك قصيرة الأجل بقيمة 7 مليارات درهم. وفي المقابل، لا تزال معظم ديون الحكومة الاتحادية والإمارات مقومة بالدولار الأميركي ومملوكة من قِبل مستثمرين أو مؤسسات خارج الدولة.
ترى الوكالة أنه في ظل بيئة اقتصادية عالمية تتسم بعدم اليقين، قد تُعرض بعض الإمارات، خصوصاً الشارقة، لمخاطر ارتفاع تكاليف الاقتراض عند الاعتماد الزائد على أسواق المال الدولية. فالإمارة من بين أكثر الحكومات المصنفة مديونية، إذ يبلغ الدين الحكومي الصافي نحو 50% من الناتج المحلي الإجمالي، في حين يشكل عبء الفوائد حوالي 30% من الإيرادات الحكومية، وهي من أعلى النسب بين الدول السيادية التي تصنفها “إس آند بي”. ورغم ذلك، حظيت إصدارات الشارقة الأخيرة من الصكوك بترحيب واسع من قبل المستثمرين.
بنوك الإمارات مستعدة لامتصاص صدمات التمويل
يمكن للبنوك الإماراتية، التي تتمتع برأسمال قوي وسيولة مرتفعة، أن توفر التمويل اللازم في حال تعذر الحصول عليه من أسواق المال. سجلت هذه البنوك زيادة ملحوظة في حجم الودائع خلال السنوات الثلاث الماضية، ولا تزال تحافظ على نسب مطمئنة بين القروض والودائع، ما يدعم توقعات بنمو قوي للإقراض في عام 2025. وفي سيناريو أسوأ الحالات، حيث يتعذر الوصول إلى أسواق رأس المال وتتعرض البنوك لضغوط، تتوقع “إس آند بي” أن تتدخل الحكومة الاتحادية، بدعم من أبوظبي، لتقديم دعم استثنائي للإمارات.
رغم الضغوط الناتجة عن انخفاض أسعار النفط، يُرجح أن تواصل معظم الإمارات التزامها بسياسات مالية حذرة، مع الحفاظ على ميزانيات قوية. لذا، فإن العديد من الإصدارات المرتقبة قد تكون انتقائية بطبيعتها وتعتمد على ظروف السوق. فعلى سبيل المثال، قد تختار أبوظبي سداد جزء من ديونها المستحقة هذا العام، والمقدرة بنحو 6 مليارات دولار، باستخدام حصيلة الإصدارات الجديدة.
أما دبي، فقد واصلت جهودها لتقليص المديونية، بعد أن سددت 1.2 مليار دولار خلال الربع الأول من العام الجاري. ويُتوقع أن تتجه الإمارة لإصدار ديون جديدة اعتباراً من عام 2026 لتمويل مشاريع بنية تحتية كبرى، أبرزها توسعة مطار آل مكتوم الدولي، وتحديث شبكة تصريف مياه الأمطار.
في رأس الخيمة، أصدرت الحكومة صكوكاً لأجل 10 سنوات بقيمة مليار دولار في مارس الماضي، لإعادة تمويل إصدار سابق مستحق بالقيمة نفسها. على الرغم من وجود مشاريع سياحية كبيرة مرتقبة في الإمارة، تُشير التوقعات إلى أن معظم تمويلها سيتم عبر كيانات تابعة للحكومة، ما يُبقي على الالتزامات المحتملة ضمن مستويات يمكن التحكم بها.
ترى “إس آند بي” أن الإصدارات المنتظمة للسندات المحلية من قبل أبوظبي والحكومة الاتحادية ستسهم في تسريع بناء منحنى عائد مرجعي بالدرهم، يُمكن استخدامه لتسعير إصدارات البنوك والشركات، وتعزيز دخول المصدرين الأصغر إلى أسواق رأس المال، ما يُسهم في تنويع قاعدة التمويل في الدولة.
ورغم ذلك، تتوقع الوكالة أن تبقى البنوك المحلية وأسواق المال الدولية المصدرين الأساسيين للتمويل بالنسبة للشركات الإماراتية في المدى القريب.